هل إسرائيل مضطرة الى مهاجمة إيران؟

الآن، يوم الأحد مساءً، وقبل أقل من 48 ساعة على الموعد النهائي المحدد للتوقيع على اتفاق الاطار بين الدول العظمى الخمس زائد واحد وإيران، تبدو جميع الأطراف متحمسة لتوقيع الصفقة، خاصة رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما ووزير الخارجية الأميركي جون كيري والإيرانيون أنفسهم. في حين تبدو إسرائيل محبطة إن الموقف الرسمي للمؤسسة الأمنية ورئيس الحكومة هو أن عدم توقيع الاتفاق مع استمرار فرض العقوبات الاقتصادية الشديدة الوطأة على إيران أفضل من صفقة تحول إيران عملياً إلى دولة على عتبة النووي مع موافقة دول الغرب وروسيا.
ولكن من المهم الإشارة إلى وجود أقلية داخل المؤسسة الأمنية تعتبر الاتفاق “أسوأ الشرور” من ناحية إسرائيل، لأنه سيساعد على تأجيل برنامج إيران النووي، وأنه أكثر فعالية من الهجوم الجوي. لكن موقف أغلبية الجهات الأمنية هو أن الاتفاق سيؤدي فقط إلى استمرار تدهور الوضع الأمني في الشرق الأوسط.
في المؤسسة الأمنية متأكدون بأن إيران عاجلاً ام آجلاً ستخرق التفاهمات مع الغرب مثلما فعلت في الاتفاقات السابقة، وستعلن تحولها إلى دولة نووية. إن مجرد حقيقة السماح لإيران بالمحافظة على 6000 جهاز طرد مركزي وفقاً للاتفاق الذي تجري بلورته، وأنها تواصل تطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وتدخّلها في الارهاب في جميع أنحاء الشرق الأوسط، سيدفع بدول عربية تعتبر معتدلة إلى الدخول في سباق التسلح في محاولة للرد على التهديد الإيراني الموجه أيضاً ضدهم.
ومن المحتمل أن يدفع الاتفاق الجاري بلورته الحكومة الجديدة في إسرائيل إلى اتخاذ قرارات دراماتيكية. فهل سترضخ إسرائيل لتحول إيران إلى دولة على عتبة النووي أم ستطلب من الجيش الإسرائيلي تنفيذ الهجوم الذي جرى الاستعداد له خلال السنوات الأخيرة بحسب ما نشر في صحف أجنبية؟
نستعرض في ما يلي بضعة اسباب من المنتظر أن تطرح في نقاشات المؤسسة الأمنية بشأن لماذا يجب أن نهاجم بعد الاتفاق، ولماذا أن مثل هذا الهجوم لن يكون مفيداً.
إن هجوماً إسرئيلياً سيساعد في الدفاع عن استراتيجية عدم السماح لأي دولة معادية الحصول على سلاح نووي. إن الهجومين اللذين قامت بهما إسرائيل في الماضي على العراق وسورية (بحسب ما نشر في صحف أجنبية) حققا هدفهما وأوقفا برامج نووية متقدمة.
بحسب وجهة نظر مؤيدي الهجوم فإن الاتفاق يثبت أن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد إلا على نفسها، وعليها أن تهاجم بصورة مباشرة(بواسطة سلاح الجو) أو بواسطة عملية تخريبية سرية سريعة. وفي تقدير خبراء أن هجوماً جوياً سيؤجل برنامج إيران النووي بضعة سنوات.
في المقابل، وعلى عكس الحدثين العراقي والسوري، فإن هجوماّ على إيران هو خطوة من المحتمل أن تعترضها حواجز سياسية وعسكرية. فمن الناحية السياسية ستضطر إسرائيل إلى مواجهة حقيقة توقيع إيران اتفاقاً مع أهم ست دول عظمى في العالم (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين والولايات المتحدة)، وأي هجوم جوي سيشكل تحدياً لها. ومن الناحية العسكرية فكون أغلبية منشآت إيران النووية موزعة على مواقع عديدة ومدفونة تحت الأرض يثقل صعوبات على قدرة إسرائيل الهجومية. وكون أي هجوم سيؤدي إلى حرب صواريخ شبه أكيدة بين إسرائيل وبين إيران وحزب الله يشكل اعتباراً آخر سيؤثر على متخذي القرارات.
ويبدو أنه على الرغم من اعتراض إسرائيل، فإن اتفاق تفاهمات قد يوقع بين إيران قبيل اتفاق دائم من المنتظر أن يوقع في حزيران/يونيو. وبعد توقيع الاتفاق ستبذل إسرائيل وأطراف استخباراتية غربية أخرى كل جهدها لاثبات استمرار إيران في بناء برنامجها النووي العسكري، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى الغاء الاتفاق واستئناف العقوبات.

————————

(*) عمير رابوبورت،”معاريف” /  نقلا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية