كيف تتوزع المواقف الدولية عشية الإتفاق النووي المرتقب مع إيران؟

العالم يحبس أنفاسه عشية انطلاق الجولة الأخيرة الحاسمة من المحادثات النووية بين إيران والقوى الكبرى في 25 آذار، وهي الجولة الحاسمة التي سيتحدد فيها نجاح أو فشل ابرام اتفاق مبدئي بين الجانبين.

و يجمع المراقبون لهذا الملف الشائك والمعقد في أن هذا  الإتفاق وفي حال تم التوصل إلى ابرامه  أو في حال اصطدامه بعوائق وعقبات غير متوقعة قد تحول في الربع الساعة الاخيرة من دون تحقيق هذا الإنجاز المنتظر من قبل الإدارة الأميركية والإيرانية، فإنه في كلا الحالتين سيرسم أفاق لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية والإقليمية التي سيكون لها تأثيرات مباشرة على صعيد مجمل تطورات الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط عموما و بالأخص وعلى وجه التحديد على صعيد تطورات الأحداث الساخنة المتسارعة  في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الساحات العربية التي تشهد مواجهات محتدمة بين المحور الإيراني وبين المحور العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في مواجهة توسع الإمبراطورية الإيرانية في عمق العالم العربي.

وفي هذا الإطار، اكدت القوى الكبرى في ختام اجتماع عقد في لندن بعد اسبوع من الاجتماعات في لوزان مع ايران، ان موقفها موحد في المفاوضات حول الملف النووي الايراني. وقالت القوى الكبرى في ختام اجتماع وزراء خارجيتها في لندن ان على ايران اتخاذ “قرارات صعبة” لانجاح المفاوضات حول برنامجها النووي. واكدت في بيان ان “تقدما كبيرا تحقق بشـأن نقاط اساسية، الا انه لا تزال هناك نقاط مهمة لم يتم التوصل بعد الى اتفاق بشأنها. وقد آن الاوان لان تتخذ ايران بشكل خاص قرارات صعبة”.وتبذل الدول الست الكبرى مساعي حثيثة لبلوغ اتفاق “سياسي” مع طهران قبل نهاية هذا الشهر، يضمن عدم صنع ايران قنبلة نووية مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

وقد أعرب وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة عن أملهم بالتوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن “المفاوضات أصبحت في الشوط الأخير، وإن الحل الدبلوماسي بات في متناول اليد ومن الممكن تحقيقه”.

  أكد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عقب الاجتماع الوزاري في لندن، أن “الدول الغربية متفقة على أن تقدماً كبيراً تحقق في نقاط أساسية مع إيران في مجالات رئيسية، على الرغم من وجود قضايا  لم يجر التوصل لاتفاق بشأنها”.وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد في وقت سابق أن المحادثات مع إيران تحقق تقدماً حقيقياً.

وفي مؤتمر صحافي في مدينة لوزان قال كيري إن “المحادثات ترمي إلى التوصل إلى اتفاق راسخ وشامل بشأن ملف طهران النووي”، مضيفاً أن “على إيران إثبات سلمية برنامجها وعدم سعيها مستقبلاً إلى امتلاك أسلحة نووية”.وأضاف كيري “خلال الأيام الماضية شاركت في محادثات مطّولة مع الفريق الإيراني بشأن الخطوات التي على إيران اتخاذها لضمان أن برنامجها النووي سيبقى حصراً لأغراض سلمية، وفي الشهر الماضي أحرزت مجموعة 5+1 تقدماً حقيقياً بالرغم من وجود بعض الثغرات الهامة”، موضحاً “لم نصل بعد إلى خط النهاية ولكن لدينا الفرصة لتحقيق ذلك، إنها مسألة إرادة سياسية واتخاذ قرار صعب”.كلام كيري جاء قبل توجهه إلى لندن للاجتماع مع نظرائه الأوروبيين لبحث سبل حل الخلافات بشأن المسائل العالقة.

من جهته، اتهم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الولايات المتحدة، السبت، باستخدام الضغوط الاقتصادية لمحاولة تأليب الإيرانيين على الحكم الإسلامي وهي تعليقات تبرز عدم ثقة طهران في شريكها الرئيسي في المحادثات النووية. ووسط صيحات “الموت لأميركا” كرر خامني – الذي له القول الفصل في جميع شؤون الدولة – في كلمة ألقاها في شمال شرق البلاد أن طهران لن تستسلم تحت وطأة الضغوط لمطالب الغرب في المفاوضات مع القوى الكبرى. كن خامنئي (75 عاماً) عبر أيضاً عن دعمه لحكومة الرئيس حسن روحاني التي تجري المفاوضات وحث المنتقدين لأدائها على عدم استخدام عبارات الإهانة والسب في إشارة فيما يبدو إلى استمرار ثقة الزعيم الأعلى في فريق روحاني.
وقال خامنئي: “بالطبع نعم الموت لأميركا لأن أميركا هي المصدر الأساسي لهذه الضغوط. إنهم يصرون على وضع ضغوط على اقتصاد شعبنا العزيز. ما الذي يهدفون إليه؟ هدفهم هو تأليب الناس على النظام”.
وانتقد خامنئي الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للإيرانيين يوم الخميس وقال فيها إن المحادثات النووية تمثل أفضل فرصة في عقود لانتهاج علاقة مختلفة بين الدولتين. ورفض تأكيد أوباما بأن هناك أشخاصاً في إيران يعارضون الحل الدبلوماسي للقضية النووية.وقال: “هذه كذبة. لا يوجد أحد في إيران لا يريد حل للقضية النووية من خلال المفاوضات. ما يرفضه الشعب الإيراني هو الإملاءات والغطرسة الأميركية”.وأضاف خامنئي أن طهران تتفاوض مع القوى الكبرى حول النزاع النووي فقط وليس حول المسائل الإقليمة، في إشارة فيما يبدو إلى الصراعات وعدم الاستقرار في العراق وسوريا. وقال: “أهداف أمريكا بشأن القضايا الإقليمية تختلف تماماً عن أهدافنا”.

بدوره، رأى الرئيس الإيراني حسن روحاني أن هذا التقدم “قد يؤسس لاتفاق نهائي”. وقال خلال زيارته مركزاً للمعوقين في طهران إن بلاده مستعدة للتوصل إلى اتفاق ضمن خطوطها الحمراء، داعياً الطرف الآخر إلى “حسم قراره في هذا الشأن”.

بينما أكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان فوز رئيس الوزراء الاسرائيلي في الانتخابات التشريعية في اسرائيل لن يكون له “تأثير كبير” على المفاوضات حول الملف النووي الايراني.وقال اوباما في مقابلة مع صحيفة “ذي هافنغتن بوست” الالكترونية: “لا اعتقد انه سيكون لذلك تأثير كبير”.كما عبر اوباما في المقابلة مع الصحيفة الالكترونية عن بعض التفاؤل في تقدم في المفاوضات بدون ان يتجاهل تأثير الحذر المتبادل بين ايران واسرائيل.وقال ان “العديد من الاسرائيليين يخشون بالتأكيد ايران. هذا امر مفهوم، فايران ادلت بتصريحات دنيئة، تصريحات معادية للسامية، تصريحات حول تدمير اسرائيل”. واضاف “لهذا السبب قلت حتى قبل ان اصبح رئيسا، ان ايران يجب الا تمتلك سلاحا نوويا”.وتابع اوباما انه للتوصل الى اتفاق “يجب ان تبرهن ايران اولا بشكل واضح على انها لا تقوم بتطوير السلاح الذري ويمكننا ان نتحقق من ذلك بشكل دقيق ومستمر”.

وفي السياق عينه، قالت وزارة الخارجية الروسية السبت إن الجولة المقبلة من المحادثات النووية مع إيران ستبدأ في 26 آذار (مارس) الجاري.و قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السبت إن بلاده تريد اتفاقا متماسكا بشكل كاف بالنسبة لبرنامج إيران النووي، يحول دون امتلاك طهران قنبلة ذرية.وأضاف لـ “راديو أوروبا 1″ ان فرنسا “تريد اتفاقا متماسكا يضمن حقيقة أن تتمكن إيران من الحصول على طاقة نووية مدنية، ولكن دون أن تمتلك قنبلة ذرية”.

_________________

(*) – الافتتاحية – هشام يحيى