هل نراجع الرهانات على انتصارات في سوريا؟
رفيق خوري (الأنوار)
31 يوليو 2015
حصيلة ثلاثة أشهر من المشاورات مع النظام والمعارضين واللاعبين الاقليميين والدوليين في حرب سوريا هي ابقاء جنيف-٣ على الرف. هذا ما أبلغه الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا الى مجلس الأمن. فهو اصطدم بما اصطدم به سلفاه: الحل هو العقدة. اذ بيان جنيف-١ هو الأساس الدولي الوحيد للتسوية في سوريا وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي هي جوهر البيان أكبر عقبة أمام التسوية. والدنيا تغيرت كثيراً على خارطة سوريا منذ صدر بيان جنيف-١ قبل عامين.
لكن دي ميستورا الذي اعترف بأن الأمم المتحدة مجبرة على متابعة الجهود، لم يشأ كديبلوماسي قراءة النعي المكتوب على جدران دمشق للحل السياسي: فلا تفاهم على اعطاء الأولوية للحرب على الارهاب، كما يريد النظام. ولا تفاهم على الانطلاق من الحل السياسي لنجاح الحرب على الارهاب، كما يطلب المعارضون. ولا تفاهم على المقاربة الأميركية – الروسية للتحرك على المسارين معاً في وقت واحد.
والنتيجة هي استمرار الحرب في طريق مسدود على الحل العسكري، وتمدد داعش وجبهة النصرة وكل التنظيمات السلفية والارهابية التكفيرية على الأرض، وبداية التسليم بالتقاسم مع الحرص في الخطاب على رفض التقسيم.
واذا كانت حرب سوريا هي حرب محور متكامل، كما قال الرئيس بشار الأسد، فان ما تنتهي اليه لن يقتصر على سوريا. واذا كان لبنان هو الأكثر تأثراً بالتحولات، فان التحديات أمامه تتجاوز السجال حول مشاركة حزب الله في الحرب. والسؤال هو: هل لدى الأطراف في لبنان قدرة أو رغبة في مراجعة الرهانات على ضوء الوقائع بدل الأحلام والأوهام؟
ذلك ان ربط مصير لبنان بالتحولات في سوريا هو القاسم المشترك بين القوى المختلفة. حتى الشغور الرئاسي، فان العمل لملئه بدا محكوماً بانتظار الاتفاق النووي والتطورات في سوريا. والرهانات معلنة: فريق راهن على انتصار النظام لانتخاب رئيس من خط المقاومة، وفريق راهن على انتصار المعارضة المعتدلة لانتخاب رئيس من خط الاعتدال.
لكن النصر العسكري مهمة مستحيلة. فلا النظام يستطيع استعادة سوريا كما كانت. ولا المعارضون يستطيعون اسقاط النظام. ولا دولة الخلافة الداعشية مسموح لها بالسيطرة على كل سوريا. ولا الحل السياسي جاهز. واذا لم تكن هناك رهانات سرية فان استمرار الشغور الرئاسي جريمة موصوفة. والاصرار على ربط مصير لبنان بالتحولات التي تزداد خطورة في سوريا هو بطاقة دعوة الى الخراب.