صح النوم.. مستر كيري

د. صلاح ابو الحسن

كنا قبل اربع سنوات ننتظر تبدلا في الموقف السياسي الاميركي مرة كل شهر.. اليوم، بتنا نتمنى ان “يثبت” موقف البيت الابيض لأكثر من 48 ساعة..

يصدر الموقف اليوم.. ثم يأتي التوضيح او التصحيح في اليوم التالي من ناطق رسمي او من مسؤول اميركي آخر.. احيانا يأتي التوضيح والتصحيح من قبل نفس المسؤول كما هي الحال مع الرئيس الأميركي باراك أوباما ومع وزير خارجيته جون كيري..

المواقف تأتي في غالب الأحيان على مقياس “النووي”..

بان كي مون لا يقل ترددا عن اوباما وكيري.. وقد “شبع” العالم من “ضعفه” تجاه قضايا الشرق الاوسط وبالأخص القضية الفلسطينية.. وقلم الامم المتحدة “سيّال” في اصدار القرارات والبيانات التي لا تُنفذ..

في ايلول 2013، قال بان كي مون ان النظام السوري استخدم الكيماوي على نطاق واسع في الغوطة وفي ريف دمشق.. وهذه جريمة حرب.. والحكومة السورية وليست المعارضة هي المسؤولة عن هجوم 21 آب بغاز السارين..

وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت إنه “لم يعد هناك شك في أن النظام السوري” هو المسؤول عن الهجوم الذي أدى إلى مقتل مئات الأشخاص..

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن تقرير مفتشي الأمم المتحدة بخصوص الهجوم الكيماوي يظهر أنه “لا مجال للشك” في أن الحكومة السورية تقف وراءه..

U.S. Secretary of State Kerry speaks during a news conference at the Lake Garden Hotel, outside the venue of the 47th ASEAN Foreign Ministers' Meeting, in Naypyidaw

وحدها روسيا قالت ان أقمارها الإصطناعية التقطت صورا تبين أن طرفاً في المعارضة أطلق صاروخين على الغوطة ويحملان موادا كيميائية..

اليوم جون كيري، يبدي “انزعاجه الشديد” من استخدام النظام السوري لمادة “الكلور” كسلاح كيميائي في الهجوم على بلدة سرمين..

آلاف الأطنان من الاسلحة الكيميائية لم تزعج مستر كيري قبل سنتين وآلاف الضحايا المدنيين الأبرياء لم يُزعجوا اوباما وكيري.. فكيف نصدّق “انزعاجه” اليوم؟؟.. ونحن ننتظر توضيحا من ناطق رسمي في وزارته ينفي تصريحه.. عفوا مستر كيري تعودنا على ذلك!!..

في بداية الثورة السورية لايمكن احصاء تصريحات الرئيس اوباما المطالبة برحيل الاسد فورا.. ولا يمكن احصاء الاتهامات له باستدراج الارهاب الى سوريا والافراج عن الارهابيين من سجونه لاتهام المعارضة بممارسة الارهاب..

ثم تتبخر المطالبات والتصريحات ليحل محلها ان لا حل للأزمة السورية من دون بشار الاسد..

البارحة سمعناك مستر كيري، تدعو الى ضرورة التفاوض مع بشار الاسد.. وتبعك وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير يدعو الى عدم استبعاد التفاوض مع الاسد.. وكثر في اوروبا سيتبعونك.. صدق المثل اللبناني عندما تحدّث عن “الثلم الأعوج”!!!…

منذ سنوات والطقس الاميركي والاوروبي يعمل على ميزان “النووي الايراني”.. ولذلك فان الآتي أعظم.. ولا نتوقع غير ذلك.. كنا نقول سابقا “مجنون” من يصدّق الساسة الاميركيين ونؤكد ذلك اليوم..

“سبحان من يُغيّر ولا يتغيّر”.. كيف حذف التقرير السنوي الذي قدمه مدير الاستخبارات الاميركية جيمس كلابر الى مجلس الشيوخ، ايران من قائمة التحديات الارهابية!!؟؟.. اضافة الى براءة الذمة التي اعطاها كلابر لايران بان لديها “نيات لكبح الطائفية وبناء شركاء متجاوبين..”..

نعم، عليكم ان تصدّقوا ان الجمهورية الاسلامية الايرانية.. وقاسم سليماني والحرس الثوري “يكبحون الطائفية” في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. من خلال الامبراطورية الفارسية والهلال الشيعي.. و”الكابح الاكبر” هو بشار الاسد!!..

ولا عجب ان يضيف التقرير السنوي المقبل.. المعارضة السورية “المعتدلة” والقوى الديمقراطية المطالبة بالحرية، الى قائمة الإرهاب.. بدلا من اسرائيل وايران وداعش والنظام السوري..

الواضح ان الولايات المتحدة الاميركية.. وهي على وشك التفاهم مع ايران قبل نهاية هذا الشهر، ان تقدم الى ايران هدية “نووية سياسية”.. عبر تسليمها حق النفوذ “الحصري” على المنطقة من العراق الى سوريا وصولا الى لبنان..

وهذا يعني لبنانيا، فرض ايران مرشح حزب الله ميشال عون رئيسا للجمهورية.. “شاء من شاء وأبى من أـبى”..

يبدو ان لبنان لا يستطيع ان يعيش من دون وصاية.. من استدرج الوصاية السورية واستقوى بها على شركائه في الوطن.. بدعم اميركي.. بسبب الغباء السياسي عند البعض.. ودفع الثمن هو وغيره غاليا لإنهائها.. ها هو يعيد الكرّة اليوم بعد اربعين سنة..

فعلى دماء ووجود من، يا تُرى، ستخرج الوصاية الجديدة؟؟!!…

ومجددا، يستبدل لبنان الوصاية السورية بالوصاية الايرانية.. بفضل سياسة البعض الهوجاء.. من المسؤول؟؟ الاكيد ليس “الطليان”..

شكرا مستر كيري على هداياك النووية.. وصح النوم!!…

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!