التهاب الكبد الوبائي يهدد حياة السوريين

أحلام حماد – الأنباء

لم تعد الحرب وحدها ما يهدد حياة السوريين، فالأمراض المتعددة أخذت بالانتشار الواسع حتى باتت تشارك القذائف والرصاص حصادها لأرواح الأبرياء.

أخذ التهاب الكبد الفيروسي “A” يغزو كافة المحافظات السورية وسط نقص حاد في أدوية الوقاية واللقاحات اللازمة لوقف انتشاره، لكن وزارة الصحة السورية لا زالت تصر على تقزيم الحدث واقتصار إجراءاتها على إصدار تعاليم السلامة العامة ووجوب النظافة والوقاية الشخصية من المرض.

وتحدث المصيبة الكبرى حين يتحول فيه الدواء الوقائي الذي من المفترض أن يوزع مجاناً كغيره من لقاحات المناعة ليصبح سلعة ضمن بورصة تجار الحرب الذين لا زالوا يجمعون ثرواتهم على حساب حياة المواطن. فقد ذكرت مصادر متعددة أن الوزارة قننت من تقديم اللقاحات لهذا النوع من الأمراض منذ عام 2012 الأمر الذي جعل من السوق السوداء وسيلة للحصول عليه بثمن تراوح بين 9 آلاف ليرة و 16 ألف ليرة حسب منطق العرض والطلب مع الإشارة أن هذا الثمن يكلف المواطن السوري قرابة نصف راتبه الشهري.

وكانت وكالة  أنباء النظام “سانا” قد ذكرت على لسان معاون وزير الصحة السوري أن مرض التهاب الكبد الفايرسي “A” لم يزل تحت السيطرة، وبأن الحالات المسجلة لدى مديرية الصحة قد شهدت انخفاضا ملحوظا بعدد الإصابات التي تناقصت إلى 1512 إصابة في منتصف شهر آذار  الجاري  بعد أن كان عدد الإصابات قد تجاوز 2500 في بداية الشهر،  وأن مرض التهاب الكبد  قابل للشفاء ونسبة الوفيات فيه لا تتجاوز واحد بالإلف بين كبار السن.

خلافاً لذلك أكد مصدر طبي من داخل دمشق لـ “الأنباء” لم يشأ ذكر اسمه، أن العدد الحقيقي لإصابات مرض التهاب الكبد يفوق أضعاف هذا الرقم. ومن الصعب على أحد إحصاءه الا في إطار حملة وطنية شاملة، فالمدارس والمستشفيات أصبحت تعج بالمرضى والمصابين، ما أدى لوقوع عدد من الوفيات، عدا أن اللقاحات الممنوحة من قبل وزارة الصحة اقتصرت فقط على مناطق قليلة واقعة تحت سلطة النظام وهي غير كافية لتحد من انتشار الإصابة.

وبين طبيب مخبري لـ “الأنباء” أن ازدياداً كبيراً تظهره الفحوصات المخبرية التي تكشف عن انتشار كبير للمرض وخاصة بين أطفال المدارس الحكومية مرجحا تعود أسباب ذلك لاختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي وتلوث الخضار المروية في أكثر الأحيان بمياه المجاري، إضافة إلى أن تراكم وترامي الجثث في أماكن النزاع أدى لانتشار الهواء الملوث والحشرات التي ساهمت في ازدياد الأمراض الجلدية، وانتشار حالات إصابة بأمراض السل وأنفلونزا الخنازير والتوفوئيد وغيرها من الأمراض التي قد تؤدي لانتشار الأوبئة الخطيرة.

ولفت المصدر إلى أن الجسم يحتضن مرض التهاب الكبد  فترة تمتد بين 14 حتى 25 يوما قبل الكشف عنه وأعراضه تشبه في بداية المرض أعراض “الكريب” مثل الوهن وارتفاع في درجة حرارة الجسم ثم يتطور إلى حالة الألم ألبطني المرافقة للإقياء، وغالبا تصيب بإسهال في الحالات الخطيرة وبنسبة قليلة قد يحدث التهاب كبد صاعق يؤدي إلى الوفاة خلال الأسبوع الأول من الإصابة.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت أن مياه الشرب غير الملوثة أصبحت متوفرة في سوريا فقط بنسبة ثلث ما كانت عليه قبل اندلاع النزاع فيها، وأن الناس لم يعد بمقدورهم الوصول إلى المياه الآمنة للشرب، كما أنه مع اقتراب فصل الصيف وتلوث مياه الشرب ومصادرها، حذرت المنظمة من انتشار الأوبئة كالكوليرا نتيجة التلوث الحاصل. وكانت “الزابيت هوف” وهي الطبيبة الممثلة لمنظمة الصحة العالمية في سوريا قد أكدت أنه خلال عام 2014 تم رصد 31 ألف حالة إصابة بالتهاب الكبد الوبائي “A ” وأكثر من “ألف” حاله أسبوعيا منذ شهر “يناير” كانون الثاني من هذا العام. وكانت منظمة الصحة العالمية قد وجهت نداء لجمع 116 مليون دولار لتتمكن من توفير الأدوية والرعاية الصحية لنحو 12 مليون في مختلف أنحاء سوريا.

وكأن الشعب السوري لا تكفيه البراميل المتفجرة أو الإنفجارات والكلور والسرح الكيماوي ليقع الآن فريسة الأمراض!