ما هي النصائح الدولية التي وصلت إلى المسؤولين في لبنان؟

ما تشهده الساحة اللبنانية من حملات عنيفة  مركزة من قبل بعض الوزراء والنواب المحسوبين على تيار سياسي ضد الحكومة مستمرة ما يؤكد بأن هذه الحملات ليست سوى الوجه الحقيقي للمرحلة الشديدة الخطورة التي يمر بها لبنان في ظل تمادي الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية بفعل تعنت ذلك التيار السياسي الذي يتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي والملفات الحكومية تحت عنوان “أنا او لا أحد” وبخلفيات شعبوية ضيقة لا تقود سوى إلى خلق المزيد من الأزمات والخضات التي تزيد من هشاشة الوضع اللبناني المتفاعل مع الصراعات المحتدمة في المحيط والجوار التي لا تحتمل مزيد من الفراغ بل تحتاج إلى تعزيز مناخات الحوار والتقارب بين كل القوى السياسية على قاعدة تنظيم الإختلافات حول جميع القضايا المحلية والخارجية، والتي تحتاج أيضا إلى الإبقاء على الحكومة السلامية التي تشكل  بالحد الأدنى  مظلة داخلية لاجمة للعصبيات والتوترات وداعمة للجيش والقوى الأمنية في مواجهة التحديات الداهمة، وما يحتاجه اليوم لبنان واللبنانيين من هذه الحكومة هو مضاعفة انتاجيتها على قاعدة فصل القضابا المعيشية والإجتماعية والإقتصادية عن المناكفات والخلافات السياسية على اطلاقها.

وفي الإطار أكدت أوساط دبلوماسية بأنه على رغم من بطئ الحركة المتعددة الأطراف الدولية والإقليمية التي يراد منها إخراج أزمة الرئاسة من قمقم الفراع المتمادي في قصر بعبدا، إلا أن هذه الحركة تسير بالإتجاه الصحيح الرامي إلى إنهاء حالة الشغور في رئاسة الجمهورية في اسرع وقت ممكن.ما يعني بأن المطلوب داخليا هو الحفاظ على الأمن والإستقرار ومنع انزلاق الوضع اللبنانى نحو أي مغامرات أو مواجهات من شأنها أن تدخل لبنان في نفق مجهول.

ولفتت بأن المعلومات التي رشحت عن حركة بعض الدبلوماسيين الاساسيين الذين يمثلون الدول الكبرى الفاعلة والمؤثرة في الملف اللبناني، قد أكدت بأن هناك رسائل دولية وصلت الى مختلف القيادات السياسية اللبنانية ومن بينها التيار العوني تضمنت نصائح بضرورة الحفاظ على الستاتيكو الحالي سياسيا وأمنيا في البلاد بإنتظار اللحظة الدولية والإقليمية المناسبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. مضيفة بان النصائح الدولية تضمنت أيضا حث للأطراف جميعا على اسقاط الرهانات على التطورات الخارجية خصوصا أن وضع لبنان وحساسية تركيبته لا تحتمل وزر وأعباء هذه الرهانات الخاسرة خصوصا أن التجارب المريرة السابقة قد أثبتت أن حماية لبنان وأمنه واستقراره وحلحلة قضاياه العالقة تتطلب تعزيز مناخات الحوار والتهدئة التي تمنع انزلاق لبنان نحو الفوضى والفتنة سيما أن كل التجارب الماضية قد برهنت بأن كافة القوى السياسية اللبنانية مهما علا سقف مواقفها وتعنتها مرغمة وملزمة في نهاية الأمر بالجلوس على طاولة الحوار من أجل تدوير الزوايا وتقديم التنازلات الضرورية لإبرام التسويات التي تنتج التوافق اللبناني لحلحة كافة القضايا والملفات على إطلاقها.

الأوساط أشارت بأن الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله هو دليل إضافي على أن اللبنانيين جميعا مهما بلغت خلافتهم واستعرت سجالاتهم ووصلت اتهاماتهم لبعضهم البعض حدود التجريح والتخوين فإنهم مجبرين في نهاية المطاف على الجلوس على طاولة الحوار لحلحلة خلافاتهم، لذلك هناك حاجة لتشجيع هذا الحوار من قبل الجميع لإنجاحه وتوسيعه في مرحلة لاحقة لأنه بقدر ما يتم التعجيل بإنعقاد الحوار وتعزيز فرص نجاحاته بقدر ما نوفر على البلد وأهله خضات وأزمات سياسية وأمنية واقتصادية ومعيشية واجتماعية الجميع بغني عن أهوال مخاطرها.مضيفة بأن مشهد الحوار الثنائي بين تيار المستقبل وحزب الله الذي ساهم بشكل واضح في تراجع وتيرة السجالات الحادة واستئناف حركة خطوط التواصل والإتصالات السياسية بين عدة أطراف،لا يزال وعلى الرغم من حادثة السعديات الخطيرة لا يزال يرخي بأجوائه التفاؤلية على الوضع الداخلي على الرغم من المناخ السوداوي الذي يسود المنطقة المرشحة ملفاتها وقضاياها الساخنة بحسب الأوساط المتابعة نحو المزيد من التأزم التي قد تحمل في ثناياها تداعيات وارتدادات سلبية على لبنان الذي يحتاج مزيدا من المبادرات الحوارية التي من شأنها أن تحصن الساحة المحلية لتكون أكثر تماسكا ووحدة في مواجهة أهوال العواصف القادمة على المنطقة التي من المتوقع أن تشهد في هذا الصيف مزيدا من التطورات العسكرية المتسارعة في سوريا قبل انضاج معالم التسوية السياسية التي على ما يبدو لا تزال بعيدة حتى اشعار آخر.

إلى ذلك، لم يكد يمضي اكثر من اربع وعشرين ساعة على انفضاض عقد جلسة الحكومة السلامية التي كرست نهج التعطيل من جانب فريق وزراء التيار الوطني الحر مقابل كسره من قبل الرئيس تمام سلام الذي “طفح كيله” و”بق البحصة” ، حتى وجه سلام الدعوة الى جلسة جديدة للمجلس صباح الخميس المقبل، متجاوزا كل مواقف التهديد والوعيد بالانفجارالتي اطلقها رئيس التيار النائب ميشال عون ، ومسقطا كل الرهانات على “عطلة قسرية” تمتد الى ما بعد عيد الفطر لتبريد الاجواء وافساح المجال امام الوساطات والاتصالات علها تقنع عون بالعودة عن شرط التعيينات، بعد ما شهدته جلسة الامس من توضيحات يفترض انها وضعت النقاط على الحروف وظهّرت مواقع القوى الحكومية، وعلى وجه الخصوص موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق بقوله لوزراء “التيار” “أنتم تعتبرون أن القضايا المهمّة تتطلب إجماعاً، أليس موضوع تعيين قائد للجيش قضية مهمة؟ إن ما تطرحونه على هذا الصعيد لا يحظى بالاجماع بل إنكم تريدون إقراره ولو كان لا يحظى بأكثرية الاصوات”.

وحدود المواجهة السياسية لا تبدو مرسومة حتى الساعة ، ذلك ان العماد عون لم يكشف بعد عن الخطوات الميدانية المفترض انه سيجابه بها الحكومة، ولا الرئيس سلام في وارد الرضوخ للسياسة العونية وفق ما تبين من خلال خطوة دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، غير ان الظاهر على واجهة المشهد السياسي حتى الساعة يوحي بأن لا طرف سياسيا، لا سيما في فريق 8 اذار، مستعد راهنا لخوض مغامرة الاطاحة بالحكومة ، آخر المؤسسات الدستورية العاملة بعد الفراغ الرئاسي والشلل المجلسي. وقالت اوساط سياسية في فريق 14 اذار لـ”المركزية” ان حزب الله يتمسك اكثر من غيره بالحكومة لانها تشكل حاجة وضرورة للاستقرار الداخلي الذي يهمه جدا في وقت يوجه مقاومته نحو الداخل السوري ويحتاج الى تغطية سياسية في لبنان وعدم افتعال اشكالات تشغله عن الوضع السوري، وذكّرت بمواقف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي دعا الى ابقاء الساحة الداخلية في منأى عن الخلافات وابقاء المواجهة في سوريا وخارج الحدود، وتوقعت ان يكرر نصرالله مواقفه هذه في اطلالته المرتقبة يوم الجمعة المقبل ،بعدما شهدته منطقة السعديات من مواجهات ليلية امس الاول بين سرايا المقاومة ومناصري حزب الله وشكلت مادة نقاش اساسية في اللقاء الحواري الأخير بين تيار المستقبل وحزب الله .

________________

(*) – الإفتتاحية – هشام يحيى