تحالف عربي اسلامي تقوده السعودية بوجه التمدد الايراني من بوابة اليمن

دخلت المنطقة العربية منعطفاً جديداً من بوابة الازمة اليمنية، بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية قيادة تحالف عسكري عربي وإسلامي، لتلبية طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، التدخل العسكري في بلاده وتثبيت شرعية حكمه المنبثق عن البادرة الخليجية التي انهت النزاع في اليمن بعد ثورة شعبية سلمية أطلقها اليمنيون ضد حكم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ووقف الانقلاب العسكري الذي تخوضه جماعة الحوثيين المدعومة من إيران والمتحالفة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
لقد افشل الحوثيون المصالحة اليمنية وأسقطوا المبادرة الخليجية التي أعادت ترتيب السلطة الانتقالية وارست قواعد النظام الديمقراطي في البلاد، حين أعلنوا انقلابهم على حكم عبد ربه منصور هادي، ودفعوا بقوتهم العسكرية للسيطرة على العاصمة صنعاء، وبعدها تعقبوا الرئيس هادي الى عدن بعد محاصرتها والسيطرة على المواقع العسكرية فيها لاسيما قاعدة لحج المطلة على مضيق باب المندب.
التدخل السعودي الذي رأت مصادر دبلوماسية عربية انه يندرج تحت المادة السادسة من ميثاق الجامعة العربية واتفاقية الدفاع العربي المشترك، ولا يخالف مقررات الامم المتحدة التي تتيح للدول الشقيقة معاونة بعضها لرد العدوان عنها، فكيف وحال اليمن التي تشكل بوابة اساسية لشبه الجزيرة العربية على المحيط الهادئ عبر خليج عدن والبحر الاحمر.
لقد حبس العالم انفاسه في الاسابيع الماضية يترقب الفلتان الامني في اليمن التي باتت على هاوية الانقسام الداخلي ومشارف حرب أهلية ذاق اليمنيون اعباؤها في سنوات خلت، لاسيما وان التدخل الايراني في اليمن الذي تغنى به عدد من قادة الحرس الثوري الايراني، يشكل تهديدا صارخا لأمن الخليج واستقرار المملكة العربية السعودية. وكان اتسع نطاق القتال في اليمن منذ أيلول الماضي بات يهدد باندلاع حرب اهلية وقبلية لعد ان سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وتقدموا صوب مناطق سنية مما أجبر الرئيس على الفرار من العاصمة.
وقبل ان تشن الطائرات السعودية عاراتها الجوية على مواقع الحوثيين، أعلن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير خلال مؤتمر صحفي في واشنطن أن دولا حليفة من دول الخليج العربية وغيرها انضمت إلى المملكة في الحملة العسكرية في محاولة “لحماية الحكومة الشرعية” للرئيس اليمني والدفاع عنها. وقال الجبير “سنفعل كل ما يلزم من أجل حماية الحكومة الشرعية في اليمن من السقوط.”
وكانت قناة العربية التلفزيونية قالت إن السعودية تشارك في العملية العسكرية في اليمن التي اطلق عليه اسم “عاصفة الحزم” بمئة طائرة حربية. هذا بالاضافة الى 85 طائرة من الامارات وقطر والبحرين والكويت والاردن والمغرب والسودان. وأضافت العربية أن مصر والأردن والسودان وباكستان أبدوا استعدادا للمشاركة في هجوم بري. ونقلت “رويترز” عن مصدر سعودي مطلع على الشؤون الدفاعية ، إنه قد تكون هناك حاجة لهجوم بري لاستعادة النظام في اليمن وأضاف أنه لا يمكن تحقيق أهداف إعادة الحكومة الشرعية في اليمن بمجرد السيطرة على المجال الجوي للبلاد.
قوات-التحالف
البيت الابيض اعلن ان الولايات المتحدة تنسق بشكل وثيق مع السعودية وحلفاء عرب آخرين في اطار العملية العسكرية. وجاء في بيان لبرناديت ميهان المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الاميركي ان “الرئيس اوباما سمح بتقديم مساعدة لوجستية ومخابراتية في العمليات العسكرية التي تقودها دول مجلس التعاون الخليجي”.
اما طهران الداعمة للحوثيين فسارعت الى التنديد بالعملية العسكرية واعتبرت انها “خطوة خطيرة”. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الايرانية مرضية افخم ان العملية “تزيد من تعقيد الوضع واتساع الازمة وتقضي على فرص التوصل الى حل سلمي للخلافات الداخلية في اليمن”. وقالت أفخم “الاعتداءات خطوة خطيرة تنتهك المسؤوليات الدولية لاحترام سيادة الدول.” وأضافت “ستؤدي الى نشر الارهاب والتطرف في منطقة الشرق الاوسط.”
وبحسب السلطات السعودية، فان مصر والمغرب والاردن والسودان وباكستان تطوعت للمشاركة في العملية العسكرية ضد الحوثيين.
وتضاف هذه الدول الى دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والبحرين والامارات العربية المتحدة والكويت وقطر). فيما لم تشارك سلطنة عمان وهي من دول مجلس التعاون الخليج في العملية، وهي الدولة التي استضافت محادثات سرية بين إيران والولايات المتحدة الاميركية.
وفي سياق التعاون العسكري في العملية، أرسلت الامارات العربية المتحدة 30 طائرة مقاتلة الى السعودية للمشاركة في العملية التي خصصت لها المملكة مئة مقاتلة و150 الف عسكري كما تشارك مقاتلات من الاردن وقطر والبحرين والكويت، كما صرح مصدر عسكري مصري بأن مصر نشارك في الحملة بقوات بحرية وجوية. وقال المصدر “مصر شاركت بقوات بحرية وقوات جوية. وإلى الآن لا توجد نية للمشاركة البرية.”كما كشفت كل من السودان وباكستان مشاركتها في العملية التي ايدتها الرئاسة الفرنسية ودول الاتحاد الاوروبي، وقال متحدث عسكري باكستاني أن بلاده أمرت غواصاتها التوجه الى كل من شط العرب وبحر قزوين واعتبرت ان أمن السعودية من أم باكستان.
اليمن الذي يصدر ما يراوح بين 1.4 و1.5 مليون برميل من خام المسيلة النفطي شهريا يذهب معظمه إلى الصين.أغلق كل موانئه الرئيسية، بعدما بدأت العملية العسكرية “عاصفة الحزم” تنفيذ ضرباتها الجوية فأغلقت كل الموانئ، “بسبب تفاقم الصراع.”
ويمكن أن يشكل اتساع نطاق الصراع في اليمن مخاطر على امدادات النفط العالمية. حيث ارتفعت أسعار خام برنت أكثر من أربعة في المئة بعد بدء العمليات.
مصادر متابعة كشفت ان قيادة السعودية للعملية العسكرية وللتحالف الواسع العربي الاسلامي، يعيد التوازن الاستراتيجي الى المنطقة، ويعيد خلط الاوراق جميعها، بعد ان اشاعت مراكز الابحاث تحليلاتها عن ان الرياض والدول العربية لا تمتلك القوة العسكرية لمواجهة التمدد الايراني واعطت انطباعا عن ان الولايات المتحدة الاميركية ستفوض ايران شؤون المنطقة،
ورأت المصادر ان قيادة الرياض لهذا التحالف سوف يشكل سدا منيعا بوجه التمدد الايراني، وقد يعيد رسم خطوط الجغرافيا من جديد ويعيد احياء المشروع العربي، كما قللت المصادر من التهديدات الايرانية ومن تصريحات الحوثيين، عن أن التدخل العربي الاسلامي في اليمن سيجر الى حرب اقليمية، بقولها التدخل السعودي والعربي والاسلامي يمتلك شرعية سياسية وقانونية وفق ميثاق الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، فيما التدخل الايراني هو الذي زعزع استقرار اليمن وغيرها من دول المنطقة، وكان محمد البخيتي القيادي في جماعة الحوثي قال إن الضربات الجوية السعودية تمثل عدوانا على اليمن وحذر من أنها ستجر المنطقة إلى “حرب واسعة”.
وتزامنت الغارات التي تقودها السعودية في اليمن مع تصعيد للتحرك الامريكي في العراق حيث شنت الطائرات الامريكية غارات جوية لدعم جهود القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي الشيعية المتحالفة معها لطرد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية من تكريت، التي لم تتمكن القوات العراقية من دخولها بعد ولم تتمكن من احكام حصارها.
فوزي ابوذياب