متى سيستفيق الغرب؟

رامي الريس

في نبأ تناقلته الجمهوريات السوفياتية السابقة وبعض وسائل الإعلام العربية تم الكشف عن إعلان مجموعة من المقاتلين الاسلاميين في جمهوريات داغستان والشيشان وأنقوشيا وقبردينو- بلقاريا في القوقاز الروسي مبايعتهم “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش) وفق تسجيل صوتي بُث عبر الإنترنت ونال هذا الموقف الثناء من “داعش” التي سارعت للترحيب بإلتحاقهم “بمركب الخلافة” وعينت “الشيخ الفاضل أبا محمد القدري والياً على القوقاز” حسبما أعلن الناطق بإسم التنظيم.

وجاء هذا التطور بالتزامن مع إعلان بعض المسؤولين في موسكو أن “آلاف الروس وغالبيتهم من القوقاز سافروا إلى سورية والعراق للقتال في صفوف الدولة الإسلامية”، وتحدث نائب سكرتير مجلس الأمن الروسي عن رقم يصل إلى ألفي مقاتل! في المقابل، كشف رئيس وكالة الإستخبارات الداخلية الألمانية هانز ماسن عن تزايد القلق من “عدد النساء اللواتي يتوجهن من البلاد إلى العراق وسورية للقتال في صفوف تنظيم “داعش”، مشيراً إلى أن أعمار النسبة الأكبر منهن لا تتجاوز 25 سنة! وكانت وكالة الإستخبارات الأميركية قد أعلنت منذ مدة قصيرة إعتقال أميركي (من أصل عراقي) بتهمة مبايعة “داعش”.

وللتذكير، فإن زعيم جماعة “بوكو حرام” النيجرية أبو بكر شيكاو قد أعلن منتصف أيار مبايعة تنظيم “الدولة الاسلامية”، بعد أن سبقه إلى ذلك تنظيم “طالبان باكستان” في تشرين الأول 2014. كما تجدر الإشارة إلى أن التنظيم قد إمتد نفوذه إلى شمال أفريقيا وتحديداً في ليبيا التي إتخذها موطىء قدم مهم مستفيداً من حالة القوضى التي تعيشها منذ الإسقاط غير المدروس لنظام معمر القذافي والذي يتحمل مسؤولية إطالة أمده، كما إسقاطه بالطريقة التي حصلت، الغرب بالدرجة الأولى.

obama

ولمن لا يذكر، فإن مجموعة “أنصار بيت المقدس” الناشطة في شبه جزيرة سيناء المصرية والتي نفذّت فيها مجموعة من الإعتداءات ضد رجال الأمن والشرطة سبق لها أن بايعت “داعش” كذلك في تشرين الثاني 2014.

مهما يكن من أمر، فإن الهدف من إعادة سرد تلك الوقائع ليس الإشارة إلى القوة والنفوذ التي صار يملكها هذا التنظيم في غضون عامين، بل في الإخفاق الدولي في مواجهته! في أيلول 2014، أطل الرئيس الأميركي باراك أوباما على الرأي العام الأميركي والعالمي ليعلن خطته الإستراتيجية لمحاربة التنظيم في توقيتٍ تزامن مع ذكرى هجمات الحادي عشر من أيلول التي كانت وقعت قبل 13 سنة، مؤكداً أنه “سيصطاد” أفراد هذا التنظيم في أي مكان.

تخيلوا لو أن طالباً مدرسياً يتصفح كتاب التاريخ في حصة التدريس بعد نحو مئتي سنة ويقرأ فيه بعض الفصول التي تتناول حقبتنا الراهنة. هل من الممكن لهذا الطالب أن يصدق أنه في العصر الذي إشتهرت فيه وتقدمت الصناعة العسكرية والتكنولوجية بشكلٍ غير مسبوق (الأرجح أنها ستكون قديمة في ذاك العصر)، عجزت دول العالم أجمعين عن إلحاق الهزيمة بهذا التنظيم؟

وهل يمكن للمحللين العسكريين أن يقدموا رؤية عسكرية وميدانية لأسباب هذا الإخفاق؟ الخلفيات السياسية ممكن فهمها وتحليلها لا سيما أنها ترتكز إلى نظرية إطالة أمد الصراع الطائفي والمذهبي بما يؤدي إلى إعادة رسم الخطوط الجغرافية والحدود السياسية في المنطقة العربية والشرق الأوسط. وهذا أمر واقع بعيداً عن نظرية المؤامرة التي إستُغلت لعقود بهدف قمع الشعوب ومصادرة حرياتها السياسية.

لكن الخطير في الأمر هو أن عدم تدارك الغرب لهذه التطورات الكبيرة والتعاطي معها على قاعدة الحصانة الجغرافية التي قد تؤمنها المسافات البعيدة، سوف يولد تداعياتٍ على المجتمعات إياها، حيث كانت حادثة “شارلي إيبدو” قبل أشهر إحدى الأمثلة على ذلك، ولعل هذا مع دفع السلطات الفرنسية لفتح الحوار مع المسلمين في فرنسا الذين يُعدون بالملايين.

قد يكون فات الأوان على حكومات الغرب أن تتحرك ما لم تعترف بخطورة الوضع الراهن، فهي تقاعست على مدى عقود عن ممارسة الضغوطات السياسية على إسرائيل لحملها على الإعتراف بالحقوق العربية والفلسطينية المشروعة! وهي قد لا تتأخر حماية لمصالحها، على الاستمرار في التخاذل أمام تحديات غير مسبوقة تواجهها المنطقة العربية، فالنظام السوري يرمي بالبراميل المتفجرة على أبناء شعبه ولا من يحرك ساكناً!

فإلى متى؟

———————————–

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!