هل نجحت “لغة العقل” في ابعاد “شبح الفتنة” عن السويداء وجوارها؟

توقفت أوساط متابعة للوضع الدرزي في لبنان وسوريا عند بعض التحليلات المشبوهة التي تحاول ادخال العنصر الصهيوني الإسرائيلي على خط الأزمة السورية في السويداء وغيرها من المناطق الدرزية في سوريا من خلال اطلاق بعض الشعارات الفارغة التضليلية والمسمومة التي تصدر بين الحين والآخر عن بعض القيادات في الكيان الصهيوني والتي يطرح من خلالها تارة بأن جيش العدو الإسرائيلي مستعد للتدخل لحماية الموحدين الدروز في سوريا وتارة أخرى في أن العدو الصهيوني مهتم في إقامة دويلة درزية. مؤكدة بأن كلا هذين الطرحين تفوح منهما رائحة المؤامرة الصهيونية التي تسعى من خلال هذه الطروحات وغيرها إلى تشويه تاريخ وأصالة عروبة الموحدين الملسمين في هذا الشرق الذين كانوا ولا يزالون رأس حربة في مقاومة ومواجهة المشروع الصهيوني العنصري التفتيتي والتقسيمي في المنطقة.

مضيفة بأن ما صدر ويصدر من كلام تحريضي توتيري استغلالي لدماء الأبرياء الذين سقطوا في الحادث الأليم الذي وقع في بلدة “قلب لوزة” في جبل السماق بريف إدلب وما تلاه من مزايدات عبثية قد كشف للرأي العام الإسلامي العروبي التوحيدي في لبنان وسوريا زيف بعض الشخصيات والمرجعيات الذين رهنوا أنفسهم لخدمة النظام السوري المجرم في سوريا في حين أن لغة العقل والحكمة والتسامح والتعالي على الجراح من أجل وحدة الصف الوطني العروبي الإسلامي في سوريا قد دل بأن أصحاب هذا اللغة الواعية المسؤولة هم الأحق والأجدر في تولي زمام الأمور لمواجهة التحديات الخطيرة التي تتهدد مصير سوريا بكافة مكوناتها وتلاوينها الذين هم جميعا و من دون أي استثناء ضحايا النظام الاسدي الذي خرب سوريا ولا يزال مستمر في سعيه المسموم لتخريب النسيج الوطني السوري في السياق والمسار الذي يتلاقى مع المشروع التقسيمي والتفتيتي التي تسعى إليه اسرائيل في هذا الشرق.

مشددة بان لغة العقل والحكمة التي أطلقها الزعيم وليد جنبلاط من لبنان إلى سوريا و التي تتبنى منطق المصالحة وترسيخ أواصر العيش المشترك الوطني بين جميع مكونات الشعب السوري قد بدأت أصدائها تفعل فعلها في حماية السويداء وأهلها من خلال فتح الأبواب أمام جميع المساعي الحميدة التي تبذل الجهود الحثيثة على أعلى المستويات من أجل اتمام المصالحات وترسيخها وتعزيزها بين السويداء و جوارها محيطها في حوران ودرعا وكل سوريا، خصوصا أن المصالحة والألفة والمودة والعيش المشترك هو الأساس الصلب للعلاقة التاريخية والجغرافية بين محافظة السويداء ومحيطها وجوارها وما جرى من تجاوزات عابرة من هنا أو هناك خلال السنوات الماضية الأخيرة قد بات واضحا لجميع العقلاء وأصحاب الرأي والمشورة بأن النظام الأسدي هو وأجهزته وشبيحته من يقف خلفها و ذلك ضمن النهج الذي يتبع سياسة فرق تسد بين مكونات الشعب السوري الواحد.

وأضافت بان لغة العقل والحكمة لا خروج عنها إلا من بعض القلة الضالين و الإنتفاعيين المرتزقة الملتصقين بالنظام الذين لا يزالون متمسكين بلغة الهيجان والتحريض والتوتير ، في حين الأغلبية الساحقة من المسلمين الموحدين الدروز في لبنان وسوريا هم أكثر من أي وقت مضى متمسكون بهذه اللغة السمحة التي تنسجم مع تاريخ الموحدين الدروز وأصالتهم العربية الإسلامية التاريخية ومسار نضالاتهم التي لم تضيّع في يوم من الايام البوصلة العربية والإسلامية للدروز الذي هم أساس تكوين هذه المنطقة، وجزء لا يتجزأ في الدفاع عن وحدتها وحريتها وكرامتها في وجه أي غاصب معتد وفي وجه أي مشروع يهدف إلى ضرب الوحدة العربية والإسلامية لشرذمتها وإغراقها في آتون الفتنة والفوضى التي لا يستفيد منها سوى أعداء هذه الأمة المتربصين شرا بالدروز وبجميع مكونات الشعب السوري من دون أي استثناء، ما يعني بان الدروز هم جزء لا يتجزء من الثورة السورية ونضالها من أجل التغيير الذي يحفظ للمواطن السوري حقه بحياة حرة كريمة خالية من تسلط وظلم وقمع وبطش نظام المخابرات الأسدي المسؤول الأول عن تدمير سوريا وعن كل الجرائم المرتكبة بحق جميع أبناء شعب سوريا ومن بينهم وعلى راسهم المسلمين الموحدين الدروز.

إلى ذلك،تلقى شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن سلسلة من الاتصالات المستنكرة لمجزرة “قلب لوزة” في سوريا، والمعزية بالشهداء الذين قضوا فيها.وأبرز المتصلين على التوالي: رئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، السيد علي فضل الله، مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني، عضو لجنة الحوار الإسلامي – المسيحي الأمير حارث شهاب، عدد من الشخصيات والفعاليات السياسية والدينية والرسمية والاجتماعية والإعلامية.وأكد حسن أن أفضل تعامل مع هذه الحادثة المستنكرة وأفضل عزاء لعائلات الضحايا، يكون “بحقن الدماء وإعلاء صوت العقل والحكمة والتعالي فوق الألم والجرح، لمصلحة الوحدة الإسلامية ووحدة سوريا ومستقبلها”.

بدوره تلقى رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط إتصالا من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، مستنكرا حادثة إدلب و”معزيا ومتضامنا”.

وفي السياق عينه، قام وفد من مشايخ وعلماء منطقة البقاع، يتقدمه مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، مفتي راشيا الشيخ احمد اللدن، رئيس دائرة الأوقاف الإسلامية في البقاع االشيخ محمد عبد الرحمن، المستشار القاضي عبد المجيد سالم، القاضي طالب جمعة، المنسق العام لتيار المستقبل في البقاع الغربي وراشيا المحامي حمادي جانم المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية الشيخ علي أبوياسين، الشيخ علي الجناني، بزيارة تضامن قدموا فيها التعزية لمشايخ وفعاليات طائفة الموحدين الدروز في منطقة وادي التيم، بالضحايا الذين سقطوا في بلدة قلب لوزة في محافظة إدلب السورية، حيث إنعقد لقاء في القاعة العامة في راشيا الوادي، تم خلاله التاكيد على صوابية خيارات رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط الوطنية وحكمته وشجاعته في التعالي على الجراح ونبذ الفتنة، وتم التشديد على الوحدة الوطنية، والتضامن بين مكونات المجتمع، ودرء الفتن والمؤامرات،التي تحاك لأبناء الوطن الواحد”.

حضر اللقاء وكيل داخلية البقاع الجنوبي في التقدمي رباح القاضي ممثلا ً وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، الشيخ ماجد أبو سعد، المدير التنفيذي لمدارس العرفان الشيخ بشير حماد، رئيس إتحاد بلديات جبل الشيخ مروان زاكي، رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال عصام الهادي، والسابق أحمد ذبيان أعضاء المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال ، محمود خضر، إبراهيم نصر، واكرم عربي، الأب إبراهيم كرم، رئيس رابطة مخاتير راشيا كمال ناجي، وحشد من المشايخ ورؤساء  البلديات.

وتحدث في اللقاء ممثل وزير الصحة رباح القاضي، مشددا ًعلى رسالة وليد جنبلاط، التي تؤكد على التمسك بالمبادئ والقناعات مهما تعاظمت الجراح وكبرت المصاعب وإشتدت المحن والمعاناة ، والإصرار على العيش الواحد، وقال: لن يزيدنا ما يحدث في سوريا، وفي كل العالم العربي إلا إقتناعا ًبما نقوله ونفعله، متمنيا ً الخير لكل الشعب السوري، ولكل الموحدين الدروز المسلمين العرب، وأن يكونوا واحدا ًوأن لاينجروا الى أي إنفعالات، ولا يستمعوا سوى لصوت العقل، والى صوت مشايخنا وعقلائنا، هذا الصوت المدوي دائما ًوالداعي الى التعقل ، والترفع والتعالي على الجراح ،متمنياً للشعب السوري المحارب والمناضل في سبيل العدالة والحرية النصر.

____________________

(*) – الافتتاحية – هشام يحيى