الانباء تنشر النص الكامل لكلمة رئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية

أعرب رئيس مجلس الوزراء تمام، عن حزنه لعدم وجود رئيس للبنان في القمة العربية، مشيرا إلى أن “التأخير المتمادي في انتخاب رئيس للجمهورية”، أدى “إلى تعثر عمل مؤسساتنا السياسية، وأنعكس سلبا على دورتنا الإقتصادية”، آملا نجاح “الحوار القائم بين الأطراف السياسية، الذي أشاع أجواء إيجابية في البلاد، في خلق المناخ المؤاتي لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري البالغ الأهمية، ليكون في مقعد لبنان في القمة العربية المقبلة رئيس الجمهورية اللبنانية، رأس دولتنا ورمز وحدة وطننا”.

وبالنسبة لتطورات المنطقة، أعلن سلام ان لبنان “وإنطلاقا من حرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة جميع البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الإجتماعي”.

وإذ أكد حرص لبنان الدائم “على المصلحة العربية العليا وتضامننا مع اشقائنا العرب في كل قضاياهم المحقة”، دعا إلى “تحييد لبنان عن كل الصراعات الاقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني”.

كما أعلن تأييد لبنان ل”إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي العربي”.الكلمة التي ألقاها سلام أمام القمة العربية السادسة والعشرين المنعقدة في شرم الشيخ، واستهلها بالقول:

“فخامة رئيس جمهورية مصر العربية الأخ عبد الفتاح السيسي
أصحاب الجلالة والسمو والسيادة

يسرنا أن ينعقد هذا اللقاء العربي الشامل اليوم على أرض مصر، التي تخوض تحديات صعبة، من أجل إكمال متطلبات التحول الديموقراطي الذي أراده الشعب المصري، ورفع مستوى الإقتصاد الوطني، وجبه المخاطر الأمنية التي تتعرض لها البلاد على أيدي قوى التطرف والظلام.
وبهذه المناسبة، أتوجه بتحية تقدير الى الأخ الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى دفة القيادة في واحدة من أدق المراحل في تاريخ مصر، متمنيا له التوفيق في المهمات الجليلة التي يتولاها باقتدار وحكمة، معتمدا على إرادة الشعب المصري وتصميمه، وعلى كبار من العرب حسموا خيارهم بالوقوف إلى جانب مصر، ومساعدتها على تخطي عثرات المرحلة الإنتقالية، التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير”.

أضاف: “السيد الرئيس: بمقدار ما يشرفني أن أجلس خلف علم بلادي لأخاطبكم باسم لبنان وشعبه، يحزنني أن لا أكون هنا بمعية رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي مازال مقعده شاغرا منذ قرابة عشرة أشهر، بسبب خلافات القوى السياسية.
لقد أدى التأخير المتمادي في انتخاب رئيس للجمهورية، إلى تعثر عمل مؤسساتنا السياسية، وأنعكس سلبا على دورتنا الإقتصادية. ونحن نتطلع إلى نجاح الحوار القائم بين الأطراف السياسية، الذي أشاع أجواء إيجابية في البلاد، في خلق المناخ المؤاتي لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري البالغ الأهمية، ليكون في مقعد لبنان في القمة العربية المقبلة رئيس الجمهورية اللبنانية، رأس دولتنا ورمز وحدة وطننا”.

وتابع: “يترافق مؤتمرنا هذا مع أحداث بالغة الأهمية يشهدها اليمن الشقيق، حيث أدت الصراعات السياسية، مدفوعة بتدخلات خارجية، إلى نشوء حالة من الفوضى الأمنية والسياسية، باتت تهدد ليس فقط وحدة اليمن كوطن والدولة اليمنية ككيان سياسي، بل باتت تشكل خطرا فعليا على الأمن في هذه المنطقة العربية الاستراتيجية.
هذا الواقع، حدا بالمملكة العربية السعودية، تلبية لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى قيادة تحالف عسكري عربي وإسلامي للحؤول دون تفاقم هذا الخطر، ولتثبيت الشرعية وإعادة الأوضاع في اليمن إلى نصابها الطبيعي”.

وأردف معلنا “ان لبنان، وإنطلاقا من حرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة جميع البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الإجتماعي”.

واستطرد قائلا “إننا، إذ نؤكد إيماننا بأهمية اعتماد الحلول السياسية للأزمات الداخلية بعيدا عن أي تدخل خارجي في شؤون الدول العربية، نأمل أن يعود الأمن سريعا إلى ربوع اليمن حفظا لأرواح أشقائنا اليمنيين وصونا لمقدرات بلدهم، تمهيدا لاستئناف الحوار في إطار عملية سياسية تستوعب الخلافات، وترمم العلاقات بين مختلف الأطراف، وتضع خارطة طريق للمستقبل”.

وتابع: “إننا نؤكد حرصنا الدائم على المصلحة العربية العليا وتضامننا مع اشقائنا العرب في كل قضاياهم المحقة، وندعو إلى تحييد لبنان عن كل الصراعات الاقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني”.

وقال: “إن ما يحصل في اليمن هو واحد من المشاهد التي تدمي القلب، الجارية في أرجاء مختلفة من عالمنا العربي. ففي سوريا حرب بلا أفق تقضي على ثروات البلاد البشرية والمادية؛ وفي العراق مواجهات ضارية مع الإرهاب ومصادمات تهدد وحدة المجتمع العراقي؛ وفي ليبيا اقتتال عبثي تغذيه الأنانيات والمصالح والأطماع.
لكن أخطر ما أنتجته هذه الأحداث، هو ضرب مقومات العيش المشترك بين أبناء البلد الواحد، وتحويل التعدد القومي والديني والمذهبي والثقافي، الذي هو مصدر غنى للأوطان، إلى هويات متقاتلة تتمترس خلف أسوار من الخوف المتبادل”.

أضاف: “هذا الواقع الأليم، الذي تغذيه مصالح وطموحات خارجية، بات يشكل تهديدا حقيقيا لتماسك المجتمعات ووحدة الكيانات.
إن السبيل لكبح هذا المسار الخطير، هو وقف دوامة العنف في مناطق الأزمات والتوجه نحو تسويات داخلية، تغلب المصالح الوطنية على أي مصالح فئوية ودخيلة، وتلبي طموحات الشعوب في العيش بحرية وكرامة، في فضاء أقليمي تحترم فيه الخصوصيات وتلتزم قواعد حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى”.

وقال: “لقد أدت حالة عدم الاستقرار التي تعصف بمنطقتنا العربية إلى بروز وتضخم ظاهرة الإرهاب، الذي يزرع العنف في بلداننا باسم الاسلام، والإسلام منه براء. لقد تسلل هذا الإرهاب الأسود إلى منطقتنا من ثقوب الجهل، من وعي زائف للدين، من عسف السياسات المولدة للضغائن. وجاءنا من غرف التآمر ومعامل توليد الفتن، فعمم الفوضى وسمح بتدخلات خارجية متمادية في العديد من الدول العربية”.

أضاف “إننا مدعوون، نحن الذين نتشارك الماضي والحاضر والهوية. نحن الذين نتشاطر الهم ونتلقى الأذى، إلى إقامة سد دفاعي أمني وسياسي وفكري في وجه هذه الحالة الشاذة. وهذا يتطلب قرارات حاسمة تجند لها كل الإمكانات، ويستدعي استنفار كل القوى التنويرية في مجتمعاتنا. من هذا المنطلق، فإننا نساند أي خطوة تتخذها قمتنا في هذا الاتجاه، ونؤكد تأييدنا إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي العربي”.

وتابع “تعلمون أن لبنان عانى، ولا يزال، من الإرهاب العابر للحدود. ولقد دفعنا ثمنا بشريا وماديا باهظا، قبل أن نتمكن من وضع حد لهذه الموجة بفضل قرارنا السياسي الحاسم، الذي التف حوله اللبنانيون، وبفضل صلابة ويقظة جيشنا وقواتنا الأمنية. ولا بد لي في هذا المجال من أن أتوجه، باسم اللبنانيين جميعا، بالشكر والعرفان إلى المملكة العربية السعودية، التي قدمت هبة مالية غير مسبوقة لتسليح قوانا المسلحة وأجهزتنا الأمنية. ونحن نؤكد أن لبنان لن ينسى هذه الوقفة الأخوية الصادقة، التي سبقتها وقفات كثيرة محفورة في ذاكرتنا الوطنية”.

وأردف “إن العامل الأساس في تمكيننا من التصدي للموجة الإرهابية، هو المجتمع اللبناني الذي لفظ الإرهاب وأثبت بالملموس أنه لا يشكل بيئة حاضنة له. لا مكان في بلادنا وفي صفوف شعبنا لهؤلاء الظلاميين. نحن في لبنان متشبثون بنموذج العيش المشترك بين أبناء الطوائف المختلفة، الذي يتسع للحوار والتسامح وقبول الآخر، ونعتبره تجربة مضيئة مناقضة لنموذج التطرف والإقصاء والإلغاء، الذي تقدمه لنا منظمات الإرهاب، ولنموذج الصلف والعنصرية الذي تمثله اسرائيل”.

وقال: “إلتزمت حكومتنا، ولا تزال، مبدأ النأي بالنفس عن الحريق السوري المستعر في جوارنا. ولقد سعينا، ولا نزال، لكي يكون الالتزام بهذا المبدأ كاملا، بحيث نجنب بلادنا تبعات هذه المأساة التي تعصف بسوريا الشقيقة، والتي نرى أن لا خلاص لها إلا بحل سياسي يتوافق عليه السوريون. لقد لفحنا الحريق السوري بقوة، وألقى في حضن لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري، مع ما يعنيه ذلك من تبعات وأعباء على كل المستويات، في بلد يعيش وضعا اقتصاديا صعبا، ويعاني أساسا من ضعف في بناه التحتية. إن الحكومة اللبنانية سوف تتقدم بخطة مفصلة لحاجات لبنان، في القمة الثالثة للدول المانحة للنازحين السوريين، التي ستتكرم دولة الكويت مشكورة باستضافتها بعد يومين. ونأمل أن تلقى هذه الخطة كل اهتمام ودعم من جانبكم”.

أضاف “لقد أخفقت كل الجهود الدبلوماسية، التي بذلت على مدى سنوات، في فرض حل عادل للقضية الفلسطينية، وها هو المجتمع الاسرائيلي يكشف، كما بينت نتائج الإنتخابات الأخيرة، عن تجذر مشاعر التطرف والعنصرية في داخله، ويبلغ العالم أنه لا يريد التفاوض مع الفلسطينيين، ولا الاتفاق معهم، وأن سياسات الاستيطان وتغيير الديموغرافيا مستمرة، وأن الإحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية باق إلى الأبد. إن الرد العربي، وعلى رغم كل الهموم والانشغالات، يجب أن يكون واضحا لإسرائيل وللعالم، وهو: أن الشعب الفلسطيني ليس متروكا”، داعيا الفلسطينيين إلى “تزخيم خطوات المصالحة، ووضع خطة موحدة للتعاطي مع المرحلة المقبلة. ونعلن وقوفنا إلى جانب السلطة الفلسطينية، في أي مساع تبذلها في المحافل الدولية لتوسيع الإعتراف بدولة فلسطين، تمهيدا لقيام هذه الدولة بصورة ناجزة”.

وتابع “على رغم كل المآسي المحيطة بنا. على رغم كل الضيم والوجع والأسى. نقول: العيش في الظلام ليس قدر العرب. والعجز ليس سمة موروثة فيهم. هذه الغمة المديدة ستنقشع، وسنخرج مما نحن فيه من ضيق، بوعينا لذاتنا، بإدراكنا مكامن قوتنا، بإيماننا بما في هذه الأمة من قدرات. نعم نحن قادرون. علينا أن نثبت ذلك، لكي نتمكن من النظر في عيون أطفالنا، ونقول لهم: لن تكونوا على قارعة العصر. نحن العرب، لنا تحت شمس هذا العالم، مكان ثابت وراسخ وفسيح”.

وختم “شكرا لمصر على حسن الوفادة. شكرا للرئيس عبد الفتاح السيسي. والسلام عليكم”