عن حقوق المسيحيين! 

رامي الريس

غريبٌ كيف تمارس بعض القوى السياسية رفاهية التعطيل ورفاهية المزايدة الشعبوية دون أي إعتبار لتطورات الوضع الإقليمي التي تزداد حدة وتوتراً وإشتعالاً. وغريبٌ كيف أن بعض القوى لا تتوانى عن ربط بعض مصالحها الخاصة بالمصلحة الوطنية العامة وتعطل المؤسسات الدستورية، المتعثرة أساساً، تحقيقاً لتلك المصالح الخاصة!

شعار “حقوق المسيحيين” شعار براق، يُسحب من الدرج عند منعطفات التأزم السياسي لدى هذا الفريق أو ذاك من القوى اللبنانية. هو الشعار الذي إحتل اللوحات الإعلانية في كل لبنان بعد إتفاق الدوحة (2008) والذي خيضت خلاله معارك كبرى لإقرار قانون إنتخابي معين أسقط لاحقاً ليستبدل بما يسمى “القانون الأرثوذكسي” لأنه “الوحيد” الكفيل بغياب حقوق المسيحيين كما قيل، فيما هو لا يعدو كونه قانون تقسيمي سيكرس النظام الطائفي والمذهبي اللبناني ويؤبده الى ما لانهاية.

في قضية الحوض الرابع، رفع الشعار ذاته وبلغت حدود المزايدات الشعبوية أن تدفع بكركي للتدخل فيه، الأمر ذاته حصل مع موظفي كازينو لبنان وقضية النفايات! هل هذه هي فعلاً الحقوق المطلوبة للمسيحيين في لبنان أم أن المشاركة السياسية والمساواة هي المطلوبة والتي يجدر باللبنانيين جميعاً التمسك بها أكثر من أي وقتٍ مضى لا سيما مع التطورات الدراماتيكية التي طاولت المسيحيين في العراق وسوريا.

العراق

والأغرب من كل ذلك هو ليس فقط تسخيف قضية الوجود المسيحي في لبنان والشرق لأن تصبح تتناول تعيين شخصٍ من هنا أو هناك في موقع قيادي أو أن تنحدر الى قضايا مماثلة لمشاكل المرفأ والكازينو وحسب؛ بل أن تُطرح إشكاليات في غاية الخطورة مثل الفدرالية أو المؤتمر التأسيسي!

الفدرالية تعني، في مفهوم العلوم السياسية، شكل من أشكال الإستقلال الذاتي للوحدات الجفرافية داخل الدولة، على أن تتمتع الدولة الفدرالية بسياسة خارجية موحدة. اللبنانيون، للتذكير، مختلفون على سياستهم الخارجية منذ نشأة الكيان ومنذ الاستقلال (1943)، حتى أن حروباً إندلعت ونزاعات تولدت نتيجة هذا الصراع التاريخي الكبير. فكيف يمكن أن نطلب منهم اليوم الدخول في الفدرالية في هذه اللحظة الإقليمية الملتهبة؟

العراق1

ثم جاء من يطرح المؤتمر التأسيسي في خضم إشتعال غير مسبوق في المنطقة العربية، وفي ظل تهجير المسيحيين في الشرق وتعرضهم للاضطهاد، فهل يمكن مجرد التفكير بطرحٍ على هذا القدر من الخطورة في هذا الوقت؟ وهل يمكن مجّرد التفكير بالتخلي عن صيغة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين التي أقرها إتفاق الطائف التي وضعت الإعتبارات الديموغرافية جانباً وأكدت على المساواة؟

أكثر من ذلك، هل أن تعطيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية منذ أكثر من سنة يصب في مصلحة المسحيين؟ وهل يمكن إنتظار تبلور تفاهمات إقليمية – دولية معينة للمضي في إنجاز هذا الإستحقاق؟ وهل يمكن الركون الى مقولة “الرئيس القوي” حصراً للتذرع بعدم إنتخاب الرئيس والتغاضي عن عددٍ من الأمثلة الواضحة من التجارب في تاريخ لبنان المعاصر مع من سمي “الرئيس القوي” الذين غالباً ما إنتهت ولايتهم بحروبٍ ونزاعاتٍ وإحتلالات؟ وهل يمكن عدم الإدراك بأن إنتخاب الرئيس اللبناني المسيحي في هذه اللحظة بالذات إنما هو رسالة أمل الى كل المسيحيين في المنطقة العربية وربما الأقليات الأخرى؟

إنها أسئلة تحتاج الى إجابات، ولكن..!

———————————–

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!