النص الكامل لخطاب الملك سلمان بن عبد العزيز

 أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الثلاثاء، تزام بلاده على الدوام في سياستها الخارجية بتعاليم الإسلام الداعية إلى المحبة والسلام، واستمرارها في الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية. لكنه شدد على ضرورة «احترام مبدأ السيادة، ورفض أية محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية». وفيما أقر بأن لانخفاض أسعار النفط تأثيراً على دخل المملكة، قال: «سنسعى إلى الحد من تأثير ذلك على مسيرة التنمية». وأعلن أن السعودية ستستمر في عمليات استكشاف النفط والغاز وثرواتها الطبيعية الأخرى .

وتعهد خادم الحرمين الشريفين المضي في تحقيق التضامن العربي والإسلامي، والإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار في العالم، وإرساء مبدأ العدالة والسلام. وشدد على الالتزام بنهج الحوار وحل الخلافات سلمياً، رافضاً القوة والعنف والإرهاب. كما أكد أن بلاده ستساهم بفاعلية في حلول للقضايا العالمية الملحة، كقضايا البيئة والتنمية المستدامة.

وتعهد خادم الحرمين الشريفين في كلمة لدى استقباله في قصر اليمامة بالرياض، الأمراء وأمراء المناطق، والمفتي العام للسعودية، والعلماء، والمشايخ، والقضاة، والوزراء، ورئيس وأعضاء مجلس الشورى، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، وجمعاً من المواطنين، مواصلة العمل على الأسس الثابتة التي قامت عليها بلاده، «تمسكاً بالشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظاً على وحدة البلاد، وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملاً على مواصلة البناء، وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك». وقال إن ذلك يعني «السعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين». وزاد: «كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى». وقال إنه وجّه وزير الداخلية السعودي بالتشديد على استقبال أمراء المناطق المواطنين، والاستماع إليهم، ورفع ما قد يبدونه من أفكار ومقترحات.

وأكد الملك سلمان الحرص على «التصدي لأسباب الاختلاف، ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية»، مشدداً على أن «أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات».

وتناول الملك سلمان بن عبدالعزيز السياسة الخارجية لبلاده، مؤكداً أنها «ملتزمة على الدوام بتعاليم ديننا الحنيف الداعية للمحبة والسلام، وفقاً لجملة من المبادئ أهمها استمرار المملكة في الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية». وشدد على ضرورة «احترام مبدأ السيادة، ورفض أي محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية»، و «الدفاع المتواصل عن القضايا العربية والإسلامية». وأكد أن في مقدم ذلك «تحقيق ما سعت وتسعى إليه المملكة دائماً من أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف».

وأضاف: «كما أننا سائرون إلى تحقيق التضامن العربي والإسلامي، بتنقية الأجواء، وتوحيد الصفوف، لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بهما». وأوضح خادم الحرمين الشريفين أن ذلك كله يصاحبه «العمل من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في العالم، وإرساء مبدأ العدالة والسلام، إلى جانب الالتزام بنهج الحوار، وحل الخلافات بالطرق السلمية، ورفض استخدام القوة والعنف، وأي ممارسات تهدد الأمن والسلم العالميين».

وقال الملك سلمان أنه مع بروز ظاهرة التطرف والإرهاب، «باعتبارها آفة عالمية لا دين لها، اهتمت المملكة بمكافحة التطرف والإرهاب بكل صوره وأشكاله، أياً كانت مصادره، والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والهيئات الدولية في مكافحة هذه الآفة البغيضة عبر اجتثاث جذورها ومسبباتها». وتعهد الإسهام «بفاعلية في وضع الحلول للكثير من قضايا العالم الملحَّة، ومن ذلك قضايا البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة».

وقال خادم الحرمين الشريفين إن للإعلام دوراً كبيراً في دعم تلك الجهود، وإتاحة فرصة التعبير عن الرأي، وإيصال الحقائق، وعدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة أو التنافر بين مكونات المجتمع. وأضاف: «الواجب على الإعلام أن يكون وسيلة للتآلف والبناء، وسبباً في تقوية أواصر الوحدة واللحمة الوطنية». وأكد استمرار التحديث والتطوير مع «حفظ الحقوق لكل فئات المجتمع».

وأوضح الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه شدد على جميع المسؤولين، خصوصاً «مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بمضاعفة الجهود للتيسير على المواطنين، والعمل لتوفير سبل الحياة الكريمة لهم»، وقال: «لن نقبل أي تهاون في ذلك». وأضاف مخاطباً «الوزراء والمسؤولين في مواقعهم كافة أننا جميعاً في خدمة المواطن الذي هو محور اهتمامنا». وأعلن أنه وجّه بـ «مراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها، والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد، ويحفظ المال العام، ويضمن محاسبة المقصرين».

وأشار إلى أن المواطن السعودي أظهر على الدوام «استشعاراً كبيراً للمسؤولية، وشكّل مع قيادته وحكومته سداً منيعاً أمام الحاقدين والطامعين، وأفشل – بعد توفيق الله – الكثير من المخططات التي تستهدف الوطن». وشدد على القول «لأبنائنا وبناتنا ولكل من يقيم على أرضنا إن الأمن مسؤولية الجميع، ولن نسمح لأحد بأن يعبث بأمننا واستقرارنا».

وتناولت كلمة الملك سلمان الأوضاع الاقتصادية في ظل ما تشهده أسواق النفط العالمية. وتعهد العمل لـ «بناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة، تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات، وإيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص». وبشّر بأن تكون الأعوام المقبلة «زاخرة بإنجازات مهمة».

وتعهد العمل لتطوير أداء الخدمات الحكومية، والارتقاء بالخدمات الصحية «لجميع المواطنين في كل أنحاء المملكة، بحيث تكون المراكز الصحية والمستشفيات المرجعية والمتخصصة في متناول الجميع». وفي شأن الإسكان قال: «عازمون بحول الله وقوته على وضع الحلول العملية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن».

وأعلن الملك سلمان أنه وجّه بتطوير التعليم «من خلال التكامل بين التعليم بشقيه العام والعالي، وتعزيز البنية الأساسية السليمة له، بما يكفل أن تكون مخرجاته متوافقة مع خطط التنمية وسوق العمل». وأكد حرصه على «إيجاد فرص العمل»، قائلاً أن للحكومة والقطاع الخاص مسؤولية مشتركة في هذا الجانب. وشدد على السعي إلى تعزيز قدرات القوات العسكرية السعودية «بما يضمن بإذن الله تعالى حماية هذا الوطن، وتوفير الأمن والأمان للمواطنين». ووصف رجال القوات العسكرية بأنهم «محل القلب من الجسد»، وقال: «أنتم حماة الوطن ودرعه، وكل فرد منكم قريب مني ومحل رعايتي واهتمامي».