كمال جنبلاط… أقحوان الدنيا كلّه أزهر وتباهى

محمود الاحمدية

1977-2015 ثمانية وثلاثون عاماً مرّوا منذ يوم استشهادك… رائحة الحبر الذكي ملأت ألوف الصّفحات وتحدّثَتْ عنْكَ في كلّ أرجاء الدّنيا… قصّة أغرب من الخيال تختصر روعة الموقف وإبداع النّموذج وكبر المبادىء…

وفد من جمعيّة النّجدة الشّعبيّة اللّبنانيّة إتّصل بالمعلّم لأخذ موعد للقائه في جلسة إستشاريّة وكان ذلك في بداية السّبعينات… وأجاب المعلّم: أهلاً وسهلاً بكم غداً شرّفوني السّاعة السّادسة والنّصف صباحاً… وكان منزلهُ في منطقة فرن الحطب قرب شارع مار الياس وكانت مفاجأة الموعد وتوقيته… وعندما وصل الوفد وجلسوا، تفاجأوا بالمعلّم يقول بلهجته المحبّبة: (جوزيف شِفْلي هالكيس جُوّا شو فيه مصاري)؟!

وتململ الحاضرون وكانت المفاجأة الثّالثة: أربعون ألف ليرة قدّمها المعلّم…فهبّ الجميع قائلين: كمال بيك…منترجّاك نحنا جينا للإستشارة والمناقشة مش جايين كرمال التّبرّع… فأجاب بطريقة إنسانيّة تبقى في الذّاكرة مدى العمر: أنا بدّي أشكركم هالمبلغ صارلو أسبوع في الكيس ومثل الهمّ على قلبي لأنني أعتبر الفلوس زَفَرَة يجب أن نغسِّل أيدينا من تلوّثها مع أنّ مقدّمها كريم وشهم وهي مخصّصة للمساعدة في محلّها وأنتم كجمعيّة عندكم مشاريع صحّيّة وإجتماعيّة وأوْجَرْ من غيركم بها وعلى علمي عندكم مشروع في الضّاحية ويعطيكم العافية…فران صمتٌ كبير وتكلّم أحد الحاضرين بإسم الوفد شاكراً وقال: هذه لحظات خالدة في تاريخ النّجدة الشّعبيّة اللّبنانيّة وراح ناخذها نموذج فكان الجواب أتمنى أن يبقى الموضوع سرَّاً بيني وبينكم والخالق عزّ وجلّ… وإنتشر الخبر في صفوف كلّ النّجدويّين من أقصى الشّمال في الوطن إلى أقصى الجنوب لأنّ مبلغ أربعون ألف ليرة لبنانيّة تلك الأيّام يعمّر بنايةً…

حدثٌ، أحببت تسليط الضّوء عليه لأقول لمعلّمي: دماؤك الّتي سقطت في دير دوريت أزهرت كلّ أقحوان الدّنيا باللّون القاني وكلماتك الرّسوليّة سكنت الوجدان والضّمير إلى الأبد وعباراتك تبقى درساً ونبراساً للكرامة والشّهامة والتّصرّف الرّاقي…والّذين اغتالوك اغتالوا كرامة وضمير الإنسانيّة جمعاء…

معلّمي ستبقى النّبراس والنّموذج والقدوة طالما هناك نهار وليل وشمس ونجوم وقمر…

معلّمي في ذكرى استشهادة أهديك وردةً ودمعةً… وردة فرح بالوليد الّذي وعبر سياسته الحكيمة الجامعة أصبح رمزاً لوحدة الوطن وعبر ثورته الصحيّة من خلال الوزير المناضل وائل أبو فاعور أثبت وليد جنبلاط وحزبه بأنّهم استطاعوا عمل المستحيل باختراقهم جداراً سميكاً وجبلاً شاهقاً من الفساد…وأهديك دمعةً تجمّدت حتّى يبقى الرّجال رجالاً…

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة