ما هي أبرز معايير الإتفاق النووي المبدئي بين إيران والقوى الكبرى؟

لا تزال تفاعلات الإتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى ترخي بأثقالها على الأوضاع الإقليمية والدولية سيما أن هناك الكثير من الملابسات المحيطة بهذا الإتفاق المبدئي الذي يفرض على إيران تخصيبا لا يزيدا عن الـ 5% وهي النسبة التي لا تخولها تصنيع سلاحا نوويا وتوفر احتياجاتها من الكهرباء.

وبحسب المتابعين أن هذا الاتفاق كان معروضا على إيران منذ عشر سنوات إلا أن المكابرة الإيرانية و المزايدات الشعبوية السياسية داخل إيران أدت إلى رفضه الأمر الذي تسبب بدفع الشعب الإيراني أثمانا باهظة من أمنه واقتصاده  ومعيشته ونمو مجتمعه الذي عانى ما عاناه بسبب السياسات الخاطئة التي انتهجت في ايران ، حيث بدات تصدر من داخل صفوف المعارضة الإيرانية الأصوات العالية المطالبة بمساءلة ومحاسبة القيادات المسؤولة التي خذلت الشعب الإيراني و تسببت له بكل هذه المعاناة المأساوية،  ففي المحصلة أن الشعب هو وحده من قدم التضحيات و تحمل  دون الطبقة السياسية الحاكمة الفقر والعوز وكافة تكاليف وأعباء العقوبات الإقتصادية المرهقة طيلة الأعوام الماضية.

إلى ذلك،أعلنت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الإيراني محمد جواد ظريف، الخميس، أنه تم التوصل إلى حلول حول نقاط رئيسية، ويمكن البدء بصياغة اتفاق نووي يقيد أنشطة إيران النووية.وقالت موغيريني: اليوم قمنا بخطوة حاسمة وتوصلنا إلى حلول حول نقاط رئيسية، فيما يتعلق بخطة عمل شامل. الإرادة السياسية والعمل الجاد لكافة الأطراف جعل هذا الأمر ممكنا. هذا قرار حاسم يضع الأساس المتفق عليه من أجل نص نهائي لخطة عمل مشتركة شاملة. ويمكن الآن أن نبدأ بصياغة النص والملحقات لخطة عمل مشتركة شاملة بناء على الحلول التي تم التوصل إليها”.

وتابعت: “بينما ستطور إيران برنامجا نووي سلميا، سيتم تقييد أنشطة إيران لفترة محدودة ولن يكون هناك أي منشآت تخصيب أخرى”.كما أعلن المفاوضون الأوروبيون والإيرانيون أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيرفعان جميع العقوبات المفروضة على إيران، بسبب برنامجها النووي، عندما تتحقق الأمم المتحدة من أن طهران تطبق الاتفاق الذي يحد من برنامجها النووي.

وفي هذا السياق، قالت موغيريني إن “الاتحاد الأوروبي سيوقف تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي، كما ستوقف الولايات المتحدة تطبيق جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة ببرنامج إيران النووي بالتزامن مع تطبيق إيران لالتزاماتها الرئيسية بعد أن تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ذلك”.

وبحسب هذا الاعلان المشترك الذي يشكل مسودة الاتفاق النهائي التي سيجري العمل على صياغتها حتى نهاية حزيران المقبل، فان مدة الاتفاق ستكون 10 سنوات، على ان تتمكن ايران خلالها من متابعة عمليات البحث والتطوير للطرود المركزية المتقدمة دون ان تغلق اياً من مفاعلاتها النووية.
كما ينص الاتفاق على استمرار برنامج تخصيب اليورانيوم داخل البلاد ومواصلة انتاج الوقود النووي للمحطات النووية داخل ايران. وان محطة فوردو ستصبح مركزا للدراسات النووية والفيزياء المتطورة وانه سيتم الحفاظ على 6000 جهاز طرد مركزي وجميع البنى التحتية للاجهزة والجزء الاخر لاجهزة محطة فوردو وبمساعدة بعض دول 5+1 ستيم استخدامها للدراسات المتطورة النووية وانتاج اجهزة ايزو توب الذي تستخدم في الصناعة والزراعة والطب.ويؤكد الاتفاق ان مفاعل اراك للمياه الثقيلة ستبقى ولكن سيتم اعادة تخطيط لها وتطويرها وسيتم تقليل نسبة البولوتونيوم الذي ستنتجه ولكن سيتم تطوير عمل المفاعل وستستمر نشاطات مصنع المفاعل لانتاج المياه الثقيلة.وبشأن العقوبات سيتم بعد تنفيذ الاتفاق الشامل سيتم الغاء جميع قرارات مجلس الامن والعقوبات الاميركية والاوروبية الاقتصادية والمالية والاشخاص والمؤسسات وفي مرحلة واحدة وان دول 5+1 ستقدم ضمانات بعدم وضع عقوبات جديدة في الملف النووي.وتضمن الاعلان المشترك الصادر عن ظريف وموغريني الخطوط العريضة التي جرى التفاهم عليها، ونص التفاهم حول آلية رفع العقوبات عن ايران، وعُلم ان المفاوضين تفاوضوا مع ايران على خطوط الاتفاق المرحلي “سطراً سطراً”.

ردود الأفعال

وقد وصف الرئىس الاميركي باراك اوباما الاتفاق مع ايران بالتاريخي والجيد، لافتاً الى ان ايران ذهبت الى طاولة المفاوضات وان العقوبات وحدها لم توقف البرنامج النووي.وشدد الرئىس الاميركي على ان هذا الاتفاق اذا تم تنفيذه بشكل كامل سيمنع ايران من الحصول على سلاح نووي. مشيراً الى ان رفع العقوبات مشروط بالتزام ايران الكامل بالاتفاق.وإذ اكد انه لا يتفق مع نتنياهو حول معالجة الملف النووي، جدد اوباما التزام بلاده امن «اسرائىل ودول الخليج. واشار الى ان الاتفاق وحده لن ينهي الشعور بعدم الثقة تجاه طهران. وقال ان الاتفاق سيجعل الولايات المتحدة وحلفاؤها اكثر أمنا.
وعلق وزير الخارجية الاميركي جون كيري في تغريدة على اتفاق الاطار بالقول ان الاتحاد الاوروبي ومجموعة خمسة زائد واحد وايران لديها «الآن المعايير لحل المسائل الرئىسية» المتصلة بالبرنامج النووي الايراني، واصفا هذا اليوم بـ«المهم».
ورأى وزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند ان ما اتفق عليه مع ايران يشكل اساساً جيداً لما يمكن ان يكون «صفقة جيدة جداً».

بدوره، اكد الرئىس الايراني حسن روحاني على «تويتر» التوصل الى حلول تتناسب مع المعايير الرئىسية في القضية النووية الايرانية، مشيراً الى ان صياغة الاتفاق ستبدأ مباشرة على ان تنتهي بحلول 30 حزيران المقبل.

ومن جهتها، قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن اتفاق الإطار مع إيران يمثل “خطوة مهمة” تجاه منعها من الحصول على أسلحة نووية.وأضافت في بيان: “اقتربنا أكثر من أي وقت مضى من اتفاق يجعل من المستحيل لإيران أن تمتلك أسلحة نووية”.

وبدورها، أعلنت الرئاسة الفرنسية أنها “ستسهر” على أن يكون تطبيق الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران “موثوقا به ويمكن التحقق منه”، محذرة من أن العقوبات “ستفرض مجددا إذا لم يطبق الاتفاق”.وأضافت الرئاسة الفرنسية في بيان أن “فرنسا ستحرص كما تفعل دائما بالتنسيق مع شركائها، على أن يتم تنفيذ (التفاصيل)، بهدف التوصل الى اتفاق موثوق به ويمكن التحقق منه”، محذرة من أن “العقوبات التي رفعت يمكن أن تفرض مجددا إذا لم يطبق الاتفاق”.

أما رئيس وزراء العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد أبلغ الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال مكالمة هاتفية، أمس، أن الاتفاق الإطاري الذي تم التوصل إليه قبل ساعات في لوزان حول البرنامج النووي الإيراني، من شأنه إذا ما طبق أن يمهد الطريق أمام طهران لحيازة القنبلة الذرية ويهدد بقاء إسرائيل. وقال المتحدث باسم نتنياهو، في تغريدة على موقع “تويتر”، إن رئيس الوزراء نتنياهو قال للرئيس أوباما إن اتفاقًا نهائيًا يستند إلى هذا الاتفاق الإطاري من شأنه أن يهدد بقاء إسرائيل”.

وفور الاعلان عن الاتفاق تحدثت وسائل اعلام العدو عن قلق كبير من الاتفاق النووي الايراني بين ايران والسداسية، معتبرة ان «ايران حصلت على اغلب ما تريده في المفاوضات النووية وهذه اخبار سيئة لاسرائيل».
وكان رئىس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو استبق نتائج المفاوضات النووية بالدعوة لان يلحظ اي اتفاق نووي الى الحد «بشكل كبير» من قدرات ايران النووية.

بينما في إيران،نزل مئات الإيرانيين إلى شوارع العاصمة طهران الخميس للاحتفال بالاتفاق الإطار، الذي تم التوصل إليه قبل ساعات في مدينة لوزان السويسرية بين الدول الكبرى والجمهورية الإسلامية حول برنامجها النووي.وسير المحتفلون مواكب سيارة في جادة والي العصر ما أدى إلى توقف السير في جزء من هذه الجادة التي تجتاز العاصمة من جنوبها إلى شمالها، فيما أطلق السائقون العنان لأبواق سياراتهم، بينما راح المشاة يغنون ويرقصون على الرصيف، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.

أبرز معايير الاتفاق

أبرز المعايير التي تم التوصل إليها كانت بتخفيض قدرات التخصيب لإيران ولا مواد انشطارية في منشأة فوردو، وتحويل منشأة فاردو إلى مركز تكنولوجي وفيزيائي ومنشأة آراك لن تنتج بلوتونيوم للتسليح، إلى جانب تخفيض مخزون إيران من اليورانيوم قليل التخصيب من 10 آلاف كيلوغرام إلى 300.
على الصعيد الآخر ستقوم كل من أمريكا وأوروبا بتعليق العقوبات الاقتصادية المتعلقة بالملف النووي الإيراني، في الوقت الذي ستعلق فيه الأمم المتحدة كامل القرارات الصادرة بشأن البرنامج النووي لطهران.
وكان مصدر غربي قال لوكالة رويترز قبيل الاعلان عن الاتفاق ان القوى الست وايران اتفقت على تعليق اكثر من ثلثي قدرات التخصيب الايرانية الحالية مراقبتها 10 سنوات.
وذكرت وسائل اعلام ايرانية ان ايران ستتخلص من نحو ثلث اجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم لتنخفض من 19 جهازاً الى 6 اجهزة فقط بحسب الاتفاق.

______________

(*) – الافتتاحية – هشام يحيى