نصيحة بوتين والقفز من المركب الغارق!

جليل الهاشم

كان مفاجئاً إلى حد كبير ما سمعه وزير الخارجية السورية وليد المعلم خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو. ذهب المعلم إلى العاصمة الروسية ليعرض الأوضاع الصعبة والتي تزداد خطورة يوماً بعد يوم في بلاده  وليشرح للحليف الروسي الذي لم يتراجع لحظة عن حماية النظام مدى حراجة الوضع العسكري المستجد.

فعشية سفره، كانت الجبهة الجنوبية تشتعل في درعا ويهدد تقدمها بتضييق الحصار على دمشق وبالاستيلاء على الخط الدولي الذي يربطها بالأردن. وفي الشمال، كان المعارضون يحاولون التوسع في حلب. أما في المناطق الأخرى، فغزوات تشنها داعش وليس في مواجهتها سوى أكراد سوريا.

حمل المعلم معه أيضاً ما أشيع عن إستنفار تركيا لما يتراوح بين 12 و18 ألفاً من عناصر جيشها إستعداداً للتدخل في سوريا، وفوق ذلك جاء ليسأل عن المصير في ضوء محطتين أساسيتين يسودها الغموض:

الأولى التوافقات الأميركية الروسية بشأن سوريا والتي أرسيت في مباحثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف في 12 أيار الماضي والتي قيل يومها أنها المباحثات الجدية الأولى بين الجانبين بعد قطيعة طويلة إستمرت منذ حزيران 2012 وتضمنت عزماً من قبل الأميركيين والروس على بدء البحث الجدي في تسوية سورية.

putin

المحطة الثانية مصير المفاوضات الأميركية الإيرانية والتي يشارك فيها الروس والدول الخمس الكبرى بشأن الملف النووي الإيراني وءنعكاسات نتائج هذه المفاوضات في حال توصلت إلى إتفاق أو عدم التوصل إلى إتفاق على الوضع السوري ومصير النظام.

المفاجأة التي واجهت المعلم كانت النصيحة التي أطلقها الرئيس يوتين عندما قال للوزير السوري أن أقل ما يمكن للنظام أن يقوم به هو الإنضمام إلى تحالف ضد “داعش” يشمل تركيا والسعودية وقطر والمجموعة الخليجية إضافة طبعاً إلى الأميركيين.

أصيب المعلم بالذهول ولا بد أنه حتى اللحظة لا يزال يفكر هو وأركان نظامه بمغزى النصيحة الروسية، ولكن بقدر ما تعمل تلك النصيحة من رؤية روسية جديدة للأوضاع في سوريا والمشرق العربي بقدر ما تعبّر عن رغبات عميقة لا تزال قائمة في أوساط عربية ودولية فاعلة ترى في الأسد ونظامه حليفا في مواجهة جنون الإرهابيين التكفريين.

السؤال اليوم: هل سيكون لرؤية بوتين ترجمة فعلية أم هي مجرّد هروبٍ من مركب النظام الغارق؟