لماذا يلوح بري بطلب حل المجلس النيابي؟

رانية غانم – الأنباء

أن يلوح رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيراً بالطلب من رئيس الجمهورية الجديد بعد إنتخابه الايعاز لمجلس الوزراء حل المجلس النيابي دستورياً إذا لم ينعقد في عقده التشريعي الأول الحالي الذي بدأ في أول يوم ثلاثاء بعد 15 آذار الماضي بلا أسباب موجبة وقاهرة، فذلك يعني في قول مصدر نيابي أمرين:

ـ الأمر الأول أن لدى بري من المعطيات ما يجعله متأكداً من أن المجلس لن ينعقد في جلسة تشريعية طوال المدة المتبقية من عقده التشريعي الأول الذي ينتهي في 31 أيار المقبل. فالرئيس بري يعمل منذ بداية هذا العقد لعقد جلسة تشريعية تحت عنوان “تشريع الضرورة” بحيث تقر في هذه الجلسة مشاريع القوانين الضرورية والملحة لمصلحة البلاد، مراعياً في ذلك مواقف بعض الكتل النيابية الرافضة أن يحصل أي تشريع في مجلس النيابي في ظل الشغور السائد في سدة رئاسة الجمهورية منذ إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 24 أيار 2014.

ولكن مسعى بري هذا يصطدم بعقبات لا تزال تمنعه من الدعوة إلى عقد هذه الجلسة على رغم إقرار جدول أعمالها في الاجتماع الأخير لهيئة مكتب المجلس برئاسته بحيث أن الهيئة أقرت بالاجماع إدراج بعض مشاريع القوانين بإجماع أعضائها على هذا الجدول واقرت في الوقت نفسه بالتصويت إدراج أخرى منها مشروع قانون سلامة الغذاء .

ويخشى بري عدم إنعقاد هذه الجلسة قبل إنتهاء العقد التشريعي العادي في 31 أيار المقبل لأن الكتل النيابية المسيحية أعلنت أنها ستقاطع هذه الجلسة ما يجعلها جلسة غير ميثاقية، وهذه الكتل تسوق أن سبب مقاطعتها الجلسة بأنها تعارض التشريع قبل انتخاب رئيس جمهورية، وتعتبر أن تشريع الضرورة يجب أن يقتصر فقط على مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2015 وهذا المشروع ما زال إقراره متعثرا في مجلس الوزراء قبل أن يحال إلى مجلس النواب لتدرسه اللجان النيابية المشتركة ومن ضمنها لجنة المال، ثم تحيله إلى الهيئة العامة للمجلس لتقره.

كذلك يجب أن يقتصر التشريع في رأي هذه الكتل على مشروع قانون الانتخاب الجديد، وهذا المشروع سُحب من التداول بسبب الخلافات التي استحكمت حوله، ما دفع بري وبالتفاهم مع رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط إلى ترك هذا المشروع إلى ما بعد إنتخاب رئيس الجمهورية الجديد.

ـ الأمر الثاني، هو أن لدى بري من المعطيات ما يشير إلى أن رئيس الجمهورية الجديد قد يتم إنتخابه في شهر حزيران المقبل في الوقت الذي يكون الاتفاق النووي النهائي بين إيران والدول الغربية قد أنجز حسبما ما هو مقرر في مفاوضات لوزان الأخيرة التي توصلت إلى “الإتفاق الإطار” الممهد لهذا الإتفاق النهائي.

فالرئيس بري، حسب المصدر النيابي نفسه، ينتظر حصول إنتخاب الرئيس الجديد بفارغ الصبر ليحرك ملف قانون الانتخاب الجديد بقوة لكي يتم إقراره والعمل تواً لتقصير ولاية مجلس النواب الممددة، أو الطلب من رئيس الجمهورية الايعاز لمجلس الوزراء بعد تشكيل الحكومة الأولى في عهد هذا الرئيس إتخاذ قرار بحل مجلس النواب بما يمهد إلى انتخاب مجلس جديد كان ينبغي أن ينتخب في حزيران 2013 عندما إنتهت ولاية المجلس الحالي الذي مدد ولايته على دفعتين في حزيران 2013 ومن ثم في حزيران 2014.

ويقول المصدر النيابي نفسه أن الجلسة التشريعية قد لا تنعقد في خلال الفترة المتبقية من العقد التشريعي الحالي، وأن مبادرة مجلس الوزراء الذي يتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية وكالة في ظل الفراع في رئاسة الجمهورية، إلى فتح دورة تشريعية استثنائية للمجلس النيابي أمر تعوقه إشكالات قانونية ودستورية كبيرة لأن هذه الصلاحية هي صلاحية حصرية مناطة برئيسي الجمهورية والحكومة، وطالما أن رئيس الجمهورية غير موجود فإن بعض المعنيين يرى أن ليس في إمكان مجلس الوزراء الحالي فتح مثل هذه الدورة دستورياً.

في حين أن البعض الآخر من هؤلاء المعنيين يرى أن في إمكان المجلس فتحها كونه يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة وفي امكان جميع الوزراء توقيع مرسوم فتح هذه الدورة إلى جانب رئيس الحكومة. ولذلك يجد كثيرون أن من المفيد عدم ادخال البلاد في جدل دستوري لا طائل منه في هذه المرحلة، والعمل بالتالي على إنتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت لإعادة عمل المؤسسات الدستورية إلى الانتظام.