اتهام إسرائيل بالتجسس على المفاوضات مع إيران حماقة أميركية

بالأمس نُشر اتهام أميركي مفاده أن إسرائيل في إطار مساعيها لمعرفة ما يجري في المفاوضات بين إيران والدول الكبرى، أساءت إلى شبكة العلاقات مع الولايات المتحدة لأنها “تجسست” على الأميركيين. يذكرني هذا الادعاء الذي نشرته “وول ستريت جورنال” بصديقين كانا شريكين في شركة تجارية، واتضح أن شركة كبيرة تريد السيطرة على شركتهما وطردهما منها.

أحد الشريكين كان صديقاً قديماً لي وسألني ما العمل، فاقترحت عليه استئجار محقق خاص لمعرفة ما تفعله تحديداً الشركة الكبيرة ضد شركته. ونظراً لشعوره بأنه إذا خسر شركته فهو سيخسر قدرته الاقتصادية، فإن أي مسعى لمعرفة ما يفعله الخصم صحيح. بعد مرور بضعة أسابيع زارني هذا الصديق مذهولاً، فقد اتضح له بواسطة المحقق الخاص أن الذي يدير الصفقة لتدمير شركته من خلف ظهره ليس سوى شريكه. أشرت عليه بالتوجه مباشرة إلى صديقه، وهذا ما فعله، لكن هذا الأخير قال له: “لأنك تجسست علي، فإن شراكتنا انتهت”.

هذا هو بالتحديد ادعاء الأميركيين كما نُشر. فإسرائيل تتعقب عدوتها الكبرى إيران، وخلال ذلك اتضح مع الأسف أن الولايات المتحدة التي لديها علاقات وثيقة جداً مع اسرائيل، تخفي عنها حقيقة أنها تجري مفاوضات سراً مع طهران. وحينها توجهت إسرائيل إلى الكونغرس ومجلس الشيوخ في محاولة لفهم سبب تنازل شريكتها للإيرانيين وإجراء المفاوضات من وراء ظهرها. فكان أن تصرف الأميركيون على طريقة ضربني وبكى وسبقني واشتكى: كيف تتجرأ إسرائيل على التجسس ضدنا.

إن المحاولة الأميركية لإجراء مفاوضات من وراء ظهر إسرائيل، تشكل مساً خطيراً بشبكة العلاقات بين واشنطن والقدس، وهي أمر مهين أيضاً. هل كان هناك في الولايات المتحدة من يعتقد أن في الإمكان إجراء مفاوضات كهذه من خلف ظهر إسرائيل من دون أن تعرف هذه بها من خلال أجهزتها الاستخباراتية؟ إن مجرد حقيقة وجود شخص في الولايات المتحدة يعتقد أن الأمر ممكن، يشير إلى أي حد يفهم الأميركيون قوة الخطر الإيراني على دولة إسرائيل، ولا يفهمون إلى أي درجة إسرائيل مصرة على معرفة ماذا يفعل الإيرانيون.
ما نُشر بالأمس يشكل حماقة حقيقية، وهو جزء من حملة أميركية مقصودة للمس بمكانة إسرائيل في نظر الشعب الأميركي ونوابه بهدف إضعاف قدرة إسرائيل وحججها ضد الاتفاق السيئ الذي توشك أن توقعه الدول الكبرى بقيادة الأميركيين. من ناحية إسرائيل ما تفعله هو نضال حتمي يتعلق بمجال هو الأكثر حساسية لأمنها، والأميركيون يدركون ذلك ويحاولون بشتى الوسائل المس بتصميم إسرائيل وقدرتها.

إن الأميركيين يعرفون أن إسرائيل لا تتجسس على الولايات، وما يجري هو عملية تلاعب هدفها المس بصدقية إسرائيل وسط الرأي العام الأميركي. من المؤسف أننا تدهورنا إلى وضع كهذا، بيد أن الإصرار الأميركي على التوصل إلى اتفاق، أي اتفاق، مع الإيرانيين، يؤدي إلى مواجهة لا مفر منها.

التحدي الإيراني والعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة سيشكلان الموضوعين الأكثر أهمية على صعيد العلاقات الخارجية في المستقبل القريب. ويتعين علينا أن نرى كيف سيجري التصدي للاتفاق من دون أن نخسر أميركا. لكن إزاء السلوك الأميركي يبدو أن هذا الأمر لن يكون سهلاً.

 ——————————–

(*) يعقوب عميدرور – رئيس سابق لمجلس الأمن القومي / “يسرائيل هَيوم”

نقلا عن مؤسسة الدراسات الفلسطنية