النّظريّات الثّلاثة في علاقة الإنسان بالبيئة (1/2)

محمود الاحمدية

عزيزي القارىء الموضوع بيئي بامتياز ورأيت وللإفادة إرساله على دفعتين عبر مقالتين لما له من أهميّة على الصّعيد البيئي دائماً وابداً يسعى الانسان الى استغلال موارد بيئته بطريقة او بأخرى لإشباع حاجاته الأساسيّة والثانوية عن طريق الوسائل التكنولوجية.

ويُتَرْجَمُ هذا الاستغلال في صورة العلاقة المتبادلة وان كانت الاستفادة للانسان اكثر بكثير، لذا فقد انشغل العديد من العلماء بهذه القضية والتي أَطلقوا عليها قضية وتعدّدت النظريات التي تحدد انواع العلاقات المتغايرة.

“العلاقة الانسانية- البيئية”

ماهية البيئة: هو إجمالي الأشياء التي تحيط بنا وتؤثر على وجود الكائنات الحية على سطح الأرض متضمّنة الماء والهواء والتربة والمعادن والمناخ والكائنات الحية.

أنواع العلاقات الإنسانية البيئية:

1 – النظرية الحتمية.

2 – النظرية الإختيارية.

3 – النظرية الإحتماليّة.

1- نظرية الحتميّة البيئيّة (Determinism)

ويَقِرّ أصحاب هذه النظريّة أنّ الانسان يخضع بكل ما فيه للبيئة فهي التي تسيطر عليه وليس العكس كما يتردّد ويُشيَّع، فالبيئة بما فيها من مناخ مُعيّن وغطاء نباتي وحياة حيوانية تؤثر على الانسان من مختلف الجوانب ومثال على ذلك :تاثير البيئة على عظام الانسان، فاذا كان الانسان يعيش في بيئة جبليّة يكون تاثيرها بالايجاب على تقوية عضلات الأرجل .. اما اذا كانت بحرية فهي تقوّي عضلات اليديَنْ. وقد أدى هذا التأثير المتباين والتناقض الواضح بين الشعوب وخاصة بين الآسيويّين والاوروبيّين والذي استرعى انتباه الفلاسفة منذ القدم الي ظهور نظرية الحتميّة لتفسير هذا التناقض.

ابن خلدون 1400 م): وقد اختصّ ابن خلدون في تفسير علاقة الانسان ببيئته عن أثر المناخ في طبائع الشعوب وتاثير الهواء علي الوان البشر، وضرب مثلاً علي ذلك بشعوب السودان والذي وصفهم بالخفّة والطّيش وكثرة الطرب والسبب في ذلك الحرارة التي تجعلهم أَسرع فرحاً وسروراً واكثر انبساطا، كما تحدث ابن خلدون عن الأَقاليم الجغرافية وتأثيرها في حياة الإنسان حيث يرى أنّ هناك سبعة اقاليم، وتتميز الاقاليم من الثالث والرابع والخامس بالإعتدال الذي يميّز طبائع سكاّنها أيضاً وألوانهم .. أمّا الأقاليم غير المعتدلة تلك التي تقع في الاول والثاني والسادس والسابع فسكانها متوحّشون غير مُسْتَأْ نسين.

أرسطو (284 – 322 – ق.م): تناول في كتابه عن السياسة الفرق بين سكان المناطق الباردة في اوروبا وسكان آسيا، فسكان اوروبا بالنسبة له يتميّزون بالشجاعة التي كانت اساس حريّتهم لكنّهم غير ماهرين في الإدارة والفهم والتنظيم وبالتالي يفتقدون إمكانيّة السيطرة او الإمساك بزمام الأمور.. امّا سكان آسيا فلديهم الفكر والمهارة الفنية لكنهم يفتقرون الي الجرأة ممّا جعلهم محكومين بغيرهم .. اماّ الإغريق في ذلك الوقت كانوا يعيشون في منطقة وسط بين الآسيويين والاوروبيين مما جعلهم يجمعون بين مميّزات المجموعَتَيْن.

هيبوقراط (420 ق.م): وكانت الايماءة في كتابه “الجو والماء والاقاليم”، ان سكان الجبال المعرّضين للأمطار والرياح يتّصفون بالشجاعة وطول القامة والطباع الحميدة اما سكان الاقاليم المكشوفة الجافة يتصفون بنحافة القامة وحبّ التحكّم.

مونتسيكييه: تحدث مونتسكييه في كتاب “روح القانون” عن اثر المناخ والتربة في حياة الانسان.

1 – المناخ:

المناخ البارد: شجاعة- نقاء النفس- قوة جسدية

المناخ الحار: جبن- مكر- ضعف

2 – التربة : يصل تاثير التربة الى الحدّ السياسي ونوع الحكومات

نظام ملكي وديكتاتورية = التربة الخصبة

نظام جمهوري وديمقراطية = التربة الفقيرة

الاستقلالية والاستقرار = سكان الجزر

شارلز دارون: وبظهور نظرية النشوء والارتقاء لدارون والتي ترجع فيها نشأة الانسان وتطوّره الي البيئة الطبيعية، أدّت الى دفع نظرية الحتميّة البيئيّة الي الأمام اكثر واكثر . حيث ظهر بعدها العديد من العلماء الذين يؤيدون نظريّة الحتميّة ومنهما

غذاء- تربة وهي عوامل مؤثرة واستند في برهانه علي ثلاثة عوامل تتصل بالبيئة) على الحضارات الإنسانية المختلفة التي وجدت منذ قديم الازل Buckle من مناخ.

أ- فالحضارة في افريقيا وآسيا تأثّرت بخصوبة التربة

‌ ب – والحضارة الاوروبية تأثّرت بالمناخ فالحرارة الشديدة تعوّق العمل بينما المعتدلة فهي منشطة، ومع توافر الغذاء ورخصه يتوافر العمل وتقلّ الاجور والعكس صحيح.

ج- أمّا الحضارة المصريّة والهنديّة والصينيّة فهي من أكثر الحضارات المزدهرة لتوافر الحرارة الملائمة والتربة الخصبة.

أعطني خريطة” لدولةٍ ما.. معلومات وافية عن موقعها ومناخها ومائها ومظاهرها الطبيعية الأخرى ومواردها وبإمكاني في ضوء ذلك ان أحدّد لك أيّ نوع من الإنسان يمكن ان يعيش في هذه الارض, واي دولة يمكن ان تنشا علي هذه الارض، واي دور يمكن ان تمثله هذه الدولة في التاريخ على هذه الأرض.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة