اليرموك نهاية القضية الفلسطينية!

بقلم مراقب

حين قرر تنظيم الدولة الاسلامية مهاجمة مخيم اليرموك، ودوس العلم الفلسطيني، وقطع رؤوس الفلسطينيين المدافعين عن المخيم، كان هناك طرف آخر شديد الفرح ونشيط في إستكمال الجانب الآخر من المهمة.

الجانب الرئيسي في المهمة هو تصفية الفلسطينيين، وترك شماعة القضية، ليعلق عليها كل أشكال القمع والهيمنة وحب السيطرة، وحكم بلادنا، وفرض الحلول بالعنف والإكراه، والسماح للدول الممولة (نعني إيران وروسيا) بتنفيذ مصالحها بالشراكة مع الأنظمة المحلية.

والطرف السعيد بتقدم تنظيم الدولة الإسلامية هو النظام، ومنظمات فلسطينية باتت تعيش على هامش الدنيا وفي غياهب النسيان.

لم يكن ممكناً تقديم خدمة أكبر للنظام السوري وحلفائه في سوريا ولبنان والمنطقة القريبة والبعيدة، ولم يفوت النظام الفرضة للتأكد من نجاح إجتياح داعش للمخيم في اليرموك، فبادر إلى خلق غطاء ناري من القصف، ولاحقا بقصف المخيم بالبراميل (نفسها التي لا يراها الرئيس السوري بشار الاسد ولا يرى طناجر لدى الجيش العربي السوري). خلق النظام الغطاء الناري اللازم لتقدم داعش، وحليفتها في المعركة جبهة النصرة.

لم يكن ممكناً وضع القضية الفسطينية على طريق التصفية أسرع من ذلك، هناك محاولات سابقة لشيطنة المخيمات، وشيطنة الإنسان الفلسطيني، من مخيم عين الحلوة، إلى مخيم نهر البارد، إلى ترك الأمور على غاربها في مخيم شاتيلا، وتحويله إلى وكر لكل الموبقات الاجتماعية، إلى تشديد الحصار على المخيمات الباقية في لبنان وسوريا.

إلا أن أوان تصفية مخيم جديد قد لاحت في الأفق، وكما هي العادة يسرع النظام السوري إلى المشاركة في تصفية المخيم (تذكروا في مخيم نهر البارد، وبدل الحل الفلسطيني للمخيم، سارع النظام السوري الذي سبق أن خرج مذلولا من لبنان إلى تقديم كل ما يلزم من قذائف الدبابات للجيش اللبناني، فقط المهم أن يتم دك المخيم).

في بداية الحرب الأهلية كان شعار قوى الانعزال (حينها) الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت، ومنذ أن أتى حكم الأنظمة “التقدمية” إلى بلادنا المنكوبة أصبح شعارها “الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الخاضع”، فإن خضعت حماس فهي جيدة، وإن تمردت فهي خائنة.

المخيم متمرد طبعاً، كما كل المخيمات. ولكن السفير الفلسطيني في سوريا خاضع، ومتوائم تماماً مع سياسة النظام، يمكنه أن يحتفل بيوم الأرض في السفارة مع مدعويه، ويتناولون فاخر الطعام بينما المخيم المحاصر في اليرموك يموت جوعا، والموت جوعا ليس تعبيراً مجازياً هنا، أكثر من ٢٥ من أبناء المخيم وبناته وأطفاله ونسائه ماتوا بسبب الجوع.

السفير الفلسطيني جيد، يمكن إستضافته، ويحسن التصرف في الأماكن العامة، أما المخيم فلا يزال يمثل القضية المركزية: شعب مظلوم مشرد من أرضه يبحث عن حريته وحقه بالحياة.

لا بد من القضاء على المخيم، لا بد من القضاء على الفلسطينيين، أما السفير ومن يؤجر الأنظمة حق التحدث بإسم “القضية المقدسة” فيمكنه البقاء في بلادنا السعيدة، حتى لو كان تابعا لرئيس السلطة الفلسطينية (الخائن؟) محمود عباس.