مساهمة أميركا وروسيا في ادارة الحرب والتسوية

رفيق خوري (الأنوار)

ليس للتطورات الدراماتيكية الأخيرة في حرب سوريا طابع مصيري. فلا شيء يضمن ثبات الخطوط العسكرية التي ترسمها المعارك وإمكان أن تصبح خطوطاً جيوسياسية. ولا أحد يجهل، بصرف النظر عن الخطاب الانتصاري لكل طرف يتقدم في مكان ما، ان مصير سوريا لن يقرره طرف ولن تحسمه معركة. لا في ادلب ولا في تدمر ولا في القلمون. والظاهر ان الخوف من سوء القراءة الاقليمية في التطورات دفع أميركا وروسيا الى معاودة التشاور حول الملف السوري، في معزل عن الخلاف حول أوكرانيا.

ذلك ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعلن ان مواقفنا مع الولايات المتحدة تتقارب في شأن سوريا من دون أن يوضح من اقترب أكثر من موقف من. لكن من الصعب التسليم بأن كل التقارب الذي تحدث عنه هو في التصريحات بأنه لا بديل من الحل السياسي حسب بيان جنيف في ٣٠ حزيران ٢٠١٢. فالبيان من صُنع أميركا وروسيا. وهما اختلفتا على تفسيره بما دفع كوفي أنان الى الاستقالة، وأشرفنا على فشل جنيف – ٢ ثم استقالة الأخضر الابراهيمي. ولم تعطيا ستيفان دي ميستورا سوى ورقة اللعب في الوقت الضائع.

أكثر من ذلك، فان الحلّ السياسي لم يكن أصلاً بين رهانات النظام الذي ذهب الى الخيار العسكري، ولا بين رهانات المعارضين الذين ذهبوا الى العسكرة. ولم تتبدل الرهانات، برغم كون الاحداث في السنوات الماضية اكدت استحالة الحل العسكري. ولعل نظرة الى المواقع الحالية على الخارطة السورية تكشف، ليس فقط دمار العمران وخراب النسيج الاجتماعي بل ايضا ان سوريا التي عرفناها صارت بلداً افتراضياً تتقاسمه قوى واقعية متعددة. وهي قوى ترفض الحل السياسي الذي يطالب به معارضون ليسوا في مواقع مؤثرة على الارض.

والسؤال هو: لماذا تصر واشنطن وموسكو على حديث الحل السياسي؟ والواقع، بصرف النظر عن صعوبة الجواب وبقاء اسرار الكبار مطوية، هو ان الروس والاميركان يساهمون في ادارة الحرب من اجل الوصول الى الحل السياسي. واذا كانت موسكو تسلح النظام، فان واشنطن التي تحدد لاصدقائها حجم تسليح المعارضين ترفض اسقاط النظام قبل تحضير البديل خوفاً من ان يملأ الفراغ داعش كما قال مدير المخابرات المركزية جون برينان، وهما معاً توظفان الحرب في انهاك القوى المشاركة فيها ودفعها الى تغيير الحسابات والتسليم اخيراً بحل سياسي.

وليس ذلك وراء الباب. فالزخم العسكري لا يزال قوياً. والرئيس باراك اوباما قال بصراحة ودم بارد انه لا يتوقع رؤية حل سياسي في سوريا خلال الباقي من رئاسته.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الأنوار)

أزمة حكم أعمق من الطابع الدستوري

صراع المصالح والعصبيات في نظام فيتوقراطي

أي ترجمة عملية لانتصارات بوتين؟

صراع ما بعد الحرب على داعش

حكومة هندسات سياسية وديمقراطية ممرات الزامية

تقاسم الخارطة السورية ومحاربة داعش بالتفاهم

واشنطن وطهران والرياض: أي موقع للبنان؟

أميركا والعالم: مخاطر ما بعد الانتخابات

فصل رئاسي في محنة أميركا

تحديات تحييد لبنان: أين ناصر عون؟

لبنان والمنطقة: معارك في حرب واحدة

شطرنج بوتين وأوباما: أي خيار في حلب؟

لقاء مضطرين لا تفاهم حلفاء

حسابات معركة الموصل: هل انتهت وظيفة داعش؟

كلفة تخطي بوتين للقياصرة والسوفيات

بوتين والقياصرة والسوفيات: ثوابت الجيوبوليتيك الروسي

الخلاف الأميركي – الروسي هو الوجه الآخر للاتفاق

خريف الأمم المتحدة: التفرّج على الجحيم

أوهام رهانين ثابتين في متغيرات سوريا

اتفاق كيري – لافروف ل تنظيم الحرب