رداً على الصحافة الصفراء

محمود الاحمدية

صباح الإثنين 27 نيسان 2015 فاجأتنا جريدة “الأخبار” بصورة رئيسيّة للنائب وليد جنبلاط بعنوان “الإحباط الجنبلاطي من آباء الإتّحاد السوفييتي إلى ميشال سليمان…” ومن خلال قراءة الصّفحتين يتبيّن للقارىء أن الحجة والسّلاسة والرأي المحايد واللغة الراقية خانت كاتب المقالة…

ومختصر ما جاء في المقالة أن وليد جنبلاط يعيش احباطاً وعزلة على الأصعدة الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة واراد أن يوصل رسالة بأنّه درزيّ تقزّم دوره إلى زعامة دروز لبنان، ويشبّه قصر المختارة بالمنفى أو السّجن وتصل الأمور إلى حدّ القول أنّه يتسلّى بالتّغريد اليومي ويحاول الكاتب بطريقة فولكلوريّة أن يقارن بين كمال جنبلاط الأممي صاحب الدور العالمي ووليد جنبلاط الذي تقزّم دوره إلى عدم القدرة على قيادة قومه فكيف بتيمور جنبلاط! وصَعُبَ على الكاتب أن يرى وليد جنبلاط على طريقة (رجل في بور السعوديّة ورجل في فلاحة حزب الله!)

وحاول الكاتب المقارنة غير البريئة وغير الواقعيّة بين المعلّم كمال جنبلاط والزّعيم وليد جنبلاط وصولاً إلى حد الإنزعاج من رفع صورة الرّئيس ميشال سليمان في قصر المختارة…

باختصار شديد منذ تفتّحت عينا وليد جنبلاط على السّياسة بعد استلامه المفاجىء للزّعامة الجنبلاطيّة بعد استشهاد كمال جنبلاط، حاول وعبر مسيرة بدأت عام 1977 حتّى يومنا هذا وهي تقوم على الثّوابت التّالية:

1- الدّفاع وفي كلّ مناسبة عن القضيّة الفلسطينيّة ومتابعتها وقد تعمّدت بالدم في حرب 1975 حيث توحّد النّضال المشترك واحتضن تراب الجبل شهداء الجيش السّوري والمقاومة الفلسطينيّة والحركة الوطنيّة في مواجهة العدوان الإسرائيلي… لذلك وانطلاقاً من مدرسة كمال جنبلاط وحزبه العروبي كان الهاجس الدّائم وما يزال لوليد جنبلاط القضيّة الفلسطينيّة… وتاريخ كل المراحل التي مرّ بها الوطن يشهد بتذكيره الدّائم بهذه القضيّة المحوريّة في وقت نسيت فيها أكثريّة الأنظمة هذه القضيّة.

2- التمسّك بالعروبة كمنهجيّة وتصرف وإيمان وهنا نذكر بأنّ فكر كمال جنبلاط وشكيب أرسلان تجذراً في فكر وليد جنبلاط وعلى مدى كل المراحل نلاحظ قاسماً مشتركاً في ادبيّاته السّياسيّة وهو العروبة بشكل عام وعروبة لبنان بشكل خاص.

3- التمسّك بالحوار بين اللّبنانيين والحوار على الصّعيد العربي… وكل لبناني مخلص عنده ذرة ضمير لا يستطيع نسيان أو تناسي الدّور المحوري الوسطي الجامع لوليد جنبلاط بين مختلف الشّرائح السّياسيّة والزّعامات السّياسيّة يكفي للدّلالة من السيد حسن نصرالله إلى الرّئيس بري إلى الجنرال عون إلى الدكتور جعجع إلى الشّيخ سعد الحريري، وليد جنبلاط شكَّل نقطة ارتكازٍ وسطيّة يستطيع في مطلق أي لحظة استعمالها لصالح الوطن ووحدة الوطن، وقلتها سابقاً وأقولها لاحقاً الهاجس الأساسي عند وليد جنبلاط هو خلاص الوطن من النّيران التي تحيط به من كل حدب وصوب… ولو تخيّلنا للحظات أن كل الزّعماء في لبنان تصرّفوا بطريقة وليد جنبلاط وبانفتاحه على الآخر والقيام بالمبادرة تجاه الآخر هل كان واقع الوطن كما هو عليه الآن؟؟؟

4- انطلاقاً من مبدأ حريّة الرأي والمواقف التي ترتكز على ماضٍ لا يستطيع وليد جنبلاط التّخلّي عنه وهو الوقوف بجانب الثّورة السوريّة والإيمان بها وكلنا نتذكّر دوره عندما طالب الرّئيس بشّار الأسد بالحوار مع المعارضة طيلة تسعة أشهر وكانت لم تبدأ بعد باستعمال السّلاح ولم تكن بعد دخلت فيها بعض الأصوليّات كان صوت وليد جنبلاط عاليّاً وعاليّاً جدّاً في المطالبة بالحوار للوصول إلى مؤتمر يجمع الجميع على رؤية سوريا ديمقراطيّة تنعم بالحريّة وينعم الجميع فيها بحريّة رأيهم والوصول إلى قواسم مشتركة… ولكن الحرب الأتون أكلت الأخضر واليابس وتدخل حزب الله المباشر في سوريّا واجهه الآخرون بانفعال وعصبيّة وبقي وحتّى هذه اللّحظة يقول من رابع المستحيلات الطّلب إلى حزب الله الإنسحاب من سوريا ومن رابع المستحيلات تجريده السّلاح لأنّها مسألةٌ إيرانيّة ووليد جنبلاط الذي يتكلّم بهذه اللّغةهو نفسه وليد جنبلاط الذي كان يتنقّل أثناء الحرب اللبنانيّة في السّبعينات والثّمانينات بين شظايا القنابل وفي مختلف الجبهات…

ولكن واقعيّته السّياسيّة وإيمانه بالحوار حتّى هذه اللّحظة هما اللّذان جعلاه يبقى في وسط الأدبيّات السّياسيّة اللّبنانيّة حتّى يبقى للكلام معنى وللوساطة معنى وحتّى لا ينقلب الوطن كلّه إلى عصفوريّة كبرى…

5- أما مسألة التّغريد فهي دليل عافية الإنغماس مع النّاس ومشاركة النّاس وتحسّس نَفَس النّاس وقصر المختارة على عكس أكثريّة المواقع الأخرى يضج بالآلاف كل نهار سبت وهذا دليل عافية ودليل انغماس في قضايا النّاس هكذا كان كمال جنبلاط وهكذا وليد جنبلاط وهكذا سيكون تيمور جنبلاط…

6- أمّا على الصّعيد الأممي فكلّنا يتذكّر دفاعه عن المقاومة من على درج الأليزية وكلنا يتذكّر لقاءه الأخير مع الرّئيس هولاند الذي إستقبله كرئيس دولة ولقاؤه بالرّئيس عبد الفتاخ السيسي يذكّرنا بالمعلّم كمال جنبلاط لأنّه قالها بالفم الملآن لا بد من تقارب قطري مصري وصولاً إلى الإيمان دائماً بأن حواراً سعوديّاً ايرانيّاً يستطيع اختصار كثير من الآلام حتّى وبعد المواجهات القاسية والصّعبة، هذا عدا عن إستقبال دار المختارة وكليمنصو بشكلٍ أسبوعي أغلبيّة سفراء الدّول الكبرى كمركز قرار لا يمكن تجاوزه في السّياسة اللّبنانيّة والعربيّة.

أمّا مسألة الدروز والطائفة الدرزيّة فيكفيهم مجد وشرف أنه عروبيون حتى العظم ويكفيهم شرف أنّهم الجامع المشترك للتّقاليد المعروفيّة السمحة التّاريخيّة المعطاء التي بَنَت وطناً وحمت الثغور وفتحت الطّريق من دمشق إلى بيروت من أجل العروبة وأنّها الوحيدة التي أذلت الجيش الفرنسي باعتراف الجنرال ديغول في البرازيل يوم كان رئيساً لجمهوريّة فرنسا وكان يعطي شهادة تاريخيّة تليق ببني معروف، وهذه الطّائفة المعروفيّة شرفٌ لها أن تقف كجبلٍ عالٍ إلى جانب وليد جنبلاط.

أيها “الكاتب” راجع التّاريخ وراجع ما كتبته فسترى أن ما أردت النيل فيه من وليد جنبلاط كان بالضبط شهادة كرامة لوليد جنبلاط وقلناها ونقولها المختارة والضّاحية وكل شبر من أرض لبنان أرض العروبة يقولون بصوت واحد:عدوّنا الوحيد اسرائيل ولا شيء غير اسرائيل.

فمن مشى مع اسرائيل كان عدونا ومن عادى وقاتل إسرائيل فهو صديقنا.

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة