إنجاز أميركي جديد!

غازي العريضي (الاتحاد الاماراتية)

انعقد في الأيام الماضية مؤتمر دولي في نيويورك لمراجعة معاهدة حظر انتشار السلاح النووي. إسرائيل حضرت وهي غير موقعة على المعاهدة، لماذا؟ لمنع إدانتها. كيف تم ذلك؟ تقدمت مصر بطلب تحديد موعد نهائي لعقد مؤتمر إضافي للبحث في تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي! وكان مقرراً حسب مشروع القرار أن يعقد المؤتمر في مدة أقصاها شهر مارس 2016! أميركا رفضت المشروع. عطلت صدور القرار وبحضور المندوب الاسرائيلي. نتنياهو اتصل بجون كيري وشكره على موقفه. واشنطن وفت بالتزاماتها التي قطعتها لتل أبيب عام 2010! كما قال الوزير الأميركي. ممثلة أميركا في المؤتمر قالت: «مشروع القرار لا يتلاءم مع سياسة الولايات المتحدة»! رغم أن واشنطن تؤيد تجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي، ولكن ينبغي التوافق على ذلك بين دول المنطقة توافقاًَ تاماً ومشتركاً! أما اسرائيل فطالبت بعدم التركيز على الشأن النووي، بل على الإرهاب ومسألة الصواريخ ! وشددت على وجوب أن تكون القرارات بالإجماع. تمت الموافقة على البند الأخير ومع ذلك رفضت وأيدتها أميركا!

ماذا يعني ذلك؟ يعني أنه رغم أن مشروع القرار أخذ بملاحظات إسرائيلية كثيرة، وتحدث عن إجماع، ولم يشر بالاسم إلى إسرائيل كما كان يحصل سابقاً فإنه لم يمرّ بالضغط الأميركي. الضغط الذي وصل في مرحلة معينة إلى حدود تدمير العراق. والاعتراف بالمسؤولية عن النتائج الكارثية الناجمة عن ذلك – تحت عنوان مفبرك هو أسلحة الدمار الشامل – اليوم لا نقاش في ذلك، لأن إسرائيل المعنية.

سلّم النظام الليبي ترسانته النووية وما أنجزه، مقابل وعود أميركية بالانفتاح والدعم. حصل ذلك لمدة، ثم دمّرت ليبيا وطار النظام ولا يزال الدمار والخراب عامين في البلاد المتهمة بتصدير السلاح والإرهاب إلى الخارج.

ما حدث يعني أيضاً أن النظام السوري سلّم الكيماوي لأنه يهدد إسرائيل فتوقفت إدارة أوباما عن تهديده وهذه هي النتيجة في سوريا.

ويعني أيضاً أن العمل يجري على وقف المشروع النووي الايراني الذي ترفضه إسرائيل بشكل أساسي وسيكون اتفاق ما بهذا الخصوص.

تصرّ الإدارة الأميركية على رفض امتلاك العرب الطاقة النووية. وقد كان كلام الرئيس الأميركي واضحاً بهذا الخصوص عندما قال: «ستتأثر علاقاتنا بدول الخليج إنْ هي اختارت امتلاك هذه الطاقة. نحن نوفّر لها الحماية الكاملة.

ما حدث يعني أن كل دول المنطقة يجب أن تكون منزوعة من السلاح الذي يمكن أن يحقق توازناً مع اسرائيل. إسرائيل هي الاستثناء هي الخاص هي أولوية الأولويات. أما السلاح الذي يستخدم للاقتتال الداخلي وتفكيك تلك الدول وإبقاء الصراع المذهبي والطائفي والعرقي والقومي قائماً بينها، فلا مانع من وجوده فيها وتوريده إليها! في السابق كان ممنوعاً استخدام سلاح النفط ومن استخدمه قتل. ورغم توفير بدائل يستمر التأكيد أن هذه السلعة عالمية، وتُدار عالمياً ويحدّد سعرها عالمياً بما يؤكد التلاعب باقتصادات الدول التي تصبح مرهونة في سياسة التلاعب هذه! وحدود الحروب والاقتتال ترسم واللعبة تُدار، من قبل أميركا وإسرائيل أو من قبل أميركا وحدها ولمصلحة إسرائيل. النتيجة واحدة، دول مفككة فوضى عارمة. ومحميات مربوطة بالقرار الأميركي!

ما حدث يعني أن التركيز على الإرهاب يعني عملياً، وعلى خطورة هذا العنوان التركيز على «الإرهاب في الإسلام» بين المسلمين وتجاهل الإرهاب الإسرائيلي. والغرق في مواجهة مذهبية مفتوحة. وضياع فلسطين وحق شعبها. وتوفير كل مقومات الأمن والاستقرار لإسرائيل في قلب منطقة مشتعلة، والحريق يطال فيها كل شيء وفي كل مكان. إسرائيل وحدها آمنة ومستقرة!

وفي لحظة ما من الضعف والاهتراء في ما يتبقى من العالم العربي، يكون «اتفاق شامل وتام ومشترك» بين دول المنطقة. يعني لا حديث عن الترسانة النووية الإسرائيلية الوحيدة التي ستبقى في المنطقة، بل اتفاق بين إسرائيل الممتلكة لكل عناصر القوة، والدول الأخرى الضعيفة. هذه الدول المسلوبة الأرض والإمكانات والحقوق والسلاح ستدفع الثمن لأميركا وإسرائيل. والأخيرة ستجني ثمن كل شيء ! وتبقي على سلاحها وتطوره! هذا إنجاز جديد من إنجازات الولايات المتحدة الأميركية وسياسة الكيل بمكيالين في منطقتنا!