هل تحتمل أوضاع لبنان مزيدا من الأزمات التشريعية والمالية والمعيشية؟

بعيدا عن أهوال البراكين المتفجرة في كل أرجاء المنطقة وتطوراتها على صعيد تحول عاصفة الحزم الى عاصفة اعادة الأمل مشروطة بتطبيق الاتفاق الخليجي في اليمن، وانطلاق مناقشات رؤساء اركان الجيوش العربية سبل تشكيل قوة عسكرية مشتركة ،لا يزال التخبط العشوائي يرخي بأثقاله على الملفات الداخلية بدءً  من استمرار حالة الفراغ الرئاسي ومرورا بالمواقف التعطيلية لعملية التشريع في مجلس النواب ووصولا إلى إعاقات اقرار الموازنة وتحذير وزير المالية في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من اتخاذ تدابير صعبة الاسبوع المقبل تتمثل في وقف صرف معاشات القطاع العام في حال عدم وجود موازنة أو في حال عدم وجود تشريع من مجلس النواب يغطي الانفاق.

وفي هذا الإطار ، أكدت أوساط بارزة لـ الأنباء إن لبنان بأوضاعه الهشة والمخاطر المحدقة بأمنه واستقراره وسلمه الأهلي، لا يحتمل كل هذه الرفاهية السياسية عند البعض التي تقود البلاد بسبب التعنت والغايات والمصالح الآنية الضيقة نحو المزيد من الخضات والأزمات التشريعية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي لا تتحملها الأوضاع الدقيقة والبالغة الحساسية التي يمر بها لبنان والمحيط والجوار و التي تحتاج من كافة القوى السياسية الارتقاء بتحمل مسؤولياتهم الوطنية لتمرير هذه الظروف الصعبة بأقل العواقب على الانتظام العام  الذي يحفظ سير عمل مرافق الدولة ومؤسساتها العامة التي لا يجوز أن يكون هناك تهديدا لإستمراريتها ، بل هناك واجب دستوري وقانوني وأخلاقي  على  جميع القوى السياسية لإتخاذ كل ما يلزم من الخطوات والإجراءات والتدابير التي تحافظ على حقوق المواطن اللبناني في الحصول على  الحد الأدنى من الخدمات التي من واجب الدولة اللبنانية تأمينها له ولكل الشعب اللبناني بشكل منتظم وثابت ودائم  ومن دون أي انقطاع لأي سبب من الأسباب.

الأوساط أشارت بان التعنت السياسي عند البعض والذي يحول لغاية اليوم من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو التعنت نفسه الذي يضع العراقيل والعوائق أمام انتظام العمل المؤسساتي التشريعي والوزاري في الدولة اللبنانية وذلك خلف شعارات شعبوية واهية تخفي ورائها حسابات ومصالح ومحسوبيات  فئوية وعائلية وشخصية ضيقة لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها، خصوصا بعد أن أصبحت الأمور مكشوفة لناحية أن هناك طرف سياسي يستغل الأوضاع الراهنة بانقساماتها وهشاشتها لممارسة الابتزاز السياسي من أجل تحقيق المكاسب والامتيازات وأن أتى ذلك على حساب المصلحة الوطنية وحقوق الشعب اللبناني الذي يئن من تقاعس بعض المسئولين وخلافاتهم العبثية التي تأخذ البلاد والعباد من أزمة إلى أخرى ومن مغامرة فاشلة إلى مستنقع الرهانات الخاسرة التي لم يعد بمقدرة لبنان وشعبه تحمل أوزارها.

وعلى هذا الخط، اكدت مصادر نيابية ” ان لا جلسة تشريعية في العقد العادي لمجلس النواب الذي ينتهي اواخر ايار المقبل، حتى لو وضعت هيئة مكتب المجلس جدول اعمالها المتضمّن 7 بنود، لان الكتل المسيحية ستقاطعها ما يُفقدها ميثاقيتها. وكشفت ان “القوات اللبنانية” حسمت موقفها بعدم النزول نهائياً الى مجلس النواب لحضور الجلسة التشريعية، قائلة ان الرئيس نبيه بري عندما اقفل مجلس النواب في الاعوام 2006-2007-2008 طبق مقولة “جنت على نفسها براقش”، فاضحت الميثاقية حجّة كل فريق يريد تحقيق مكاسب سياسية وتحوّل مجلس النواب الى اداة استخدام سياسية، ونحن للاسف ندفع ثمنها اليوم بسبب الرئيس بري الذي لايجوز ان يلوم الكتل المسيحية اذا قاطعت الجلسة التشريعية. واشارت المصادر الى ان “عقدة العقد” رئاسة الجمهورية، فاذا حلّت ينتظم عمل سائر المؤسسات. وفي ملف سلسلة الرتب والرواتب والموازنة، استغربت المصادر موقف رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الذي كان يُشدد دائماً على مبدأ شمولية الموازنة” في حين يمارس اليوم عكس ذلك، مشيرة الى ان الازدواجية في المواقف غير مقبولة، والموازنة يجب ان تشمل تكاليف السلسلة ومداخيلها، هذا موقف الرئيس بري و”حزب الله” وسائر الكتل النيابية، وقد قال بري في الاجتماع الاخير لهيئة مكتب مجلس النواب ان ثمة من يُعطّل ضمّ السلسلة الى الموازنة”.
وليس بعيدا، وعلى مشارف انقضاء سنة على الشغور الرئاسي، كشفت اوساط نيابية مطلعة  ان حركة اتصالات تدور بين مكونات قوى 14 اذار وبعض الرافضين سياسة تعطيل الانتخابات الرئاسية، من اجل اتخاذ خطوات تصعيدية ضاغطة منعا لاستمرار مسلسل الفراغ المتمادي وخطف الرئاسة من جانب بعض القوى السياسية لمصالح لا تمت للبنان بصلة. وكشفت عن توجه لتوجيه الدعوة الى هذه الشريحة النيابية للاعتصام داخل المجلس النيابي على غرار ما جرى ابان مرحلة تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، منعا للتأقلم مع الفراغ في سدة الرئاسة الاولى والتعاطي مع واقع الحال كأن البلاد بالف خير. واشارت الى ان الحراك المشار اليه سيندرج تحت اطاره ايضا شعار لا تعيينات امنية وعسكرية ولا قانون انتخاب قبل رئاسة الجمهورية.

حكوميا، نجح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في إدراج قضية إنشاء سجن مركزي على جلسة مجلس الوزراء المقبلة، بعدما طُرح الموضوع من خارج بنود جدول اعمال المجلس على اثر حالات التمرّد المتكرّرة التي شهدها سجن روميه اخيرا .وناقش المجلس في جلسة عادية، قضايا اقتصادية وتنموية، ووافق على طلب وزارة الداخلية تطويع 500 مأمور متمرّن لصالح المديرية العامّة للأمن العام، كما وافق بصورة مبدئية على الإقتراح الرامي إلى إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة في قضاء البترون. ولم يعكر صفو الجلسة التي اتسمت بالهدوء الا السجال بين وزيري الخارجية جبران باسيل والشؤون الاجتماعية رشيد درباس على خلفية مطالبة الاخير بهبة اضافية من المفوضية العليا للاجئين لمعالجة تداعيات النزوح انتهت بخروج درباس من الجلسة.

والى الشارع عادت هيئة التنسيق النقابية مجددا، احتجاجا على المماطلة باقرار سلسلة الرتب والرواتب، وشددت الكلمات التي القيت في اعتصام مركزي في ساحة رياض الصلح على عدم التنازل عن حقوق الاساتذة والموظفين والمتعاقدين. وتوعدت بتنفيذ خطة تحرك شاملة من اضرابات واعتصامات وتظاهرات تبدأ في السادس من ايار بمشاركة اكثر من 100 الف مواطن ومواطنة من كل لبنان، حتى تحقيق المطالب. وفي وقت التزم موظفو الادارة العامة والمدارس الرسمية بالاضراب، تفاوتت نسبة الالتزام به في المدارس الخاصة بين منطقة واخرى.

الى ذلك، واصل الرئيس سعد الحريري لقاءاته في العاصمة الاميركية، فالتقى في مبنى الكابيتول اعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي برئاسة السيناتور ايد رويس. وشرح الحريري الاهداف الرئيسية لزيارته مؤكدا انها “تتعلق بتوفير مقومات الحماية للبنان من الارتدادات الاقليمية”. واشار الى خطورة “قضية اللاجئين السوريين وضرورة ان تكون محل اهتمام الادارة الاميركية ووضعها في صدارة اولوياتها لتفادي انعكاساتها وضررها الفادح .وتم خلال الاجتماع التطرق الى “اهمية الدعم الذي يمكن ان تقدمه الولايات المتحدة للجيش اللبناني .كما التقى الحريري كلا من زعيم الاغلبية في الكونغرس كيفين ماكارثي والسيناتور جون ماكين والسيناتور مايك بومبيو واجرى معهم جولة افق تناولت مختلف المواضيع التي تهم لبنان في هذه المرحلة.

____________

(*) – الافتتاحية – هشام يحيى