بعد “عاصفة الحزم” هل من حل سياسي للأزمة السورية؟

بلغت حصيلة الأخيرة لضحايا الحرب السورية منذ بدء النزاع في منتصف آذار 2011 أكثر من 220 ألف قتيل، غالبيتهم من المقاتلين، وبينهم 11 ألف طفل على الأقل، بحسب آخر إحصاء للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ووثق المرصد، بحسب ما نقل مديره رامي عبد الرحمن “مقتل 220 الفا و271 شخصا منذ إنطلاقة الثورة السورية مع سقوط أول شهيد في محافظة درعا في 18 آذار حتى تاريخ 15 نيسان 2015”.

والقتلى هم 67293 مدنيا و39848 مقاتلا معارضا و28253 جهاديا، و46843 من قوات النظام و34872 من المسلحين الموالين له، و3162 مجهولي الهوية.

ويستند المرصد في معلوماته إلى شبكة واسعة من المندوبين والناشطين والمصادر العسكرية والطبية في كل سوريا. وقد أحصى بين المدنيين مقتل 11021 طفلا، و7049 امرأة فوق سن الثامنة عشرة.

ويتوزع مقاتلو المعارضة بين 37336 من المدنيين الذين حملوا السلاح ضد النظام و2512 منشقا. وبين المسلحين الموالين للنظام، قتل 682 عنصرا من حزب الله و2844 مقاتلا شيعيا من دول عدة.

وقتل حوالى خمسة آلاف شخص منذ 15 آذار/مارس الذكرى الرابعة لاندلاع النزاع. وإذ اشار مدير المرصد إلى أن المعدل الشهري لضحايا النزاع يدور غالبا حول الخمسة آلاف قتيل، إلا أنه سجل ان نسبة تسعين في المئة من القتلى المدنيين الذين بلغ عددهم في الفترة ذاتها 1184، قضوا في قصف جوي من قوات النظام، وهي نسبة شهرية نادرة خلال سنوات النزاع الدامية.

وأفاد المرصد أنه خلال الأسابيع الماضية ثمت تصعيد كبير في الغارات الجوية التي نفذتها الطائرات المروحية والحربية على مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، لا سيما إدلب (شمال غرب) وحلب (شمال) ودرعا (جنوب).

ولا تشمل حصيلة القتلى الاجمالية أكثر من عشرين ألف مفقود في سجون النظام ونحو سبعة آلاف معتقل من قوات النظام والموالين له لدى فصائل المعارضة وأكثر من ألفي مخطوف لدى جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية وكتائب إسلامية.

ويقدر المرصد أن العدد الحقيقي لقتلى النظام والمعارضين أكبر بكثير، مشيرا إلى “تكتم شديد من الطرفين على الخسائر البشرية” خلال العمليات العسكرية.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد بأن مقاتلات النظام قصفت مدرسة جميل قباني في أطراف حي الأنصاري في شرق حلب، ما تسبب في مقتل تسعة هم خمسة أطفال وثلاث مدرّسات ورجل”. وأشار الى أن “عدد الشهداء مرشّح للارتفاع بسبب وجود جرحى في حالات خطرة”. كما أفاد المرصد عن مقتل طفل في غارة على حي الشيخ خضر الواقع كذلك تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.

وكانت شبكة (الدرر الشامية) وزعت منذ أيام صوراً التُقطت من طائرات استطلاع أظهرت دماراً واسعاً في حلب. وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن القوات الحكومية ألقت في أربع سنوات نحو 3275 برميلاً على حلب و”قتلت 26251 شخصاً بينهم 20437 مدنياً و 3746 طفلاً”. وأشارت إلى وجود نحو عشرين حياً خارج سيطرة النظام بينها الأنصاري و15 تحت سيطرته. وأوردت في تقرير أن “اﻷحياء الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلّحة مدمّرة بنسبة لا تقل عن 55 في المئة”.

وتعتبر مدينة حلب المدينة الأكثر خسارة في الحرب الدائرة في سورية منذ حوالَيْ الأربع سنوات ونيف. وكانت تسمى العاصمة الاقتصادية للبلاد. كما ضمت إرثاً حضارياً وتاريخياً ومعالم سياحية، إضافة إلى سوقها القديم الذي كان من أقدم الأسواق.

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أفادت أن 184 برميلاً و272 صاروخاً و22 صاروخ أرض – أرض ألقيت أو قصفت على حلب وريفها الشهر الماضي. وكانت قالت بداية العام الماضي إن الطيران ألقى حوالى 1940 برميلاً متفجراً على الأجزاء الخاضعة لسيطرة المعارضة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 2500 شخص.

مدينة “حلب” تلك التي يسعى الموفد الدولي ستيفان دي مستورا إلى تحييدها عن النزاع، باتت شبه خالية وفق المرصد السوري وشبه مدمرة، إلاَّ أن مسار الأمور في سوريا بدأ يدخل مرحلة جديدة وفق مصادر دبلوماسية عربية وعسكرية متتبعة للمعارك المشتعلة في مناطق مختلفة من البلاد، فتقدم المقاتلين في أدلب وعلى الجبهة الجنوبية وفي الوسط قد يقلب المقاييس، إذا ما دعم بالمقاتليين والتعزيزات العسكرية التي بدأ الحديث عنها في تركيا بدعم من الرياض وبموافقة أميركية.

المتغيرالت العسكرية في سوريا تتكامل والموقف السياسي المتجدد لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس على ضرورة التوصُّل إلى حل سياسي للأزمة السّورية وفقاً لمقررات مؤتمر جنيف الأول. وقوله “إن استمرار تدفُّق الأسلحة إلى النظام السوري يعرقل الحل السياسي” ما يؤشر بروز اتجاه عربي جديد للتعامل مع الازمة السورية متكامل في الرؤية الى التعامل العربي امع الازمة اليمنية، حيث أصدر مجلس الامن قرارا دوليا تحت الفصل السابع يفرض حظر للأسلحة على الحوتيين وجماعة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.

كما وأن تناغم موقف الوزير السعودي مع موقف الوزير الفرنسي الذي أشار إلى “أن بشار الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من مستقبل سورية”، داعياً إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فيها يعزز وحدة الرؤية العربية – الاوروبية للحل في سوريا.

  إن الموقف السعودي الحالي يكمن في توقيته الجديد بعد إنطلاق “عاصفة الحزم” التي تقودها الرياض بالتحالف مع عشر دول من أجل الشرعية في اليمن ووقف التمدد الإيراني في المنطقة، ما يعزز الآمال بإمكانية توسع العاصفة لتشمل سوريا أيضاً.

هذا وكانت صحيفة “هافينغتون بوست” الأمريكية كشفت عن وجود محادثات عالية المستوى بين تركيا والمملكة العربية السعودية بوساطة قطرية لتشكيل تحالف عسكري للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.

ونقلت الصحيفة عن أحد المصادر المطلعة على تلك المحادثات قوله: إنه من المتوقع أن تقدم تركيا القوات البرية، في حين ستدعمها السعودية بالغارات الجوية، لمساعدة مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة ضد نظام الأسد.

كما أوردت عن مصدر آخر قوله، إن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أطلع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على هذه المحادثات خلال زيارة الأول للبيت الأبيض في شهر شباط الماضي. ونقلت الصحيفة عن مصدر مشارك في المحادثات قوله: إذا نجحت المحادثات بين تركيا والمملكة العربية السعودية، فإن تدخلهما في سوريا سيمضي قدما سواء دعمته الولايات المتحدة أم لا.

وأوردت الصحيفة أن إدارة أوباما شجعت دول الخليج على بذل المزيد من الجهود الخاصة لتعزيز الأمن الإقليمي، لا سيما في سوريا، معتبرة أن تدخل السعودية الأخير في اليمن يشير إلى أن المملكة أصبحت أكثر جرأة في استخدام القوات الخاصة، بدلا من الاعتماد على وكلاء.

لكن السياسة الأميركية الحقيقية تجاه سوريا، لازالت مستمرة على ما هي عليه، دعم المعارضة المعتدلة لتحقيق توازن في عسكري يجبر سوريا والمعارضة الجلوس على طاولة الحوار، لكن دخول قوات أرضية عربية الى سوريا يجعل موضوع التوازن مع الأسد عملية مختلفة عما هي عليه.

ما يعني برأي المصادر أن استعجال الامور في هذا السياق سابق لأوانه، ويتطلب قراءة استراتيجية متأنية لرد الفعل الايراني حول مسار عاصفة الحزم في اليمن، وما إذا كانت روسيا ستقف على الحياد وتسهل عملية التغيير في سوريا كما فعلت في مجلس الامن لتسهيل صدور القرار الدولي حول اليمن، وهنا تدخل القراءة الجيو – سياسية لموقع سوريا وتقاطع المصالح المختلفة العربية التركية الاسرائيلية والايرانية، فسوريا ليست اليمن.

————————————–

(*) فوزي ابو ذياب