ما هي آخر تطورات المحادثات النووية بين إيران والقوى الكبرى؟

فيما كانت التطورات العسكرية الميدانية تتسارع على أكثر من جبهة عربية انطلاقا من سوريا مرورا بالعراق ووصولا إلى اليمن وسط  ملامح لاعادة صياغة جديدة في المشهد الدولي والاقليمي كان الغموض يكتنف مسار الساعات الأخيرة من المحادثات النووية  الشاقة والصعبة بين إيران والقوى الكبرى في سويسرا.

وفي ساعة متأخرة من ليلة الأمس قالت وزارة الخارجية الأمريكية يإن واشنطن تعتقد انه تم احراز تقدم كاف في المفاوضات بين إيران والقوى العالمية الست يسمح بالبقاء في سويسرا لما بعد مهلة تنتهي منتصف الليل رغم استمرار وجود قضايا صعبة.وقالت ماري هارف المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالانابة في بيان “احرزنا تقدما كافيا في الأيام القليلة الماضية يستحق البقاء حتى الأربعاء على الرغم من أنه لا تزال هناك عدة قضايا صعبة”.

إلى ذلك، في اليوم الاخير من مفاوضات الملف النووي في لوزان، بدأ وزراء خارجية دول مجموعة الخمسة زائدا واحدا اجتماعا صباحيا في غياب وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف قبل ان يجتمعوا الى وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف لاحقا، لمحاولة ازالة العقبات الثلاث التي ما زالت قائمة مع طهران من اجل التوصل الى اتفاق اولي في شأن الملف النووي بحلول منتصف الليل، يفترض ان يشكل الاتفاق الاطار الهادف الى التثبت من عدم سعي ايران لحيازة قنبلة ذرية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها. ومع ان موعد 31 اذار ليس نهائيا، ما دام الموعد الاخير حدد في نهاية حزيران المقبل، غير انه يشكل محطة مفصلية في سجل المفاوضات الدولية مع ايران يفترض ان تحسم التوجهات سلبا او ايجابا.

وتوقعت اوساط مطلعة ان يقفل اليوم الاخير من مفاوضات لوزان، في حال لم يصل المفاوضون الى ازالة عقدة الخلاف الاساسية المتمثلة برفع العقوبات الدولية المفروضة تحت الفصل السابع، اذ ان ايران تطالب بالحد الادنى المعقول القاضي بتجميد العقوبات في مرحلة اولى مع وعد بالغائها لاحقا، على ورقة “اعلان نيات” مع التأكيد على التوقيع في شهر حزيران، وذلك بعدما تدرجت الآمال المعلقة على نتائج المفاوضات من اتفاق سياسي الى اطار اتفاق فمذكرة تفاهم يبدو انها لن تبلغها لتنتهي بـ”اعلان نيات”.

واعتبرت الاوساط ان الضغوط الكبيرة التي تمارس من اكثر من جهة في العالم لا سيما اسرائيل وبعض دول اوروبا والحزب الجمهوري الاميركي، تحول، وان في شكل غير مباشر، دون تحقيق حلم الرئيس باراك اوباما بتسجيل الاتفاق التاريخي في سجل انجازاته بعدما فشل على المستوى الداخلي. واعتبرت الاوساط ان مطلب ايران برفع جميع العقوبات عنها بالتزامن مع التوقيع، غير قابل للتحقيق، في ضوء وجود آليات محددة لا يمكن تجاوزها من بينها ان بعض العقوبات الاميركية يحتاج الى قرار من الكونغرس غير ممكن راهنا في ضوء التعقيدات المتحكمة بالوضع الداخلي في حين ان العقوبات الاوروبية تحتاج الى قرار من الاتحاد الاوروبي والحكومات يستوجب بدوره آلية معينة. اما العقوبات الأممية، وهي الاهم، فتبدو ازالتها الاصعب لكون بعض الاعضاء الدائمين في مجلس الامن يصر على عدم ازالتها الا بعد فترة اختبار من ضمن برنامج على مراحل يتدرج فيها قرار الالغاء.

ومن لوزان, أفادت مصادر صحفية بأن انفراجة كبيرة وتطورا “دراماتيكيا” حدثا الثلاثاء قبل ساعات من انتهاء المهلة المحددة لاتفاق إطاري بين إيران ومجموعة “5+1” (أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا), يفرض قيودا صارمة على برنامج طهران النووي.وأضافت أن هذا التطور تمثل في إعلان المفاوض الإيراني حميد بعيدي نجاد عن توصل الطرفين إلى تسوية لمسألة رفع الحظر الدولي عن إيران. وكانت إيران تطالب في جلسات التفاوض السابقة برفع العقوبات دفعة واحدة, وهو ما كانت تعارضه الولايات المتحدة وحلفاؤها.وقالت المصادر إنه في حال سارت المفاوضات بنفس الوتيرة, من المتوقع التوصل لبيان شامل أو اتفاق, وأوضح أن البيان الشامل سيكون دون الاتفاق وفوق مذكرة تفاهم.الجولة الحالية التي استؤنفت نهاية الأسبوع الماضي, انحصرت الخلافات في نقطتين أساسيتين، هما رفع العقوبات, ومدة مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية.

فإيران تريد إلغاء العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يفرضها عليها مجلس الأمن الدولي منذ 2006 فور توقيع الاتفاق، في حين تفضل القوى الكبرى رفعها تدريجيا. وفي حال رفع بعض هذه العقوبات، فإن الدول الكبرى تريد آلية تسمح بإعادة فرضها بشكل سريع في حال انتهكت إيران التزاماتها، كما أفاد دبلوماسي غربي.وبينما تطالب الدول الكبرى بتحديد إطار صارم لمراقبة النشاطات النووية الإيرانية, خاصة في مجال البحث والتطوير لمدة لا تقل عن 15 عاما، ترفض إيران الالتزام لأكثر من عشر سنوات.

ونقل عن مصادر أميركية في لوزان أنه حتى لو تم التوصل فقط لبيان شامل بدلا من اتفاق إطاري, فسيعتبر ذلك إنجازا للجانب الأميركي. وأضاف أن المصادر الأميركية تتحدث عن تقدم هام، لأن الاتفاق المحتمل يجبر إيران -من وجهة نظرها- على وقف أنشطتها في مجال تخصيب اليورانيوم.وقبل ساعات من انتهاء المهلة المحددة, قال المفاوض الإيراني حميد بعيدي نجاد إنه لا تزال هناك مسائل عالقة يسعى الطرفان لحلها. وقبل ذلك قال مسؤولون أميركيون إنهم لا يستبعدون مواصلة التفاوض حتى الأربعاء في حال كان ذلك ضروريا للتوصل لاتفاق.

وقال متحدث باسم البيت الأبيض في الأثناء إن الجانب الأميركي سينسحب من المحادثات النووية في حال عدم التوصل لاتفاق سياسي بنهاية الجولة الحالية في مدينة لوزان السويسرية.من جهته, وصف وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس المفاوضات الجارية بلوزان بالصعبة والمعقدة, وتحدث عن تقدم. وفي لوزان أيضا قالت مصادر من الوفد الألماني إنه ليس من الواضح ما إذا كان ممكنا أم لا الخروج باتفاق.

وكانت وكالة الأنباء الإيرانية نقلت عن مصدر في فريق التفاوض الإيراني قوله إن جميع الأطراف عازمة على التوصل إلى نتيجة، حتى لو استمرت المحادثات إلى وقت متأخر من الليل.

من جهة أخرى، وعلى صعيد جديد الازمة اليمنية، وعلى وقع مواقف التهدئة التي دعت اليها طهران مقترحة العودة الى الحوار، برز تطور ميداني جديد تمثل في تبادل القصف المدفعي والصاروخي على امتداد الحدود بين اليمن والسعودية وطالب وزير الخارجية اليمني رياض ياسين بدعم بري عربي في اسرع وقت ممكن، مؤكدا الحصول على رد ايجابي من قوات التحالف العربي حول هذا الطلب. وفي الموازاة جددت طائرات التحالف غاراتها على مواقع للحوثيين في مدينتي تعز والحديدة جنوبي اليمن وذلك بعد اعلان قوات التحالف احكام سيطرتها على الموانئ اليمنية في محاولة لمنع الحوثيين من التقدم في اتجاه بحر الخليج والبحر الاحمر.

وفي هذا المجال، لاحظ مراقبون سياسيون ان السعودية والدول الحليفة لم تكن لتتدخل ميدانيا في اليمن لولا الاندفاعة الحوثية في اتجاه محاولة تجاوز الخطوط الحمر الاستراتيجية المتمثلة بالسيطرة على باب المندب ومضيق هرمز بما يمثلان من اهمية على المستوى الحيوي، مذكرة بأن السبب الاساس في حرب 5 حزيران 1967 بين مصر واسرائيل كان سعي اسرائيل لوضع اليد على قناة السويس. واشاروا الى ان محاولة الانقلاب الحوثي على الشرعية بعد التلاعب الايرانية بالديموغرافية اليمنية، شكلت السبب الثاني في التحرك العربي منعا لاستكمال الانفلاش والتمدد الفارسي في المنطقة العربية.

_____________

(*) – الإفتتاحية – هشام يحيى