كيف سيرد مجلس التعاون الخليجي بعد سيطرة ايران على مضيق باب المندب؟

رفضت طهران دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تقديم تنازلات، وطالبت بالتوصل إلى اتفاق متوازن يطوي الملف النووي ويحسم ملف العقوبات، فيما تستعجل واشنطن توقيع الاتفاق مع ايران باي ثمن وتستعجل الأوروبيين لإبرامه قبل نهاية الشهر. فيما تبقى مسألة رفع العقوبات المفروضة على ايران نقطة خلاف تعيق اقرار الاتفاق. سيما وان رفع العقوبات يتطلب اجراء عدة خطوات قانونية في مجلس الامن ومجلسي الكونغرس والنواب الاميركيين والاتحاد الاوروبي.
وفي هذا الخصوص وجّه 367 من الأعضاء الـ433 في مجلس النواب الأميركي، رسالة إلى أوباما تُنبّه إلى “مسائل خطرة وملحة تُناقَش خلال المفاوضات” بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا). ووَرَدَ في الرسالة: “نظراً إلى عقود من التكتّم الإيراني، يجب أن يحصل المفاوضون على تعهدات بالحد الأقصى من إيران حول اعتماد الشفافية، وأي نظام تفتيش وتحقّق يجب أن يتيح الوصول إلى أماكن مشبوهة في مهلة وجيزة، والضوابط التي تتيح التحقّق من البرنامج النووي يجب أن تستمر عقوداً”.
وأشارت الرسالة إلى أن “رفعاً دائماً للعقوبات التي يفرضها الكونغرس (على طهران)، يتطلّب قانوناً جديداً”، وزادت: “يمكن الكونغرس أن يفكّر في رفع دائم للعقوبات، في حال التوصل إلى اتفاق يقتنع (المجلس) بأن بنوده ستحول دون صنع قنبلة” ذرية.
وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل رفض في مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني منح إيران صفقات لا تستحقها وقال: “اقترحت على وزير الخارجية البريطاني أن حل موضوع السلاح النووي الإيراني ممكن أن يتم عبر مقترح الجامعة العربية الرامي إلى جعل منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومن غير الممكن منح إيران صفقات لا تستحقها في المقابل”.وأوضح الفيصل أن جهود مجموعة 5+1 ومفاوضاتها لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، تصب في اتجاه ضمان عدم تحول هذا البرنامج النووي الايراني إلى سلاح نووي من شأنه تهديد أمن المنطقة والعالم، خصوصا في ظل السياسات العدوانية التي تنتهجها إيران في المنطقة وتدخلاتها المستمرة في شؤون الدول العربية ومحاولة إثارة النزاعات الطائفية بها.
وأضاف: “نحن ضد التدخل الإيراني باليمن، لأنه لا يأتي لحماية اليمن، بل يأتي كعدوان، وليس بطلب من الشرعية اليمنية، فكيف أن يكون أي أحد مع هذا العدوان”.
وسط هذه الاجواء سيطر مقاتلي جماعة الحوثيين اليمنية على ميناء المخاء المطل على البحر الأحمر ليقتربوا بشكل أكبر من الرئيس عبد ربه منصور هادي المتحصن في عدن، حيث أكدت مصادر أمنية ان هجوماً واسع النطاق على عدن حيث تدور معارك عنيفة بين الحوثيين والجيش اليمني التابع للرئيس عبد ربه منصور هادي، بهذا التقدم يقترب الحوثيون أيضا من مضيق باب المندب الحيوي لصادرات النفط في البحر الأحمر. حيث إن أكثر من 3.4 مليون برميل نفط مرت يوميا من مضيق باب المندب في ناقلات خلال العام 2013.
قوات الرئيس هادي نشرت دبابات وقطع مدفعية على عدد من الطرق التي تربط الشمال والجنوب. حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات المتنافسة على طريق سريع شمالي عدن بنحو 125 كيلومترا.
ويشارك رجال قبائل ورجال ميليشيا ووحدات من الجيش موالية لهادي في مقاومة تقدم الحوثيين إلى الجنوب ووقعت مناوشات بين الجانبين تصاعدت منذ يوم الأحد. يمثل وصول الحوثيين إلى الضالع أول دخول لهم الأرض التي كانت ضمن جمهورية اليمن الجنوبي السابقة. ولسنوات كانت المدينة مركزا لتمرد مسلح هدفه الانشقاق عن صنعاء.
باب_المندب
هذه التطورات التي من شأنها تعميق الصراع في اليمن المجاور للسعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. واليمن أيضا جبهة رئيسية أمريكية في مجال مكافحة التشدد الإسلامي.
وكانت دول الخليج العربي أدانت سيطرة الحوثيين على صنعاء ووصفوها بأنها انقلاب. كما ناشد رياض ياسين وزير الخارجية اليمني دول الخليج التدخل عسكريا في اليمن لوقف تقدم الحوثيين.
وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل رأى إن دول الخليج العربية ستتخذ خطوات لدعم هادي واتهم إيران ببث الفرقة الطائفية في المنطقة. وقال إن بلاده مستعدة لأي طلب يتقدم به الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لصالح اليمن والشعب اليمني، وذلك بعد العدوان الذي شنته جماعة الحوثيين، وإن دول الخليج العربية ستتخذ الإجراءات لحماية المنطقة في حال لم يمكن التوصل لحل سلمي للفوضى في اليمن، مؤكدا أن إيران تنتهج سياسات عدوانية بالمنطقة وتدخلاتها مستمرة في الدول العربية وتحاول إثارة النزعات الطائفية بها، عطفا على منحها صفقات لا تستحقها في مفاوضات الملف النووي مع القوى الكبرى.
وأوضح الأمير سعود الفيصل خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، أن بلاده بصدد حماية اليمن والشرعية اليمنية، وما يمثله الرئيس عبد ربه منصور هادي، وأن بلاده مستعدة لأي طلب يتقدم به الرئيس اليمني، لصالح اليمن، أيا كان نوع الطلب وفي أي مجال من المجالات، مشيرا إلى أن كل أصدقاء اليمن سيهبون إلى مساعدته إذا ما طلب ذلك، خصوصا إذا كان هناك تعد على الشرعية، وقال الفيصل إن الشعب اليمني سيحصل على الدعم من العالم كله، حيث إن المملكة قدمت الكثير من الدعم الاقتصادي لليمن، وإذا لم يتم الحل سلميا، فسيتم اتخاذ الإجراءات لحماية المصالح من عدوان الحوثيين، مؤكدا أن الرئيس اليمني يستطيع تنفيذ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وتنص المادة 51 في ميثاق الأمم المتحدة «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”.
وأضاف الفيصل “إن الحل في اليمن لا يمكن الوصول إليه إلا بالانصياع للإجماع الدولي برفض الانقلاب وكل ما ترتب عليه، بما في ذلك الانسحاب الحوثي المسلح من مؤسسات الدولة كافة، وتمكين الحكومة الشرعية من القيام بمهامها الدستورية، أخذا في الاعتبار أن أمن اليمن وأمن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ”، مؤكدا أهمية الاستجابة العاجلة لدعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي لعقد مؤتمر في الرياض تحت مظلة مجلس التعاون يحضره جميع الأطياف السياسية الراغبة في المحافظة على أمن واستقرار اليمن.
وذكر وزير الخارجية السعودي، أن كل الدعوات إلى مؤتمر اليمني بالرياض، أرسلت لجميع الطوائف اليمنية، ولم يكن هناك أي استثناء.
وزير الخارجية البريطاني رحب بعقد المؤتمر اليمني بالرياض، تحت رعاية مجلس التعاون، وثمن الدور السعودي الذي يعمل مع المشكلة اليمنية التي تتفاقم.
وقال: “لا أحد منا يريد أن يرى تحركا عسكريا، ولكن لا بد أن نكون مستعدين للتدخل في سلسلة من الإجراءات التي ستطبق ضغطا على الحوثيين، وتقدم دعما للرئيس هادي في مواجهة العدوان الذي يحدث”.
مصادر دبلوماسية متابعة رأت ان تسارع الاحداث في اليمن وفي العراق وسوريا والضغط الايراني المرتفع على تلك الجبهات يدخل في سياق الضغط على المفاوضات الدولية (5+1) مع ايران حول ملفها النووي والتي تستكمل الخميس الجاري في لوزان، حيث ترغب ايران الاستحصال على شرعية دولية لموقعا السياسي العسكري في المنطقة مقابل تنازلات ضرورية تقدمها في الملف النووي، لطي صفحة المفاوضات، فيما وصفت مصادر اخرى تزامن التصعيد العسكري وارتفاع نبرة التصريحات الايرانية، بالتزامن مع وصول المفاوضات النووية الى نقطة حساسة، بأنه جزء من الصراع الايراين الداخلي بين المرشد والحرس الثوري الايراني فيلق القدس من جهة والرئيس الايراني والفريق المفاوض من جهة أخرى، حيث يرفض الفريق الاول تقديم اي تنازلات في المفاوضات قبل التأكد من رفع كامل للعقوبات، فيما يذهب الفريق الاخر المفاوض الى البحث عن اتفاق متوازن.
فوزي ابوذياب