عاصفة الحزم في صدام المشاريع
رفيق خوري (الانوار)
27 مارس 2015
الحدث الدراماتيكي على الأرض سبق قمة شرم الشيخ وجدول أعمالها الروتيني. لكن عاصفة الحزم التي أطلقتها عشر دول بقيادة السعودية وسجلت طريقة الملك سلمان في مواجهة المخاطر، جاءت وسط عواصف سبقتها. فلا رواية اليمن تبدأ من هذه العملية، كما توحي عواصم متورطة في قتل العملية السياسية ودعم انقلاب الحوثيين على الشرعية. ولا الذين سارعوا في طهران وموسكو وعواصم أخرى الى المطالبة بوقف العملية فوراً ومعاودة الحوار طلبوا من حلفائهم الحوثيين وقف الاندفاع العسكري للسيطرة على الأرض.
أما تبادل الاتهامات بخرق السيادة والقانون الدولي، فإن صاحب الصوت الأعلى هو الذي مارس ولا يزال دوس السيادة والقانون الدولي. وأما السجال حول الشرعية الثورية والشرعية الدستورية، فان المنطق فيه للقوة. وأغرب ما فيه هو الحديث عن ثورة يقودها فريق مذهبي مؤدلج سياسياً بالاشتراك مع الخصم السابق علي صالح الذي قامت الثورة السلمية لإسقاط حكمه.
ذلك ان الحوثيين المدعومين من ايران لعبوا أوراقهم بذكاء وبأسلوب تصاعدي من مطالب اصلاحية عادية الى تغيير الحكومة ثم تجاوز الرئيس، وسط الاعتراض على مخرجات الحوار الوطني وفرض اتفاق السلم والشراكة قبل التخلي عنه. وهم استعجلوا الاندفاع نحو عدن ومحافظات الجنوب مطمئنين الى أن أميركا مكبّلة بالمفاوضات مع ايران على الملف النووي ولن تفعل في الأيام الأخيرة التي تسبق المهلة النهائية ما لم تفعله منذ سيطرتهم على صنعاء. وبالمقابل، فان الرئيس هادي تأخر كثيراً في التخلي عن رهان خيالي هو القدرة على احتواء الحوثيين في السلطة، كما في كشف الصورة الشاملة لصدام المشاريع الاقليمية.
لكن ما فاجأهم كان القرار السعودي الاستثنائي باستخدام القوة. وهو قرار كانت ملامح التحضير له واضحة في الأيام الماضية عبر اجتماعات معلنة وأخرى سرية مع عشر دول ولم تجد واشنطن بداً من دعمه. فاللعبة تجاوزت حدود الصراع المحلي اليمني ووصلت الى مكان خطر جداً في الصراع الاقليمي. ومن الوهم أن تتصور طهران، ومعها أنصار الله، وقوف دول الخليج ومجمل الدول العربية، فضلاً عن الباكستان وتركيا بعد أميركا وأوروبا موقف المتفرج على امساكها بالقصبة الهوائية للمنطقة والعالم وهي باب المندب بعد مضيق هرمز.
ولا أحد يعرف كيف ينتهي ما بدأ في اليمن. لكن الكل يعرف أن مشكلة اليمن ليست قلة الحوار بل كثرته، ولا النقص في الاتفاقات بل نقض الموافقة والتواقيع. والسؤال هو: هل الدعوات المسلحة الى الحوار هي مجرد كلام استهلاكي أم ان عاصفة الحزم دفعت اصحاب الرؤوس الحامية وغطرسة القوة الى شيء من الواقعية؟