من الماء إلى الماء: هذه هي الديمقراطية

محمود الأحمدية

خلال الأسبوع الماضي استقبلنا أخي نبيل الآتي من ايطاليا لزيارة لبنان بعد أن درس فيها وتخصص دكتوراً مهندساً وبقي فيها ثلاثين عاماً وما يزال… وفي سهرة هي موضوع مقالتي كان حديثنا عن الربيع العربي والحكام العرب والفروقات المرعبة بين ديمقراطية البلاد الغربية والواقع العربي الرسمي المؤسف والأنظمة العربية القمعية… ومن وحي تلك السهرة استخلصت وبطريقة تمييزية بين ديمقراطيتهم وديكتاتورية الأنظمة العربية…

دون التّطرق إلى دور الحركات الإسلامية المتطرفة التي تستمر في إجهاض الربيع العربي الذي قاده شباب عرب آمنوا بإمكانية قيام الديمقراطية في وطننا العربي.

الديمقراطية  في الغرب هي شعب يراقب، وبرلمان يحاسب، وصحافة تنتقد… والديكتاتورية في أكثرية الأنظمة الغربية هي شعب يهتف، وبرلمان يصفّق، وصحافة ترقص!

الديمقراطية هي بحث ودرس وعلم وخبرة وحوار ومناقشات… والديكتاتورية هي زفّة لا تنتهي وطبول لا تسكت ومزامير لا تتوقف…

Arab Spring

الديمقراطية هي أسئلة واستجوابات ولجان تحقيق برلمانية ومبارزة أفكار تعلن على الشعب… أما الديكتاتورية فهي أقواس نصر تقام وأعلام تخفق وثريات تتدلّى…

في الديمقراطية أيد تعمل وتبني وتنشىء وتكتب وتخطط… وفي الديكتاتورية الأيدي مشغولة بالتصفيق…والحناجر تدوي بالهتاف، والمكاتب مغطاة باللافتات…

ولا وقت عند الحكام للتفكير، فإن أي رأي يموت في ضوضاء الطبول والزمور…

الحكم الديمقراطي يحتاج إلى علماء وخبراء ودارسين وباحثين، والحكم الديكتاتوري لا يحتاج إلاّ إلى قارعي طبول وإلى منظمي مواكب، وإلى نافخي المزامير…

الحكم الديمقراطي فيه مقاعد لألوف القادة، ولألوف المفكرين، ولكن الحكم الديكتاتوري لا يحتاج إلاّ إلى رجل واحد، هو القائد الأوحد، والمفكر الأوحد… يبرز إسمه وتختفي كل الأسماء… تظهر صورته وتسحب كل الصور… هو الرقم وكل من حوله أصفار…هو العملاق وكل رجاله أقزام هو اللسان وكل من حوله أبكم لا يتكلّم… هو الذي يرفع رأسه وينكس الباقون رؤوسهم…هو الحر الوحيد وكل شعبه عبيد أرقاء… هو الوطن ومن يخالفه فقد خان الوطن، ومن يسكت على جرائمه فهو الوطني المخلص الصميم!!

الحكم الديمقراطي هو جنة للشعب وجحيم للحكام، والحكم الديكتاتوري جنة للحكام وجحيم للشعب…

الحاكم الديمقراطي يفكر قبل أن يقرر… والحاكم الديكتاتوري يقرر ثم يفكر… الحاكم الديمقراطي يستأنس الناس ليعرف رأيهم والحاكم الديكتاتوري يفرض رأيه على الناس…لا يهمه إن رضيت أم رفضت فهو قادر أن يخرسها بالسجن الكبير…

إن الحاكم الديكتاتوري أشبه بلص دخل بيتاً واغتصبه يقيم فيه خائفاً واجفاً… يفزع من أي حركة يتوجس من أي صوت… يتوقع في كل لحظة أن يقتحم الباب أصحاب البيت وينتزعوه من السارق…

أما الديمقراطية فهي تُتعبُ الحاكمَ ولكنّها تصون حياته، والحكم الديكتاتوري يريح اللصوص الذين حول الحاكم ويجعل أيامه قلقاً وليله كابوساً وحياته على كف عفريت… هذا العفريت هو الشعب.

والسؤال: متى يستفيق شعبنا حتى تستحق أمتنا مكاناً تحت الشمس.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الأحمدية

القلم الحر والانتصار في زمن القهر

عصام أبو زكي… الرجل الأسطورة… بطل من بلادي

انسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ ونتائجه الكارثية

في الذكرى 43 معلومات جديدة مذهلة عن عالمية فريد الأطرش

كمال جنبلاط البيئي: سابق لعصره

من كمال جنبلاط إلى الربيع الصامت إلى فرنسا

مَنْ أَحقّ من فريد الأطرش بنيل جائزة نوبل للفنون

كمال جنبلاط البيئي سابق لعصره

كيف لوطن أن يشمخ وفيه كل هذا العهر في مسلسلاته

حرش بيروت تحت رحمة اليباس… والتاريخ لن يرحم

مواسم التفاح بين الحاضر والماضي… قصة عزّ وقهر!

مصنع الإسمنت في عين داره ونتائجه الكارثية على البيئة والإنسان

كمال جنبلاط البيئي  وثقافة المواطن الحر والشعب السعيد

أولمبياد الريو والحضارة وعرب ما قبل التاريخ

مصنع الإسمنت في عين دارة: جريمة بيئية موصوفة

هل أحسنت؟ هل أخطأت؟ لا أعرف!!

حكايتي مع كرة القدم وفريق ليستر الانكليزي الذي هز اعتى الامبراطوريات

شكراً مسيو هولاند… أعطيتنا درساً في الحضارة والأخلاق!

غسان سلامة و”اليونسكو” وزواريب السياسة اللبنانية!

أنا علماني ولكني لي ملاحظاتي!