“يديعوت أحرونوت”: يجب على إسرائيل القضاء على “داعش” قبل تعاظم قوته وتحوله إلى وباء

في وقت ما قبل حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] نجحت دبابة سورية في التسلل إلى الجانب الإسرائيلي من هضبة الجولان والتجول على الطريق، ثم العودة سالمة من حيث جاءت. وقبل ثلاث سنوات تقريباً، في صيف 2012، نجح إرهابيون في اقتحام معبر كرم سالم والتجول على الطريق لبضع دقائق.

وفي الحادثتين كان هناك في إسرائيل وفي الجيش الإسرائيلي من اعتبر أن ما حدث يشكل “ضوءاً أحمر” ومؤشراً على ما سيأتي وعلامة تحذير. لكن أصحاب القرار قللوا من شأن هذه التحذيرات وتابعوا سيرهم، معتقدين أننا الأخيار وأننا سننتصر دوماً.

 ليس سراً أن قوات صغيرة نسبياً تحرس حدودنا المشتركة مع البلدان العربية. وفي الواقع ليس لدينا من المال ما يكفي لتوظيفه في فرق تحرسنا ضد عمليات التسلل من سورية، ولبنان، ومصر والأردن. مع الدولتين الأخيرتين ما تزال اتفاقات السلام صامدة منذ عشرات السنين، وهي تقوم إلى حد كبير بدورنا وتحرس الحدود المشتركة.

 لكن لا نستطيع أن نغمض أعيننا عن الخطر الذي يتربص بنا على المدى القريب، وبصورة أساسية من ناحية مصر وشبه جزيرة سيناء، فمقاتلو “داعش” أصبحوا على الحدود ومعهم لا مجال للمساومة، فإما نحن وإما هم. ويسجل لهم أنهم لا يخفون نياتهم. لكن يجب أن ندان إذا استخففنا بالأمر. قد يكون هناك من يقول لقد استطعنا الانتصار على الجيوش العربية مجتمعة في حرب الأيام الستة [حرب حزيران/يونيو 1967]، فهل سنعجز عن الانتصار على عصابات إرهابية؟

 هنا بيت القصيد. ففي وضع يكون المطروح هو إما نحن وإما هم، يتعين على إسرائيل وجيشها أن يجدا كل وسيلة وطريقة من أجل المحافظة على حياة مواطني الدولة. وبكلمات أكثر وضوحاً، يتعين علينا اتخاذ خطوات وقائية واستباق ما سيحدث قبل وقوعه بأشهر أو بسنوات، وبكلام سياسي دون رتوش يجب القضاء عليهم وهم ما يزالون صغاراً. هذا ما جرى خلال حرب سيناء، وحرب الأيام الستة وفي العمليات العسكرية الكثيرة التي وقعت بين الحروب. وهذا ما حاولنا فعله في حربي لبنان الأولى والثانية، وهذا ما فعلته بنا [الدول العربية] في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول /أكتوبر] عندما استغلت الفرصة.

صحيح أن الوضع الدبلوماسي الدولي ليس في صالح إسرائيل في الوقت الراهن، لكن أغلبية الأنظمة العربية تبتسم لنا حالياً، فلدينا اليوم عدو مشترك يتعاظم عدداً وجرأة ويهدد استقرار هذه الدول ويذبح الجنود والمدنيين. وعلى سبيل المثال يشعرالأردن بالقلق الشديد من احتمال تسلل “داعش” إلى أراضيه، وإذا لا سمح الله نجح التنظيم في ذلك، فإننا سنجده على السياج في قلقيلية وبالقرب من كفار سابا.

 قد يقولون عنا إننا ندق طبول الحرب. كلا، إننا ندق طبول السلام، ونحن في الأساس نحب الحياة. لكن عندما لا يكون هناك بديل آخر، فيجب أن يموت الآخرون كي نعيش نحن. قد يبدو هذا كلاماً فظيعاً ورهيباً، لكن من الأفضل أن نقوله نحن بدلاً من أن يقوله الآخرون عنا.

 ويجب ألا ننسى أن “داعش” ليس دولة ولا جيشاً، هو فكرة ساحرة، ولذا من المهم أن نضرب من ينشر هذه الفكرة قبل أن تتحول إلى وباء.

وقد يكون هناك من يقول هل تدعو إلى الحرب الآن؟ هل فقدت عقلك؟ إن قوة دولة إسرائيل والحركة الصهيونية تكمن في اطالة المراحل الزمنية التي تفصل بين حرب وأخرى. خلال هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من 100 عام، وحدها الأسماء تتبدل.

لكن سيكون هناك أيضاً من سيردد القول المأثور: “إذا لم أكن لنفسي، فمن لي؟ وإذا لم يكن الآن فمتى؟”، متى سنقضي عليهم؟ عندما يصبحون بالملايين؟ وعندما يصلون إلى حدودنا ويهاجمون الجنود والمستوطنين؟ أو عندما تتخطى أفكار “داعش” لتصل إلى الدول الغربية أيضاً؟

 وقد يقول آخرون: وماذا نعرف عنهم؟ من سيتعاون معنا ولماذا التورط معهم الآن؟ فنحن ما نزال متعبين من “الجرف الصامد”، ويوجد بيننا من هم متعبون من الحروب بصورة عامة.

————————-

(*) مؤسسة الدراسات الفلسطينية