جنبلاط : المملكة أوعى من الوقوع بفخّ نصرالله

صلاح تقي الدين ( المستقبل)

من المؤكد أن «حزب الله» ومن خلفه إيران فوجئا بـ«عاصفة الحزم» التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد الانقلابيين الحوثيين في اليمن، وهذا برأي رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط هو سبب اللهجة الانفعالية لأمين عام الحزب السيد حسن نصرالله ضد المملكة، متسائلاً «شو صاير عليه؟».

وإذا اعتبر جنبلاط أن المملكة التي وجدت أن أمنها القومي أصبح فجأة تحت مرمى صواريخ باليستية منصوبة في اليمن وتطال مختلف المدن السعودية، فإن ما يجب مناقشته فعلياً هو «هل السعودية هي من أعلنت الحرب ضد إيران أم أن إيران كانت البادئة في التحرّش والاعتداء على الأمن القومي السعودي من خلال دعمها العسكري والمالي غير المحدود لبعض الحوثيين، ودفعهم إلى الانقلاب على السلطة الشرعية المنتخبة في اليمن؟».

وأشار جنبلاط إلى أن اللهجة الانفعالية للسيد نصرالله لا تفيد بل «يجب العودة إلى الهدوء، والمبادرة الخليجية التي يشدّد الملك سلمان بن عبد العزيز على التمسّك بها كإطار للحل السياسي في اليمن»، مؤكّداً أن اليمن الذي كان على تماس تاريخي مع السعودية، هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للمملكة، وعاصفة الحزم حق مشروع للدفاع عن النفس، ونحن معها».

واستعرض جنبلاط في حديثه إلى «المستقبل» نتائج الحلم الامبراطوري الفارسي القديم «فمن خلال الدعم الذي قدّمته طهران إلى العراق ونوري المالكي، دمّرت مقدرات البلد وكان المالكي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مسؤولاً عن قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، كما أن الدعم الإيراني المستمر لبشار الأسد، دمّر سوريا وهجّر ابناءها، والوضع نفسه يتكرّر في اليمن من خلال دعم الحوثيين، فهل المطلوب دفع اليمن إلى المسار نفسه للعراق وسوريا؟».

وقال إن الخطاب التصعيدي ضد المملكة السعودية، «يؤكّد إلى حد ما تصريح علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن «إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، مشيراً باستغراب إلى عدم نفي أي مسؤول إيراني لهذا التصريح.

واستطراداً فالسؤال البديهي هو إلى أين يريد السيد نصرالله جرّ لبنان واللبنانيين عبر خطابه الموتور بحق المملكة، وهل أخذ بالاعتبار ما قد يترتّب على هذا الخطاب من نتائج وخيمة على معيشة حوالى نصف مليون لبناني فتحت لهم المملكة أبوابها وساهموا ويساهمون من خلال تحويلاتهم المالية في تمكين الاقتصاد اللبناني المزري من الاستمرار؟».

ويشير جنبلاط في هذا الإطار إلى أنه «في أوج عدوان إسرائيل في العام 2006 على حزب الله ولبنان، كانت السعودية أول من دعم لبنان وشعبه وساهمت في إعادة إعماره، فهل هكذا يكون رد الجميل؟».

إلى أين يعتقد أمين عام «حزب الله» أنه قادر أن يذهب في هذا المنحى؟ إذا كان المقصود، وهذا أمر محسوب في السياسة، أن يستفز السلطات السعودية لكي تُقدم على عمل يستهدف اللبنانيين بالعموم من دون احتساب انتماءاتهم المذهبية أو السياسية، لدفعهم إلى التكتل ضدها، فإن خادم الحرمين الشريفين ومعه الإدارة الحكيمة التي تقود المملكة أوعى وأفطن من أن تقع في فخ نصرالله ومن ورائه إيران.

لقد وجد «حزب الله» نفسه مصدوماً ومتفاجئاً من ردة الفعل السعودية، لكن الذي لا يمكن إيجاد تفسير له، هو مغامرة نصرالله غير المسحوبة في انتقاد المملكة وحتى الذهاب إلى حدّ التطاول على «مقدساتها»، وهل ما يجوز لحزب الله ونصرالله لا يحق لغيره؟ هل نسي أن القيامة قامت ولم تقعد بحق برنامج «بسمات وطن» لمجرد أنه تجرّأ على «المس» بمقدساته؟

هل يجب العودة إلى التاريخ نفسه الذي «حرّفه» نصرالله ليخدم خطابه، والتذكير لمن نسي أو تناسى أن الملك عبد العزيز آل سعود نفسه الذي تعرّض له نصرالله، طالب الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت إبان اجتماعهما الشهير على متن الطراد «يو أس أس كوينسي» في البحيرات المرّة الكبرى على خليج السويس في مصر «إعطاء اليهود وأحفادهم أراضي الألمان ومنازلهم فهم الذين اضطهدوهم»، وذلك لكي تبقى فلسطين عربية الهوية والانتماء، ولكي يمنع إقامة دولة يهودية عنصرية في أرض الديانات والرسالات السماوية؟

ويضيف الملك عبد العزيز «إنني لا أستطيع أن أترك عدواً لي في وضع يسمح له برد الضربة بعد الهزيمة»، وعلى إيران ونصرالله أن يعتبرا من ذلك الكلام التاريخي.

لا يستطيع نصرالله أن يجيز لنفسه ما يمنعه على الآخرين، وقد يبدو للبعض أنه رغم خطابه التصعيدي، فإن تأكيده على وجوب تحييد الداخل اللبناني عما يجري في اليمن، مؤشر على استمرار الهدوء والحوار القائم مع تيار «المستقبل»، رغم أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يخفي عدم ارتياحه الى أن الطرفين يرفعان، جولة بعد أخرى من الحوار، لهجة التصعيد والاتهامات والتشهير المتبادل.

غير أن بري الذي يرى أن تراكم الحملات يبرّر التوجس، لكنه بالمقابل يبدي اطمئنانه إلى أن إصرار كل من الرئيس سعد الحريري ونصرالله على استمرار الجلوس الى طاولة واحدة، يضع سقفاً للتوتر الذي بدأ ينعكس سلباً على الساحة اللبنانية، وأن الأمور لن تفلت من ناصيتها والوضع مضبوط.