فلسطين نعم، الفلسطينيون لا!

بقلم مراقب الأنباء

يوم الأرض، إحتفال وصدامات متنوعة مع قوات الإحتلال الإسرائيلية، إلا أنه مناسبة لإعادة التفكير مجدداً، كما كل مرة، في عمق القضية الفلسطينية، وخاصة بما أنجز لحل هذه القضية.

منذ بداية تسعينيات القرن الماضي بدأت عمليات التفاوض، وسط نزاعات شديدة، كان هناك من يريد حصر التفاوض مع الدول العربية، هذا الطرف لم كان إلى جانب الإسرائيليين، الأنظمة العربية، التي فضلت في البداية أن تتفاوض نيابة وبالوكالة عن الفلسطينيين.

مسكينة فلسطين، الكل يحبها، ولكن لا أحد يحب أن يسمع صوت أبنائها، هذا ما حصل في المفاوضات، ونتحدث عن المفاوضات حتى لا نشير إلى تاريخ طويل، لا زلنا نختلف عليه، من الذي قاتل من أجل فلسطين؟

كان من السهل أن نتهم الأنظمة ما قبل الإستقلال في المنطقة بالخيانة وإرسال جيوش دون أوامر وبالسعي إلى الهزيمة أمام عصابات الصهيونية، ولكن ماذا نقول عن الأنظمة التقدمية التي لم تقدم لنا إلا المزيد من الهزائم؟ اللهم إلا إذا إستثنينا حرب العام ١٩٧٣”، والتي تعتبر حرب تحريك وليست حرب تحرير”.

نعود إلى المفاوضات، ثمة توجه سياسي ودعائي يقول بأن المفاوض من الأنظمة العربية شريف، ولكن المفاوض الفلسطيني متخاذل، طبعاً، لأن الأنظمة تحاول إبتلاع القضية الفلسطينية للحفاظ على إستقرارها، وفي إبتلاعها هذا مجرد إمساك بورقة يمكنها أن تجلب لها الأمن والسلامة أمام الدول العظمى، وتعطيها المشروعية في السلطة امام شعوبها (المقادة بالعاطفة المعادية لدولة إسرائيل وكيانها).

مشروعية وأمن تحصل عليها الدول العربية (تقدمية وعلمانية وإنقلابية ومشيخية وممالك وامارات وسلطنات)، بمجرد الإمساك بجزء من القضية الفلسطينية.

أما من يريد الدخول إلى المنطقة العربية فعليه أيضاً أن يتحدث عن فلسطين، باكراً أدرك السوفيات هذا الأمر، وإضافة إلى نزاعهم مع الغرب، والولايات المتحدة، ما يدفع بالاتحاد السوفياتي إلى العداء مع إسرائيل، حاولوا كسب تعاطف المنطقة العربية عبر القضية الفلسطينية، ثم أتى زمن الثورة الإسلامية في إيران، ومع الجمهورية الإسلامية أتت محبة دافقة تجاه فلسطين، وفاضت هذه المحبة منذ سيطرة الإسلاميين على الثورة في إيران ثم على الدولة الايرانية، وحتى اللحظة.

إلا أن الدولة الإيرانية والجهات العاملة تحت جناحها وعلى الرغم من محبتها الشديدة لفلسطين، إلا أنها تمقت الفلسطينيين، هؤلاء الفلسطينيون يعطلون دائماً إمكان تحرير بلادهم، هم من يحاول إنتزاع قضيته من الأيدي الإقليمية والدولية، وهم من يسعى إلى التحرر رويداً رويداً، ولو بمفاوضات شاقة وقاسية.

هكذا لم تموّل إيران حركة “حماس” منذ العام ٢٠١٠، وهكذا لم تقدم إيران السلاح إلى “حماس” يوماً عكس ما يحكى ويشاع، وهكذا إتهمت ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الأول بالخيانة، وهكذا قررت هي أن تحرير فلسطين يجب أن يمر عبر أيدي مقاتليها أو من تحددهم هي.

تركيا أيضاً لم تشذ عن القاعدة، تركيا قررت الدخول إلى المنطقة العربية “والإسلامية” بعد صدها عن دخول الاتحاد الأوروبي، فأرسلت طلب الإنضمام إلى القضية الفلسطينية عبر البواخر وعبر سخط رئيس حكومتها (آنذاك) رجب طيب أردوغان على نظيره الإسرائيلي علناً، في خطوة لم تنقصها خشبة مسرح لتكون مسرحية.

الكل يحب فلسطين، ولكن لا أحد يريد أن يسمع عن إرادة الشعب الفلسطيني. كل الدول العظمى والإقليمية والمنظمات العسكرية وشبه العسكرية شريفة، وحده الإنسان الفلسطيني عليه أن يكتسب وطنيته كل يوم عبر تأكيد الولاء للأنظمة والدول والمنظمات المتوكلة تحرير فلسطين.

مسكينة فلسطين.