الحكم على سماحة يسرع محاكمة الاسلاميين والمقايضة لإطلاق العسكريين المخطوفين

رانية غانم – الأنباء

العاصفة السياسية التي اثارها حكم المحكمة العسكرية المخفف على الوزير السابق ميشال سماحة بعد اتهامه بنقل متفجرات من سوريا والشروع في القتل، والتي دفعت وزير العدل اشرف ريفي وآخرين الى رفع الصوت مطالبين بإلغاء هذه المحكمة، فتحت مجددا ملف القضاء والتدخلات السياسية فيه، فيما راح البعض يدرج الحكم في سياق الدلالة على ان النظام السوري ما زال مؤثرا في الشؤون اللبنانية خلافا للإنطباع السائد بأن هذا النظام ضعف ولم يعد له اي تأثير فاعل في الشؤون اللبنانية.

ويقول قطب نيابي ان هذه العاصفة بدأت تنحسر بعدما تم تقديم طلب تمييز هذا الحكم، من الجهة المدعية والجهة المدعى عليها على حد سواء، فهدأ الجميع من مؤيدين للحكم ومعارضين له، في انتظار ما سيؤول اليه التمييز تأكيدا للحكم او الغاء له واعادة المحاكمة من جديد، على حد ما ذهب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.

ويشير هذا القطب الى ان الحكم على سماحة صدر بإجماع القضاة الخمسة الذين تكونت منهم المحكمة (ثلاثة مسيحيين وسني وشيعي) ما دفع البعض الى استغراب الضجة السياسية التي احدثها الحكم في مقابل استغراب البعض الآخر للعقوبة المخففة لسماحة (السجن اربع سنوات وبضعة اشهر والتجريد من الحقوق المدنية) لان التهمة الموجهة اليه تفرض عقوبة اشد بكثير نسبة الى خطورة ما اعترف به من مخطط يقضي بتنفذ اعمال تفجير وقتل كانت ستنفذ بواسطة المتفجرات التي احضرها بسيارته من دمشق بالتنسيق مع رئيس جهاز الامن القومي السوري اللواء علي المملوك، وسلمها الى ميلاد الكفوري الذي تبين لاحقا انه يعمل لمصلحة شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي وافشى سر سماحة ما ادى الى توقيفه قبل بضع سنوات.

رومية

ويقول القطب نفسه ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتزم موقف عدم التدخل في شؤون القضاء منذ ان كان وزيرا للعدل، وعندما سأله البعض رأيه في الحكم على سماحة وردود الفعل الرافضة له، لم يعلق محيداً نفسه عن هذا الحكم ورافضا اعلان اي موقف منه تأييدا او رفضاً. ونقل القطب النيابي عن بري قوله ان هذا الامر شأن يخص القضاء وحده الذي وفي امكان القضاء أن يعالج نفسه بنفسه بعيدا عن اي تدخلات سياسية، وهو صاحب الصلاحية في تحديد ما اذا كان الحكم على سماحة عادلاً ام يحتاج الى تعديل او تصويب.

وفي رأي معارضي الحُكم على سماحة الذي فُصِل ملف محاكمته عن ملف مملوك لاستحالة محاكمة الاخير، أنه في حال عدم تعديل هذا الحكم، فإنه سيشكل سابقة بحيث يمكن اي شخص آخر ان يرتكب ما ارتكبه سماحة وينال العقوبة المخففة نفسها.

ويشير القطب النيابي الى ان ردود الفعل الغاضبة على عقوبة سماحة المخففة عكست في طياتها ضغطا من اصحابها على السلطة في ملف الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، حيث استغرب البعض “السرعة” في محاكمته في وقت لم يحاكم بعد اولئك الموقوفين منذ سنوات. واشار الى بعض الجهات المعنية طالبت بإجراء مقايضة بين حكم سماحة وإصدار أحكام مخففة على هؤلاء.

لكن المحكمة العسكرية بادرت قبل يومين الى التسريع في محاكمة 80 اسلامياً وكان على رأسهم نعيم عباس الذي اعترف بكل الافعال الجرمية التي نسبت اليه، ما يشير الى ان الاحكام على هؤلاء ستصدر قريباً، وربما بالتزامن مع تمييز الحكم على سماحة، إن لم يكن قبله. وكذلك بالتزامن مع مقايضة ستحصل خلال ايام بين السلطة اللبنانية و”جبهة النصرة” بحيث تطلق الاخيرة العسكرييين الذين خطفتهم في عرسال مقابل اطلاق مجموعة من عناصرها ومسلحيها الموقوفين في لبنان بتهمٍ مختلفة.