ماذا يجري على تخوم “القرى الدرزية” في منطقة القنيطرة السورية؟

ما زال ملف الموحدين الدروز يتصدر واجهة الإهتمام المحلي والعربي والدولي نظرا لأهمية دور الدروز في تكوين ورسم مستقبل هذه المنطقة التي لا يمكن لأحد فيها أن يتجاوز أو يتطاول على حضور الموحدين الدروز الفاعل والمؤثر الذي ساهم في كل المراحل التاريخية في الحفاظ على الهوية الوطنية والعربية والإسلامية لسوريا التي قاومت الظلم و الاحتلال على اطلاقة.

وفيما كانت الاتصالات مستمرة على أعلى المستويات والتي يتابعها عن كثب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لتعزيز حماية الدروز في سوريا على قاعدة أنهم جزء لا يتجزأ من المكون الوطني والعروبي والإسلامي لكل شعب سوريا، دخل النظام الأسدي مجددا على خط عرقلة المساعي الجارية من خلال تكرار اللعبة الخبيثة و المشبوهة مع أبناء القرى الدرزية في منطقة القنيطرة السورية التي يقطنها 30 الف درزي حيث تقع القرى الدرزية في محاذاة الشريط العازل الاسرائيلي في الجولان المحتل .

فما أن أطلق الثوار السوريين معركة تحرير ريف دمشق الغربي حتى انطلقت أبواق النظام بكافة مستوياتها المخابراتية و السياسية والإعلامية إلى بث الأخبار الكاذبة التي تصور بأن ثوار سوريا وفي مقدمتهم جبهة النصرة يشنون هجوم مباغت على أهالي بلدة حضر الدرزية في القنيطرة (يقطنها 10 آلاف مواطن درزي وهي اكبر القرى الدرزية في القنيطرة) من الجهتين الشرقية والجنوبية مستخدمين قذائف الهاون وراجمات الصواريخ، وبأن المهاجمين قادمون لارتكاب الفظائع والمجازر وبانه بسقوط بلدة حضر فأن هذا الأمر سوف يسمح بسقوط القرى الدرزية الاخرى كعرنة وقلعة جندل ورفلة والمقروصة والريني وقصر المير والمعصرة في قبضة بطش جبهة النصرة وغيرها من التشكيلات الإسلامية المهاجمة.

أما في حقيقة الأمر، وبحسب مصادر واسعة الإطلاع فأن الإتصالات المباشرة مع قيادات المعارضة السورية بكافة فصائلها السياسية والعسكرية قد أكدت بأن معارك الثوار في القنيطرة وريف دمشق الغربي لن تتعرض بأي شكل من الأشكال لأي مواطن سوري درزي في تلك المنقطة، خصوصا أن هناك قرار واضح من المعارضة السورية بأن الحادث الأليم الذي وقع في بلدة “قلب لوزة” في جبل السماق في ريف أدلب ممنوع تكراره لأي سبب من الأسباب، وبان المعارضة السورية قد قدمت ضمانات في هذا الشأن إلى القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الازمة السورية التي يحاول اليوم النظام وبعد أن بات سقوطه مؤكدا أمام ضربات المعارضة الميدانية أن يزرع بذور الفتنة والفرقة بين ثوار سوريا التي يقاتل في صفوفهم خيرة المقاتلين الدروز منذ بداية الثورة وبين الموحدين الدروز في السويداء والقنيطرة وكل سوريا في حين أن المعارضة السورية هي حريصة كل الحرص على كرامة وخصوصية أبناء الموحدين الدروز الذين هم مكون وطني عروبي اسلامي أساسي في تكوين سوريا وضمن هذا السياق فأن للموحدين الدروز سيكون الدور الأساسي في رسم مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد الفاشي الذي أساء للدروز ولكل أبناء سوريا من دون أي تمييز بين مواطن وآخر في قمعه وتنكيله واجرامه البربري.

و المفارقة الكبرى بحسب المصادر عينها فأنه وبعد حوالي 4 ساعات من المعارك الضارية بين الثوار وجيش النظام على التلال الحمر انطلقت إشاعة من نوع آخر وهذه الإشاعة تقول بأن الطيران الحربي السوري تدخل وقصف مواقع المسلحين في خان الشيخ وبيت جن وعلى اطراف حضر الجنوبية بناء على اتصال من أحد المرجعيات السياسية في لبنان الأمر الذي أوقف الهجوم على القرى الدرزية، في حين أن الوقائع الميدانية قد أكدت بأن الجيش النظامي قد استخدم مرابض المدفعية وراجمات الصواريخ التابعة له انطلاقا من تخوم القرى الدرزية في القنيطرة الأمر الذي أدى إلى سقوط بعض القذائف في بلدة حضر. مشددة بأن المعارك لم تتوقف وبأن الثوار مستمرون في معاركهم حتى تحقيق أهدافهم الميدانية العسكرية في ريف دمشق الغربي المرسمومة والمحددة بدقة من قبل قيادة المعارضة السورية، وبالتالي فأن النظام لم يستخدم الطيران الحربي لوقف الهجوم على بلدة حضر الدرزية التي هي في الأساس لسيت هدفا لهجوم الثوار بل أن النظام قام باستخدام سلاح الطيران بناء لمصلحته الآنية المتمثلة بعرقلة وتأخير تقدم الثوار الذي حققوا إصابات كبيرة في صفوف جيشه النظام الذي انهارت معنوياته جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدها منذ اللحظة الأولى لانطلاق المعارك في تلك المنطقة.

أما في المقلب الإسرائيلي فكانت هناك ملاقاة للنظام الأسدي في بث سموم الفتنة بين الموحدين الدروز في قرى القنطرية وبين بقية أبناء الشعب السوري من خلال بث الإشاعات المغرضة التي تكرر الإسطوانة العبثية التي باتت مكشوفة الأبعاد والمرامي، وهي الإسطوانه التي تزعم بأن العدو الإسرائيلي قد يشجع ويدعم في حال وقوع الإرتكابات الفظيعة بحق الدروز في سوريا إقامة “جيب درزي” يفصل ما بين بقية سوريا والدولة العبرية، ويمتد من السويداء الى حاصبيا مرورا بالقنيطرة وجبل الشيخ وشبعا وصولا الى راشيا الوادي وذلك ضمن مخطط سلخ الدروز عن تاريخهم وهويتهم الإسلامية والعربية وهو المخطط الذي يدعم مشروع التفتيت والتقسيم لدول المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية صغيرة ضعيفة غارقة في آتون الحروب المشتعلة فيما بينها وذلك في السياق الذي يصفي القضية الفلسطينية و يحفظ لإسرائيل قوت بطشها وتسلطها على كل شعوب المنطقة.

إلى ذلك، أعلن الثوار تشكيل غرفة عمليات جديدة تحت مسمى “جيش الحرمون” ضمت الفصائل العاملة في ريف دمشق الغربي، أبرزها ألوية “جبل الشيخ” و”عمر بن الخطاب” و”السيد المسيح” وحركة “أحرار الشام” الإسلامية وجبهة النصرة.وأفادت المعلومات أن الثوار أجبروا قوات الأسد، اليوم الثلاثاء، على الانسحاب من منطقة التلال الحمر ومشاتي حضر في ريف دمشق الغربي، إثر هجوم شنوه على المنطقة مع ساعات الفجر الأولى، فيما اغتنموا دبابة و3 رشاشات ثقيلة ومتوسطة، كما دمروا دبابة أخرى وقتلوا وجرحوا العشرات من قوات الأسد.

وأضاف المعلومات أن قوات الأسد المتمركزة في الفوج 137 واللواء 90 وقرى حضر وحرفا وخان أرنبة، ردت بقصف عنيف على قرى جبل الشيخ والتلول الحمر، كما سقطت 3 براميل متفجرة على مخيم خان الشيح، أسفرت عن وقوع عدة إصابات.وأشارت إلى أن الثوار تمكنوا من فك الحصار عن بلدة بيت جن في ريف دمشق الغربي، بعد فتح الطريق الواصل بينها وبين بلدة جباثا الخشب، موضحا أن السيطرة على التلال الحمر تعد ضرورية بالنسبة للثوار لفتح طرق الإمداد في ريف دمشق الغربي، كونها تربط قرى جبل الشيخ بمحافظة القنيطرة.

بدوره، المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد عن سقوط عدة صواريخ يعتقد أنها من نوع أرض-أرض أطلقتها قوات النظام على مناطق في ريف القنيطرة، كذلك قتل ضابط في قوات النظام برتبة نقيب في الاشتباكات التي ما تزال مستمرة في محيط التلول الحمر وحضر بالريف الشمالي للقنيطرة، بين قوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها، ومقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلة والتي تقدمت في منطقة التلول الحمر، وتترافق الاشتباكات بقصف جوي مكثف وقصف متبادل بين الطرفين، ما أدى لمزيد من الخسائر البشرية في صفوف الطرفين.

________________________

(*) – الإفتتاحية – هشام يحيى