ثمن الاتفاق مع إيران

غازي العريضي (الاتحاد الاماراتية)

الحروب في الدول العربية مستمرة على وقع المفاوضات الإيرانية – الأميركية وساحاتها الأبرز: العراق وسوريا واليمن. قبل أيام من انتهاء مهلة المرحلة السابقة من المفاوضات، كانت معركة التحرير على أشدها. وأعلن في الوقت ذاته بدء «عاصفة الحزم». الأميركيون لم يكونوا مرتاحين للإعلان، ثمة أزمة في العلاقات مع دول الخليج. الحرب أعلنت من دون التنسيق معهم. والإيرانيون وحلفاؤهم في حكومة العبادي مأزومون في تكريت، لا يمكن الدخول إليها من دون مشاركة الطيران الأميركي، وهذه عملية لا تتم من دون سحب «الحشد الشعبي». ما جرى، أن أميركا شاركت في الضربات في الساعات الأخيرة، بعد أن ابتعـد «الحشد» نسبياً، وكان غض نظر عن مشاركة بعض قواته، وتم «تحرير تكريت»، وتأكيـــد

«الفضل» الأميركي الحاسم في ذلك. فكانت ورقة أو مسايرة لإيران، وكان «غض نظر» عن عاصفة الحزم في اليمن. وبالتالي ورقة أو مسايرة لدول الخليج على أن يبقى كل شيء مربوطاً بالقرار الأميركي. عادت إيران إلى التفاوض، واستمرت العاصفة في وجهها. هي تصعـّد في اليمن من خلال «الحوثيين»، وتقول كلاماً بحق السعودية ومسؤوليها، لم تقل شيئاً منه في بداية «العاصفة»، لأنها كانت أمام ساعات حاسمة في التفاوض مع أميركا، وفي تكريت، وأوكلت ما يجب أن يُقال إلى جهات لبنانية – «حزب الله». واليوم تصعـّد وتهدّد وتتوعّد في إطار تحصين وضعها في اليمن وعلى طاولة المفاوضات. والسعودية تستمر في قيادة التحالف، بعد جولة المفاوضات في كامب ديفيد مع الرئيس الأميركي. ويرافق ذلك تطورات سياسية وميدانية دقيقة في اليمن والعراق وسوريا.

في اليمن. مؤتمر في الرياض يمهد لحوار سياسي بعيد، لن يكون قريباً. ثمة قوى يمنية رئيسة لم تشارك. والخلاف يدور حول مهمة المبعوث الدولي. هل تكون مفاوضات في جنيف أم لا؟ هل تشارك إيران أم لا في ظل الرفض السعودي؟ والمواجهات مستمرة. وإيران تراجعت وقبلت تفتيش سفينة المساعدات في جيبوتي.

في العراق «داعش» يحتل «الرمادي». أبناؤها بالآلاف مهجرون نازحون تائهون في الشوارع ممنوعون من الدخول إلى مناطق عراقية أخرى. بعضهم استخدم تعبير « الأبارتيد» الذي يمارس «ضدنا»! هكذا حصل مع نازحي تكريت. أميركا مصدومة كما يقول مسؤولوها لهذا التحول السريع والمكسب الكبير لـ«داعش» وتقول إنها ستعيد النظر في استراتيجيتها. إيران ومن معها مصدومون . لكن في الوقت ذاته المأزومون هم من الفريق الآخر أي من « السنة» كما يقولون: مناطقهم تدمّر وهم مهجرون! وأميركا تريد تسليح هؤلاء مع البشمركة الكردية بشكل منفرد ومستقل عن الدولة، وإيران تسلّح بعلم الحكومة «الحشد الشعبي» وكل فصائله تقريباً، ولا تسلـّح الجيش العراقي . يعني لا الأميركي ولا الإيراني يسلحان هذا الجيش كما يجب، وبيانات سياسية حول ضرورة مشاركة الأطياف السياسية كلها لا تحصى ولا تعدّ ! ويقولون إن «داعش» بات يسيطر على 40 % من العراق!

ماذا يفعل التحالف الدولي؟ ينفذ عملية نوعية في سوريا يقتل «أبو سياف» ويعتقل زوجته، ويقتل عدداً من رموز «داعش». تغطية إعلامية كبيرة للعملية. المفاجأة في الإعلان الرسمي الأميركي أن العملية لم تكن تستهدف وزير النفط الداعشي «أبو سياف» بل زوجته. لماذا؟ لأنها شاركت في تعذيب وقتل عاملة إغاثة أميركية! إذاً التدخل الأميركي هو للانتقام من قتل أميركية. أما أنتم أيها المسلمون والعرب فتقاتلوا وتقاتلوا وتقاتلوا. ونحن نغذي تقاتلكم، لكن لا تقتربوا منا. ولا تمسوا جنودنا أو عاملينا! و«داعش» في هذا التوقيت تسيطر على تدمر وتتمدّد مع غيرها من المنظمات في سوريا موجهة ضربات للنظام – امتداداً لإيران الحاضن المباشر له – وطهران تتقدم في القلمون من خلال حزب الله لحماية خط الشام حمص واللاذقية، وضمان التواصل بين منطقة اللاذقية ومناطق البقاع اللبنانية !!

كلـّما اقتربنا من الساعات الأخيرة في المهلة المحددة للاتفاق الإيراني الأميركي كلما اشتعلت الساحات وتوسعت دائرة الحروب في عمليات الابتزاز والضغط المتبادلة التي تنفذها الأطراف المعنية . الأميركي قال لقادة دول الخليج: نلتزم الدفاع عنكم تماماً كما فعلنا بعد غزو العراق الكويت. ثمن الاتفاق الإيراني الأميركي سيكون مكلفاً جداً قبل توقيعه. الأخطر أن تكون الكلفة بما لا تحتمله المنطقة بعد ذلك! من دون أن ننسى الارتياح الإسرائيلي.