“الأزمة اليمنية” و “أوضاع المنطقة”… ماذا بعد انتهاء “عاصفة الحزم”؟

فجأة وبلغة واثقة وحازمة أعلنت وزارة الدفاع السعودية عن وقف عملية “عاصفة الحرم ” وانطلاق عملية جديدة في اليمن تحت عنوان ” إعادة الأمل ” في خطوة جريئة  رأى فيها المتابعون بأن المملكة العربية السعودية حريصة على أمن اليمن واستقراره وبنيانه وحماية شعبه من أي سوء ، وبأن نهج المملكة في مقاربة الملفات الإقليمية هو نهج عقلاني حريص على فتح الأفاق أمام الحلول السياسية التي تجنب أبناء  وشعوب المنطقة المأساة والخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات وذلك على نقيض النهج الإيراني المتهور والدموي في كل أرجاء المنطقة الذي لا يعير أي اهتمام لحق العالم  العربي ببلدانه وشعوبه بالأمن و الاستقرار والتقدم و الازدهار …ولعل الدليل الساطع على هذا النهج الإيراني الفارسي الذي يتعارض مع مصالح وتطلعات الشعوب العربية هو المذبحة المستمرة في سوريا على أيدي نظام بشار الأسد الذي يحظى بالغطاء والدعم الإيراني المفتوح  منذ العام 2011 ضمن خطة جهنمية عبثية تدمر سوريا ولا تبقي فيها حجر على حجر،  كما تقتل بكل وحشية وبربرية ومن دون أي  رحمة أو رادع أخلاقي أو انساني بأشد أنواع الأسلحة فتكا الشعب السوري الآبي  بأطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه الذي يرفض الخضوع للمحور الإيراني وطموحاته التوسعية الإستعمارية من خلال تشبث هذا الشعب باستمرار النضال حتى تحقيق الانتصار في ثورته الإنسانية من اجل الحرية والكرامة.

وبحسب أوساط دبلوماسية متابعة فأن نجاح عملية عاصفة الحزم التي حققت أهدافها الإستراتيجية في اليمن من خلال تقويض قوة الحوثيين في أن يكونوا رأس حربة عسكرية إيرانية يحسب لهم حساب لتهديد الأمن السعودي والخليجي هو انتصار عربي فاصل في وجه المد الإيراني الفارسي في المنطقة العربية ، خصوصا ان جميع المعطيات الميدانية تؤكد بأن عاصفة الحزم قد نجحت في كسر تلك الحربة الإيرانية في اليمن من جذورها بحيث بات من المستحيل الإعتماد عليها من قبل طهران لزعزعة امن واستقرار المنطقة .

الأوساط أضافت بأن أوضاع المنطقة برمتها من لبنان و سوريا مرورا بالعراق ووصولا إلى اليمن والبحرين وغيرها من المناطق بعد انتصار المحور السعودي العربي في اليمن لن يكون كما قبلها، خصوصا ان هناك معلومات متداولة في كواليس الاروقة الدبلوماسية الدولية والإقليمية تؤكد على أن الدول العربية مستمرة بكر حزم وعزم على ضرب كل الاذرع العسكرية التي تستخدمها  إيران في المنطقة لفرض نفوذها وهيمنتها على بعض الدول العربية. وبحسب الأوساط عينها فأن الأولوية العربية في المرحلة المقلبة ستكون لسوريا التي  تشكل الساحة المفصلية التي يتحضر العرب لشن عاصفة حزم عربية فيها لقلب موازين القوى باتجاه الحاق الهزيمة الساحقة بالمحور الإيراني الذي لا يزال يراهن على بقاء بشار الاسد في السلطة في حين أن جميع المعطيات السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية والأمنية تؤكد بأن سقوط بشار بات وشيكا وسيتبعه تحرير كامل لسوريا قلب العروبة من قبضة الإمبراطورية الفارسية، وبطبيعة الحال فأن تحرير سوريا سيتبعه خروج لإيران بحرسها الثوري و ميليشياتها العسكرية من بقية الدول العربية ومنها لبنان القابع على رصيف  انظار تبدل المشهد الإقليمي لمصلحة الخيار العربي كي تستقيم الأمور وتعود إلى طبيعتها التي تتلاءم مع هوية وانتماء لبنان التاريخ والحاضر والمستقبل إلى العالم العربي.

وفي هذا الإطار، قال الناطق الرسمي باسم عاصفة الحزم العميد ركن أحمد عسيري إن نهاية عاصفة الحزم ليست وقفاً لإطلاق النار، وإن عملية إعادة الأمل للشعب اليمني بدأت مع منتصف ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، وبالتحديد عند الساعة 12 من منتصف الليل.وخلال المؤتمر الصحافي اليومي قال عسيري إن “قيادة التحالف ستستمر في منع ميليشيا الحوثي من التحرك، وسيكون هناك عمل عسكري إذا ارتأت قيادة التحالف ذلك، مشيراً إلى أنه تم تنفيذ 2415 طلعة جوية حتى نهاية الحملة الجوية في عاصفة الحزم”.وأكد عسيري استمرار الحظر البحري لمنع تزويد الحوثيين بالسلاح، ومواصلة حماية المدنيين في عدن واستهداف تحركات الحوثيين. مشيراً إلى أن نهاية عاصفة الحزم جاء بطلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بعدما أكد أن العمليات حققت أهدافها.في المقابل شرح عسيريتفاصيل أوسع عن عمليات إعادة الأمل، التي سيكون فيها مراقبة جوية وبحرية، إذ سيتم استهداف تحركات الحوثيين إذا حاولوا الإضرار بالمدنيين، وهذا شق عسكري، إضافة إلى جانب الشق السياسي.وأوضح أن ” قضينا على قدرة الحوثيين على استخدامها، ولا نتحدث عن هدنة وإعادة الأمل لها شق عسكري”. مشيرا إلى أن عملية الإجلاء والأعمال الإنسانية مستمرة .

وفي السياق عينهاأصدرت وزارة الدفاع السعودية بياناً، بشأن عمليات عاصفة الحزم. حيث أكدت من خلاله أنه تم إزالة أي تهديد للسعودية وحدودها من الميليشيات الحوثية وميليشيات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في الوقت الذي أعلنت فيه قيادة التحالف اليوم انتهاء عمليات عاصفة الحزم بعدما حققت أهدافها، وبدء عمليات إعادة الأمل التي ستكون وفق قرار مجلس الأمن، وسرعة استئناف العملية السياسية في اليمن، وتهدف لحماية المدنيين واستمرار مكافحة الإرهاب.وأكدت وزارة الدفاع أن الطلعات الجوية أزالت أي تهديد ضد السعودية ودول الجوار، وتدمير الصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات.

قال البيان “تعلن وزارة الدفاع بالمملكة العربية السعودية أنه على إثر انطلاق عملية (عاصفة الحزم) والتي شاركت فيها القوات المسلحة السعودية بكل كفاءة واقتدار وأدت ولله الحمد إلى فرض السيطرة الجوية لمنع أي اعتداء ضد (المملكة) ودول المنطقة،  فقد تمكنت – بفضل الله – الطلعات الجوية التي شارك فيها صقورنا البواسل مع أشقائهم في دول التحالف بنجاح من إزالة التهديد على أمن المملكة العربية السعودية والدول المجاورة من خلال تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية التي استولت عليها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية لـ(علي عبدالله صالح)، من قواعد ومعسكرات الجيش اليمني”.

بيان دول التحالف وأهداف عمليات إعادة الأمل

ونص بيان دول التحالف على التالي: “نعلن عن انتهاء عملية (عاصفة الحزم) مع نهاية هذا اليوم وبدء عملية (إعادة الأمل) والتي سيتم خلالها العمل على تحقيق الأهداف التالية:
1 ـ سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن رقم (2216)، والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
2ـ استمرار حماية المدنيين.
3ـ استمرار مكافحة الإرهاب.
4 ـ الاستمرار في تيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية.
5 ـ التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للميليشيات الحوثية ومن تحالف معها، وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو المهربة من الخارج.
6 ـ إيجاد تعاون دولي ـ من خلال البناء على الجهود المستمرة للحلفاء ـ لمنع وصول الأسلحة جواً وبحراً إلى الميليشيات الحوثية وحليفهم علي عبدالله صالح من خلال المراقبة والتفتيش الدقيقين”.

وأضاف البيان “وفي هذا الخصوص تثمن دول التحالف صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بتخصيص مبلغ 274 مليون دولار لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن، من خلال الأمم المتحدة.وتود دول التحالف تأكيد حرصها على استعادة الشعب اليمني العزيز لأمنه واستقراره بعيداً عن الهيمنة والتدخلات الخارجية الهادفة إلى إثارة الفتنة والطائفية وليتمكن من بلوغ ما يصبو إليه من آمال وطموحات، وليعود اليمن لممارسة دوره الطبيعي في محيطه العربي”.

من جهته،أكد قيادي كبير بجماعة الحوثيين اليمنية إنه تم التوصل تقريبا الى اتفاق سياسي لإنهاء الصراع الذي ضم ضربات جوية قادتها السعودية ضد الجماعة لنحو شهر.وعبر عبد الملك العجري عضو المكتب السياسي للحركة المتحالفة مع ايران عن “دهشته” لإعلان التحالف الذي تقوده السعودية إنهاء العملية التي تحمل اسم “عاصفة الحزم” لكنه أشار الى أن الإعلان يتزامن مع إحراز تقدم نحو اتفاق شامل. وأضاف عبر الهاتف من اليمن لرويترز أن الحركة كانت تتوقع أن يكون هناك اتفاق على وقف لإطلاق النار بعد توقيع اتفاق سياسي وإن الموافقة عليه جاهزة تقريبا.

تجدر الإشارة، بأن عملية “عاصفة الحزم” العسكرية التي انتهت لتبدأ بعدها لتُطلق عملية “إعادة الأمل” ، قد أطلقها تحالف من عشر دول تقوده السعودية لحماية الشرعية في اليمن كانت قد  بدأت في السادس والعشرين من شهر آذار  الماضي، وحظيت بتأييد إقليمي ودولي على نطاق واسع   ، خصوصا من قبل الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي الذي تبنى بأغلبية أصوات أعضائه مشروع القرار الخليجي حول اليمن في الرابع عشر من الشهر الجاري، والذي يفضي إلى فرض حظر على تزويد الحوثيين بالسلاح ووضع اسمي نجل صالح وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي على القائمة السوداء.

_________________

(*) – الافتتاحية – هشام يحيى