هل يكون الحل الشامل بترحيل النفايات إلى الخارج؟

لا تقدم ولا ترجع على خط الأزمة الحكومية بعد أن أكدت النصائح الدولية والإقليمية المتعددة المصادر بإن اسقاط الحكومة في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة والبالغة الحساسية التي يمر بها البلد ومحيطه وجواره هو انتحار جماعي وقفز في مجهول قاتم بعواقبه الوخيمة على وجودية وكيانية وسيادة لبنان و أمنه واستقراره وسلمه الاهلي.

وفي هذا السياق، تؤكد الأوساط المتابعة أن تجاوز قطوع استقالة الحكومة لا يعني بأن الأمور بألف خير خصوصا أن مواقف البعض لا تزال متشنجة ومتوترة وتصب في خانة استمرار تعطيل انتاجية العمل الحكومي الذي ينعكس بارتداداته السلبية على صيرورة تسيير شوؤن الناس الذين لم تعد تحتمل أوضاعهم مزيدا من المناكفات والمزايدات والشعارات الشعبوية التي تقاقم من هشاشة الأوضاع السياسية والأمنية كما تفاقم من حدة أثقال الازمة المعيشية والإقتصادية والإجتماعية التي يعاني منها  جميع  اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم الطائفية والمذهبية والمناطقية على حد سواء. ومع ذلك فإن الخطاب الطائفي والمذهبي والمناطقي الفئوي لا يزال الخبز اليومي عند بعض القوى السياسية التي لا هم ولا أولوية لها سوى التعنت واطلاق المواقف النارية من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الآنية و العائلية والشخصية على حساب وجع الناس وهمومهم ومصالح البلاد.

مضيفة بأنه لم يعد مقبولا استمرار الوضع على هو عليه لناحية ان يشعر المواطن بأن مجرد انعقاد مجلس الوزراء بات يشكل انجازا او أن مجرد أن يناقش ويبحث في الملفات الملحة والضرورية للناس ولكن من دون التوصل الى حلول لها بات يشكل اعجوبة وزرارية ، سيما أن المطلوب وضع حد للفريق السياسي الذي يعطل الحكومة والبلاد شؤون العباد تارة بحجة التعيينات الأمنية والتمسك ببحث آلية العمل الحكومي وتارة أخرى بحجة استعادة حقوق طائفته التي هي مؤمنة بموجب الدستور والقوانين المرعية الإجراء دون منة من أحد، خصوصا أن التمادي فيما يجري يدفع ثمنه فقط المواطن اللبناني الذي لديه حق على حكومته الشرعية أن تتحمل كامل مسؤوليتها في تسيير شؤون البلد وتحسين أوضاعه على كافة المستويات نحو الأفضل لا أن تكتفي بمجرد انعقاد جلسات مجلس الوزراء ومناقشة الأزمات المتمادية من دون وضع الحلول العلمية والمنطقية والسليمة لمعالجتها بعيدا عن المناكفات والصراعات السياسية التي لا تنتهي.

وبعد ان ارجئت من الثلثاء الى اليوم افساحا في المجال امام الاتصالات التسووية، مرت جلسة مجلس الوزراء بهدوء. وفرضت أزمة النفايات المستفحلة منذ قرابة الأسبوعين، نفسها على الطاولة، متقدمة على آلية العمل، و تم تخطي هذه العقدة مع اقرار الجميع بضروة اعتماد نهج “التوافق” الذي كان سائدا حكوميا منذ شغور سدة الرئاسة وليس الاجماع، وخصص معظم النقاش لبحث مخارج عديدة تم طرحها، للمعضلة البيئية التي تتهدد لبنان واللبنانيين. وطالب رئيس الحكومة تمام سلام خلال الجلسة، بوضع الخلافات السياسية جانباً والعمل بصدق لإيجاد حل لمشكلة النفايات، وراى أن هناك قسماً كبيراً مما يجري يتم في العلن وقسم يتم في الخفاء، لافتا الى ان “التوافق تحول الى تعطيل، لذلك اعتمدنا مقاربة جديدة للحد من ذلك لكننا لم نفلح، واذا استمر الوضع على ما نحن فيه فلن يكون هناك جدوى من مجلس الوزراء أو من أي مجلس آخر”، مشيراً الى أنه مستعد للمساعدة في تجاوز معضلة مقاربة العمل الحكومي، وخياراته مفتوحة ومؤكدا أنه إذا اصطدم بحائط مسدود فسيلجأ اليها”.

واوضحت وزيرة المهجرين اليس شبطيني ان “أجواء الجلسة كانت ايجابية وهادئة”، مؤكدة ان “فريق التيار لم يرد على سلام عندما تحدث عن التوافق، بل أيده وقال ان التوافق هو المطلوب”، مضيفة “قد يكون هذا الفريق اقتنع، وكان متجاوبا ربما لان هناك امورا ملحة مالية وبيئية اضافة الى التعيينات التي يجب البت فيها”. واذ لفتت الى ان “المشاورات في الجلسة كانت ايجابية”، قالت شبطيني “حتى من عطّل عمل المجلس سابقا، شارك في الحديث وفي تقديم الحلول والآراء في موضوع النفايات، وطلب سلام منهم متابعة المشاركة نظرا الى اهمية مسألة النفايات، ودرس الحلول المقترحة وفق ترتيب معين، فاذا رفضوا طرحا يتم الانتقال الى آخر”. واكدت ان سلام قد يدعو الى جلسة حكومية في اي لحظة حسب تطور النقاشات في ملف النفايات.

من جهة أخرى، في وقت يستمر رفع النفايات من شوارع العاصمة ضمن إطار الحلول المرحلية المؤقتة حيث يجمع معظمها في اراض في الكرنتينا، ترتفع في الكواليس السياسية أسهم فكرة حل النفايات من خلال نقلها الى الخارج في ظل رفض اكثر من منطقة استقبال النفايات في ارضها. وعلمت “الأنباء” بأن نقل النفايات الى خارج  لبنان هو طرح جدي وقد يكون الحل الانسب للمعضلة التي يعاني منها البلد خصوصا أن المزايدات الطائفية والمذهبية والمناطقية قد قطعت الطريق على الكثير من الحلول العلمية السليمة التي كان بالإمكان اعتمادها. وبحسب المعلومات أن اعتماد حل ترحيل النفايات إلى الخارج لا يمكن تطبيقه بشكل فورى بل يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء ولبعض الإجراءات والإتصالات التي تحتاج إلى بعض الوقت ليبصر النور ويصبح واقعا على الأرض، لذلك هناك حاجة ملحة  لحلول مرحلية مؤقتة تسمح بلم النفايات من الشوارع التي تحولت إلى مكبات عشوائية خطيرة على الصحة والبيئة.

وفي السياق، دعا وزراء الكتائب خلال جلسة مجلس الوزراء الى عدم تحميل المتن وكسروان مسؤولية أزمة النفايات بعد 20 سنة من الحلول المجتزأة، فيما طرح وزير السياحة ميشال فرعون اقتراح ترحيل النفايات، وأيده الوزير أشرف ريفي الذي قال “إما أن نذهب في اتجاه طرح فرعون بترحيل النفايات وأنا أؤيده كليا، أو نذهب في اتجاه خطة تنمية شاملة في السلسلة الشرقية التي تعالج النفايات والمرامل والكسارات وزراعة المخدرات”. واشارت معلومات سياسية الى ان الوزراء وقعوا على مراسيم ترقية ضباط الاسلاك والمدرسة الحربية باستثناء وزراء تكتل “التغيير والاصلاح” و”حزب الله”. وكشفت مصادر مطلعة عن مخرج سيعتمد لتخريج التلامذة الضباط حتى لو لم يوقع المرسوم يقضي بمنحهم نجمة بيضاء ورتبة مؤهل اول بقرار من وزير الدفاع الى حين توقيع المرسوم، ليرقّوا الى رتبة ملازم.

إلى ذلك،وفي ضوء انتهاء زيارة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الى ايران من دون نتائج عملية على مستوى ملف رئاسة لبنان الذي احاله نظيره محمد جواد ظريف الى الرئيس حسن روحاني ما وضعته مصادر سياسية مراقبة في خانة ابقاء الباب مفتوحا نصف فتحة باعتبار ان طهران لم تحل فابيوس الى حزب الله كما فعلت سابقا، فان مواقف وزير خارجية فرنسا اثر عودته لم تحمل تفاؤلا اذ انه “شكّك في امكانية حصول تطوّر سريع لسياسة ايران الدولية، لكنه اعتبر ان في وسعها ان تقدم “موضوعيا” دعما مهما في مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية. وقال في حديث لاذاعة “فرانس انفو”، “يقول البعض ان “الاتفاق النووي سيحمل الايرانيين على تعديل سياستهم الاقليمية بالكامل، اما انا، فاكثر حذراً ولست واثقاً من ان يحصل تغيير في الوقت الحاضر”. واعتبرت المصادر ان تذرع ايران بانشغالها بمسار توقيع الاتفاق النووي في مؤسساتها الدستورية ومواجهة حملة الاعتراضات الداخلية لعدم اعطاء جواب في ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني مع تقديم وعود بايجابية التعاطي، يترك رقعة ولو بسيطة بالتفاؤل اذ ان طهران وخلافا لموقفها الذي ابلغته الى مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سابقا جان فرنسوا جيرو في زياراته الخمس اليها، احالت الملف الى روحاني على ان يبحث بعد الانتهاء من الاجراءات الدستورية الداخلية للاتفاق النووي.

________________

(*) – الإفتتاحية – هشام يحيى