رأس داعش مقابل رأس الأكراد!

راجح الخوري (النهار)

لم تكن عملية سروج على الحدود التركية، السبب الحقيقي الذي دفع رجب طيب اردوغان الى الإنخراط في القتال ضد داعش، قبل ذلك جاءت زيارة أشتون كارتر لأنقرة لتكريس إتفاق مع تركيا تمّ التوصل اليه في الثامن من الشهر الجاري، اي قبل تفجير سروج بـ ١٢ يوماً، ما يوحي بأن التفجير جاء رداً على الإتفاق الذي قد يغيّر قواعد الحرب في سوريا .

إنه إتفاق على شكل مقايضة نارية: رأس داعش في مقابل رأس الأكراد في شمال سوريا وخصوصاً حزب العمال الكردستاني، الذي قصفته المقاتلات التركية أكثر مما قصفت مراكز داعش. لكن الإنقلاب في الموقف التركي الذي بقي ملتبساً دائماً في غضّ النظر عن داعش وفي التعاون النفطي معه ومساعدته في وصول المقاتلين اليه، يأتي نتيجة حسابات مستجدة عند أردوغان تهدف الى:
١ – تعويم موقفه الداخلي بعد خسارته في الإنتخابات الأخيرة وحل عقدة تشكيل حكومة إئتلافية، ومن شأن التحوّل ضد داعش ان ينقل الإهتمام من الوضع الداخلي الى المستجدات في الحرب ضد التنظيم وفي إقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا والتي ستبدو بمثابة إنتصار لوجهة نظر اردوغان.
٢ – إسقاط كل الإتهامات السابقة عن تعاون تركيا مع داعش، والظهور في صورة الدولة الأقوى في المعركة ضد الإرهاب، حيث فشل التحالف الدولي، بما يعطي تركيا صورة ثمينة أمام الرأي العام العالمي.
٣ – إدارة الحرب على طريقة لعبة البلياردو أي ضرب الطموحات الكردية في شمال سوريا عبر ضرب داعش، وخصوصاً بعد قيام المنطقة الآمنة من مارع الى جرابلس بعمق ٥٠ كيلومتراً وطول ٩٠ كيلومتراً داخل الأراضي السورية .
٤ – تصحيح العلاقة مع أميركا ومع حلف شمال الاطلسي، بعدما كانت قد إختلّت نتيجة موقف اردوغان المراوغ من داعش.
٥ – توظيف الدور التركي المستجدّ ضد داعش في إعادة إحياء “الطموحات العثمانية” عند اردوغان التي كانت قد أصيبت بالوهن بعد تراكم مشاكله مع الجيران!

الإتفاق الذي فتح القواعد التركية أمام الطيران الأميركي وخصوصاً قاعدة انجرليك يعطي تركيا كل ما طالبت به في مسألة المنطقة الآمنة، بإستثناء نقطة واحدة هي عدم تنفيذ غارات ضد النظام السوري، في المقابل ستحصل تركيا على الحماية الأطلسية.
بهذا يكون اردوغان قد دخل حربين الأولى ضد داعش والثانية ضد حزب العمال الكردستاني وحزب الإتحاد الديموقراطي الكردي، وإذا كانت التقارير الميدانية تتحدث عن حفر داعش أنفاقاً وخنادق فإنّ لدى التنظيم خلايا نائمة سبق لها ان نفّذت اربع عمليات داخل تركيا، والمعركة ضد الأكراد أصعب منها ضد داعش، ولهذا فان طريق اردوغان الى المنطقة الآمنة ليست آمنة على الإطلاق!