المشكلة أبعد من مشكلة نفايات!

رامي الريس

لا تختلف مشكلة معالجة النفايات في لبنان كثيراً عن سواها من المشاكل المتراكمة. الفرق الوحيد أن تكدّس النفايات في الشوارع والأحياء كشف عورات النظام السياسي الذي تصر بعض القوى السياسية فيه على ممارسة التعطيل بعد أن حولت حقها في المشاركة الى حق للنقض والى ايقاف إتخاذ القرارات في السلطة التنفيذية بعد أن تم منع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وإطالة أمد الفراغ لأكثر من سنة.

تعود مشكلة النفايات الى حقبة التسعينات، وشأنها شأن معظم الملفات الحياتية والمعيشية، لم تنل مرة الإهتمام الكافي لتطبيق الحلول الجذرية والنهائية التي تكون كفيلة بإقفالها بصورة تامةٍ كما هو حاصل في كل دول العالم.

مشكلة النفايات تشبه مشكلة الكهرباء والمياه والاتصالات، ولا تختلف عن الفساد الإداري والحاجة الى الإصلاح ومشكلة غياب الخطط الإنمائية المناطقية. إنها مشلكة عامة تعود لتظهر في كل مرة من خلال قطاع معين،  وهذه المرة الدور لقطاع النفايات.

المشكلة أعمق من نفايات متراكمة على قارعة الطريق أو فوق الأرصفة. فالحسابات السياسية للملفات الاقتصادية، بدل المقاربة الإقتصادية والتقنية والعلمية لها، هو الذي يحول دون إنتاج الحلول اللازمة والجذرية لكل الملفات.

carbage1

المثال الصارخ على ذلك كان رفض بعض الأطراف السياسية فتح أبواب مجلس النواب لإقرار مشاريع إنمائية في غاية الأهمية تستفيد منها العديد من المناطق والقرى وتساهم في تحريك العجلة الاقتصادية. فإذا ببعض الأطراف تشترط إدراج قانون الإنتخاب على جدول الأعمال قبل الموافقة على مبدأ “تشريع الضرورة”، مع العلم أن اللبنانيين مختلفون على قانون الانتخاب منذ سبعين عاماً!

في المقابل، عطلت أطراف سياسية عمل مجلس الوزراء طارحةً أسماء معينة للتعيينات العسكرية، فأساءت بذلك الى المؤسسة العسكرية التي تعمل في ظل ظروف بالغة التعقيد والى من رشحتهم أيضاً! حتى لعبة الشارع أثبتت فشلها في هذه الظروف لا سيما أن المعادلات في لبنان معروفة: الشارع يقابله شارع أو حتى شوارع!

مهما يكن من أمر، فإن المعالجات ممكنة وليست مستحيلة لا سيما إذا أعيد الإعتبار التقني للملف وأبعد عن التجاذبات السياسية والفئوية والمزايدات الشعبوية.

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!