أي تداعيات لمواقف “نصرالله” إزاء السعودية على لبنان واللبنانيين؟

لا تزال المواقف السلبية والتي وصفت “من قبل بعض المسؤولين السعوديين الكبار بالعدائية” التي أطلقها امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله ازاء المملكة العربية السعودية خلال المقابلة التي أدلى بها إلى الفضائية السورية التابعة للنظام الأسد ترخي بأثقالها على الأجواء السياسية في ظل مخاوف من انعكاس هذه المواقف المنحازة إلى النظام السوري والمتحاملة على نحو غير مسبوق على الخليج العربي والسعودية على علاقات لبنان الرسمية بدول الخليج عموما والمملكة العربية السعودية خصوصا وعلى أوضاع المواطنين اللبنانيين العاملين في تلك الدول. حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في  الساعات الماضية حملة واسعة من جميع المناطق ومختلف الطوائف والمذاهب اللبنانية مستنكرة ورافضة لمثل هذه المواقف التي تعرض المصالح المعيشية والاقتصادية للبنانيين الموجودين في دول مجلس التعاون الخليجي والذين يقدرون بمئات الآلاف لأشد المخاطر، في حين أن المسؤولين اللبنانيين الذي يطلقون مثل هذه المواقف عاجزون عن تأمين البدائل لمعيشة هؤلاء الناس وأبنائهم وأهاليهم،  فيما لو  جرى ترحيلهم إلى لبنان الذي يعاني من أوضاع اقتصادية ومعيشية واجتماعية صعبة.

إلى ذلك،وضعت  أوساط  متابعة لـ “الأنباء” بأن الزيارة التي قام بها سفير المملكة العربية السعودية السفير علي عواض عسيري الى عين التينة  في خانة تقديم الاحتجاج الشديد اللهجة على مواقف السيد نصرالله العدائية الأخيرة ضد السعودية، حيث التقى الرئيس نبيه بري في خطوة لم يعلن عنها سابقا بما يرجح فرضية الاحتجاج خصوصا ان الدبلوماسي السعودي غادر رافضا الادلاء باي تصريح. وسألت الأوساط عينها عن الجدوى من استمرار نصرالله في هجومه المتصاعد الوتيرة على المملكة العربية السعودية متغاضيا عن حجم السلبيات التي تترتب على اللبنانيين جراء التطاول على المملكة التي تقدم للبنان ما لم يقدمه اي بلد آخر من هبات ومساعدات وحرص على ابقاء ساحته مستقرة، مشيرة الى ان هناك اجماع وطني من قبل جميع  اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون الخليج بأن مواقف حزب الله هي خطيرة وتضر بمصالحهم وبمصالح لبنان العليا نطرا لأهمية وحيوية العائدات المالية  التي يحولها هؤلاء اللبنانيين إلى ذويهم في لبنان سنويا على الإقتصاد اللبناني، لذلك هم يناشدون الدولة من خلال مجلس الوزراء إلى اتخاذ الخطوات اللازمة التي تحمي مصالحهم ومصالح لبنان رافضين تعرض تلك المصالح للخطر بفعل سلوكيات ومواقف بعض القوى السياسية التي تتعارض جملة وتفصيلا مع عروبة لبنان وانتمائه لمحيطه العربي.

في السياق عينه، نقلت مصادر إعلامية عن السفير عسيري أنّ وزير الإعلام رمزي جريج أعرب خلال الاتصال به “عن اعتذاره لما تخللته المقابلة التي نقلها تلفزيون لبنان الرسمي أمس (الأول) مع نصرالله من إساءة إلى المملكة ومواقف لا تعبر عن الإعلام اللبناني الرسمي الذي يمثله تلفزيون لبنان، مؤكداً حرص المؤسسات الإعلامية اللبنانية الرسمية على تقدير السعودية واحترام قيادتها ومسئوليها ، وواعداً بإجراء تحقيق داخلي لمحاسبة المسؤولين ومنع تكرار مثل هذه الأمور”. كذلك تلقى السفير السعودي “عددًا من الاتصالات المماثلة من وزراء في الحكومة اللبنانية ومسؤولين سياسيين وإعلاميين استنكروا خلالها خطوة تلفزيون لبنان الرسمي، مؤكدين أن الإعلام والإعلاميين اللبنانيين يقدرون عالياً المواقف النبيلة التي اتخذتها المملكة تجاه لبنان وشعبه ويرفضون أي إساءة توجّه لها من أي جهة”.

بدوره، عقد الوزير جريج مؤتمرا صحافيا في مكتبه في وزارة الاعلام، في حضور المدير العام للوزارة حسان فلحة ومديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان تطرق خلاله الى التجاوزات الاعلامية خلال البرامج السياسية، فقال: “استغل مناسبة لقائي اليوم بممثلي وسائل الاعلام المرئي والمسموع لكي اصارحهم بأن الكثير من التجاوزات غير المقبولة يعتري الآداء الاعلامي في الفترة الاخيرة. فإذا كانت الحرية الاعلامية مكرسة في الدستور اللبناني وفي القوانين التي ترعى الاعلام، الا ان هذه الحرية يجب ان تمارس دوما تحت سقف القانون، الذي يصون حقوق الناس وكرامتهم ويحمي السلم الاهلي والوحدة الوطنية من كل تعرض”.

اضاف: “ذلك ان القوانين المرعية الاجراء، ولا سيما قانون العقوبات تدين التجاوزات الاعلامية، التي تشكل قدحا او ذما او تحقيرا بالاشخاص او تؤدي الى اثارة النعرات الطائفية او تهدد السلم الاهلي، الواجب تحصينه، خصوصا في الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد”.وتابع: “وانه لمن المؤسف جدا ان نشاهد منذ مدة على بعض الشاشات تعرضا لشخصيات وأشخاص، لم ينج منها بعض الاعلاميين انفسهم، وتشهيرا في بعض البرامج السياسية وغيرها بمؤسسات عريقة كنقابة المحامين، التي اضطرت الى الاستحصال من القضاء المختص على قرار بمنع بث البرنامج الذي يتناولها، فان كل هذه الممارسات لا تمت الى الحرية الاعلامية والى المناقبية المهنية بصلة، وتخالف بشكل صارخ وواضح احكام القانون”.وأردف: “كذلك شاهدنا في الفترة الاخيرة بعض الحلقات السياسية يحولها ضيوفها الى حلبات مصارعة، يغلب فيها الخطاب المتشنج وحتى تبادل الشتائم على الرأي السياسي الرصين. ان هذا الآداء يدعوني الى الطلب من كل وسائل الاعلام التقيد، في نشراتها والتعليقات عليها وفي الحلقات السياسية التي تنظمها، بأحكام القانون وبالمبادىء التي التزمت بها في ميثاق الشرف الموقع من غالبيتها، لذلك سأضطر الى اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة في حق المخالفين في حال استمرار هذه التجاوزات، التي تضر بالمصلحة الوطنية العليا”.

وفي نهاية المؤتمر، سئل وزير الاعلام عن موضوع نقل “تلفزيون لبنان” لخطاب الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، وسبب النقل المباشر وخصوصا ان كلام نصر الله حمل انتقادات للسعودية وهو خارج اطار الحكومة والنأي بالنفس، فقال: “لم يسألوني عندما تم النقل واطلعت عليه عبر الشاشة وكان البث عبر المنار وتلفزيون لبنان. اما موضوع خطاب السيد حسن نصر الله وكلامه فهو ينشر في لبنان كما ينشر كلام سائر الزعماء اللبنانيين والاطراف السياسية وهي تعبر عن ارائها مهما كانت هذه الاراء عبر شاشات التلفزيون، لكن الموضوع هو الاتصال بالاخبارية السورية من اجل هذا النقل، في حين اننا نأينا بأنفسنا من اي اتصال بالنظام السوري باعتبار ان سياسة النأي بالنفس لا تتفق مع اتصال كهذا، هذا الموضوع سأتولى معالجته لكن ليس عبر وسائل الاعلام”.

تجدر الإشارة ان التلفزيون الرسمي، أوضح في نشرته الإخبارية المسائية، بما يشبه الاعتذار من ان التلفزيون يعمل مهنياً وسياسياً ووطنياً بالتوجه العائد للحكومة ورئيسها ووزير الإعلام، وانه لم يتم أي اتصال مع أي جهة سياسية أو إعلامية سورية، وانه يلتزم بسياسة الحكومة اللبنانية بالنأي بالنفس عن الحرب الدائرة في سوريا، وبالتالي عدم التعاطي مع النظام السوري.

في المقلب الامني، نفذ الجيش عملية اغارة نوعية وخاطفة فجر الثلاثاء، ضد مجموعات مسلحة تقوم بتحضيرات قتالية ولوجستية على جبل المخيرمة في اعالي جرود رأس بعلبك، واشتبك معها موقعا في صفوفها ثلاثة قتلى واربعة جرحى، كما تمكن من تدمير مدفعين ورشاشات ثقيلة وآليات، وعادت قوى الجيش الى مراكزها من دون تسجيل اصابات بحسب ما جاء في بيان قيادة الجيش، وتندرج العملية في سياق العمليات الوقائية التي ينفذها الجيش للقضاء على تجمعات مسلحة ومنعهم من التسلل لاستهداف مراكزه. وذكرت المعلومات ان العملية نفذت في منطقة بعيدة من محاور القتال وبعمق 2 كلم داخل الجبهة وتمت بنجاح ملحوظ اذ تمكن الجيش من تحقيق الهدف وسحب قوته تكتيكيا من دون وقوع اصابات في صفوفها.

وليس بعيدا، عقد اهالي شهداء الجيش في عبرا مؤتمرا صحافيا تحت عنوان “التسوية لن تمر” رفضوا خلاله التسويات على حساب دماء ابنائهم وطالبوا باحالة الملف الى المجلس العدلي.

اما اهالي العسكريين المخطوفين، وفي ضوء المعلومات التي تحدثت عن نقلهم الى محافظة الرقة السورية، فحشدوا طاقاتهم وناشدوا الحكومة تكليف المفاوضين احضار تسجيل جديد للعسكريين الاسرى لدى “داعش” خلال مهلة اسبوع، والا فانهم سيعودون الى التصعيد مجددا ولوحوا بتحركات ستفاجئ الجميع في حال بقي الوضع على حاله.

وفي سياق غير بعيد، عن ازمة الخطف والمخطوفين تم الافراج عن ثلاثة سائقين لبنانيين من منطقة عكار من ضمن المحتجزين عند معبر نصيب على الحدود الاردنية – السورية في حين بقي مصير الرابع مجهولا.

________________

(*) – الإفتتاحية – هشام يحيى