معالي وزير البيئة… متى الإصلاح؟ البيئة تدمع!

محمود الاحمدية

منذ زمن غير بعيد وفي حديث على الهواء في “إذاعة صوت لبنان” وكان الموضوع مطمر النّاعمة ومعالجة النّفايات وكانت مناقشة صريحة وواضحة بيننا ولكن البرنامج انتهى وما زال صوتك يرنّ في أذنَي: “يا عمي في أمستردام حيث البيئة مقدّسة، يستعملون محارق نموذجيّة ضخمة للنّفايات”… وبما أنّ البرنامج ساعة فقط ولم يشف غليلي، دعني وبصراحة متناهية أَتوجّه إلى معاليك بصراحتي المعهودة المستندة إلى مصداقيّة نضاليّة بيئيّة عمدتها جمعيّتنا “طبيعة بلا حدود” خلال ربع قرن من النّضال وما زالت! رغم أنف الّذين أبعدوها عن أقدس قضيّة حتّى الآن:مطمر النّاعمة!! ردّي سأبدأه باستعراض مصائبنا البيئيّة وأنهيه بمسألة الحرق وبالأرقام بعيداً عن التّنظير:

1- 950,000 م3 مياه ملوّثة تصبّ يوميّاً في حوض البحر الأبيض المتوسّط قبالة شاطىء بيروت، ولبنان من أوائل الدّول الّتي وقّعت على إتّفاقيّة برشلونه لحماية البحر الأبيض المتوسّط.

2- من أصل 1300 شركة تعبئة مياه فقط ثلاثة وثلاثون شركة مرخّص لها.

3- من أصل 1283 كسّارة ومرملة على مدى الوطن كلّه: ليس هناك كسّارة واحدة طبقت القانون وذلك بتوثيق من المهندس محمد فواز مدير التّنظيم المدنيّ السّابق ولمدّة 18 عاماً في كتابه (التّنظيم المدنيّ).

4- الينابيع ملوّثة من ارتفاع 1500 متر ونزولاً وهذا كارثيّ بشكل خطير بالبعدين الصحيّ والبيئيّ.

5- الرّدميّات أخذت مجدها ونظرة بسيطة وفي مختلف أنحاء الوطن نرى الوديان تساوت بالجبال والأخضر إختفى وتدمّر.

6- عام 2008 خسرنا أحد عشر مليون شجرة في لبنان من خلال الحرائق وإجتاح “هولاكو” الرماد أخضر التّلال فانقلب جزء كبير إلى رماد وسواد…هناك خطّة طوارئيّة ولجنة طوارئيّة وضعت عام 2009 ولم يطبق أي بند من بنودها.

7- نظرة بسيطة من أي منطقة مشرفة على العاصمة بيروت وترى التّاج الأسود يكلّلها هو التّلوّث المرعب الّذي يلفّ العاصمة من كلّ الأوكسيدات وخاصّة ثاني أوكسيد الكربون الّتي تسبّبها آليّات النّقل والمصانع والمولّدات الكهربائيّة.

8- هناك آلاف الآبار الإرتوازيّة يزرعون وجه الوطن بأبشع صورة ولا رقيب ولا حسيب بل مراكز قوى هي الفيصل، أمّا المياه الجوفيّة فحدّث بلا حرج.

9- الإستفادة من المياه الّتي تسقط سنويّاً وفي كتاب الوزارة توثيق لكميّة 12 مليار متر مكعّب مياه يسقطون بشكل وسطيّ على الأراضي اللّبنانيّة هل سعى أحد وسأل هذا السّؤال: كيف لنا بالإستفادة من هذه الأمطار؟؟

10- مطمر النّاعمة وقضيّة النّفايات: وهو الفيلم الأطول والأخطر بما لا يقاس… عبثاً محاولة وضع رؤوسنا في الرّمال والإبتعاد عن الحلول الّتي وضعتها الدّول المتقدّمة وبعض دول العالم الثّالث… لا هروب من حلّ الفرز من المصدر تردّون أنه حلم ورديّ ونقول أنّه قمّة الواقعيّة والحقيقة، ولا مفرّ منه فليس بالحرق أو بالطّمر يكتمل الحلّ…

وهناك عشرات القضايا البيئيّة الّتي تضيق بها الصّفحات المسموحة لنشر هذه المقالة… وسأفرد القسم الأخير لمسألة الحرق وخطرها:

أكبر دولتان في العالم استعملتا حل الحرق هما فرنسا واليابان… وهما دولتان تتقدمان في كلّ المجالات ومن ضمنها البيئة… وأمام أنظار العالم أجمع فرنسا واليابان تخلّتا عن ما يقارب الألف محرقة وهذا موثق لسبب بسيط ومهما بلغت تقنيّة الحرق حتّى بالبلازما فلا بدّ من ترك الرّماد الّذي يحتوي على 98 نوعيّة من الديوكسينات الّتي سبّبت نسباً خطيرة من السّرطانات وخاصّةً عند الأطفال والحديث يطول… ومستعدون لمناظرة على الهواء لمناقشة هذا الموضوع بطريقة وثائقيّة علميّة…

بالمختصر، هناك قاعدة ثلاثيّة ذهبيّة يجب إعتمادها من أجل بيئة أفضل:

1- تشريعات بيئيّة

2- تربية بيئيّة

3- إدارة كفوءة للبيئة

عندنا التّشريعات ولا تنقصنا…

أمّا التّربية البيئيّة والإدارة الكفوءة فما تزالان في دار الأيتام.

إنطلاقاً من كلّ ما ذكرناه وما لم نذكره:

صرختنا تبقى: متى يبدأ الإصلاح والثّورة البيئيّة في وزارتكم المصونة على غرار وزارة الصّحّة؟

نحن ننتظر ولن يهدأ بالنا حتّى نرى وعلى سبيل المثال لا الحصر مسجوناً واحداً في السّجون اللّبنانيّة من الّذين يسيئون إلى البيئة… وأقرب مثال الّذين يتسبّبون سنويّاً بالحرائق الموسميّة الّتي تدمّر أخضر لبنان؟؟

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة