فشل مجلس الأمن في تنفيذ قراراته أدخل الفوضى والإرهاب إلى المنطقة

اميل خوري (النهار)

في حديث للراحل الكبير كمال جنبلاط عام 1968 قال فيه: “يجب أن نتذكر كعرب أن الامم المتحدة فشلت في تنفيذ مقرراتها منذ عجزها عن إجبار اسرائيل على تنفيذ قرار إعادة اللاجئين الفلسطينيين الى مساكنهم وممتلكاتهم. كما لا يمكن العرب البحث عن الحل الأمثل للقضية الفلسطينية طالما هم يواجهون العدو الاسرائيلي من مركز الضعف، خصوصاً في غياب هيئة الامم المتحدة وفشل أجهزتها، وعلى رأسها مجلس الأمن، واسرائيل لن تحصل على فوائد عملية من عدوانها إذا استمر عمل الفدائيين وتوحد وتطور الى حرب تحرير حقيقية”.

هذا الحديث الذي أدلى به الزعيم الدرزي الراحل قبل ما يقارب الـ47 عاماً يصح تكرار قوله اليوم لأن لا قرارات الامم المتحدة ولا قرارات مجلس الأمن غيرت شيئاً في الواقع القائم بين اسرائيل والفلسطينيين بالنسبة الى القضية الفلسطينية من حيث التوصل إلى اتفاق سلام يعيد اليهم حقوقهم المشروعة، ولا بين اسرائيل والدول العربية المحتلة أراضيها سوى التوصل الى اتفاقين منفردين مع كل من مصر والاردن ولم يحققا سوى سلام بارد لأن اسرائيل لم تلتزم قرارات مجلس الأمن التي تدعوها الى الانسحاب من الاراضي التي تحتلها توصلاً الى تحقيق سلام عادل وشامل، وكل ما اهتمت به اسرائيل هو تحقيق أمن على طول حدودها مع دول الجوار، فكان لها ما أرادت من خلال اتفاق كمب ديفيد مع مصر واتفاق وادي عربة مع الأردن واتفاق فك الاشتباك في الجولان مع سوريا والقرار 1701 مع لبنان، ما جعل مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة السفير نواف سلام ينتقد اداء مجلس الامن حيال الأزمة المتمادية في سوريا والتي نشأت عنها أزمة انسانية هي الأكبر في التاريخ منذ الحرب العالمية الثانية، مشدداً على ضرورة أن يبادر المجتمع الدولي الى المساهمة أكثر في مساعدة اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهؤلاء وفي مقدمهم لبنان.

الواقع لو أن مجلس الامن الزم الدول المعنية تنفيذ قراراته لكانت حلّت القضية الفلسطينية وعاد اللاجئون الفلسطينيون الى ديارهم ولم يبقوا حتى الآن لاجئين لدى عدد من الدول، ولا يتلقون المساعدات الكافية التي تجعلهم يعيشون بكرامة، ولا كانت الدول العربية لا تزال في حال حرب مع اسرائيل ولا يتم التوصل الى اتفاق سلام بفرض انسحابها من الاراضي التي تحتلها لأنها لا تزال تطمع بالبقاء في اجزاء منها، حتى إن القرار الأخير الذي صدر في اعقاب حرب تموز عام 2006 بين اسرائيل و”حزب الله” كان مصيره كمصير القرارات 425 و1559 و1655 و1680 و1697، فلو أن هذه القرارات تم تنفيذها كاملة لما كان لبنان يعاني ما يعانيه اليوم، سواء على حدوده مع اسرائيل التي لا تزال تعيش في ظل هدنة لا أحد يعرف متى تنتهي، وسواء على حدوده مع سوريا وقد صارت مفتوحة للمتسللين ولتهريب الاسلحة وللمسلحين لأن الفقرة 11 من القرار 1701 لم تنفذ وهي تسمح بالاستعانة بالقوات الدولية لمنع دخول الاسلحة أو ما يتصل بها من عتاد الى لبنان. ولو أن مجلس الأمن الزم كل الدول المعنية تنفيذ القرارات 1269 و1368 و1373 لمكافحة الارهاب، لما كان ثمة حاجة اليوم الى البحث عن قرارات جديدة، ولا حتى الى اقامة تحالف دولي يتولى ضرب الارهاب من الجو ويفتش عمن يستطيع ضربه في البرّ، وان تبحث الولايات المتحدة الاميركية عن حلفاء يتولون ذلك حتى بين من تعتبرهم خصوماً لها في السياسة. ويذكر ان تلك القرارات دعت جميع الدول الى العمل معاً وعلى نحو عاجل على منع الاعمال الارهابية والقضاء عليها من خلال التعاون التام والتنفيذ الكامل للاتفاقات الدولية التي توجب على كل دولة الامتناع عن تنظيم أي أعمال ارهابية في دولة أخرى، أو المساعدة، أو المشاركة فيها، أو قبول نشاطات منظمة في أراضيها، وكذلك وقف تمويل الاعمال الارهابية وتجميد الأموال واي أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالاً ارهابية أو يشاركون فيها أو يسهلون ارتكابها. وقد أنشأ مجلس الأمن لجنة لمراقبة تنفيذ قرارات مكافحة الارهاب، ثم عاد وأصدر القرار 2170 بالاجماع وتحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة بحيث يجعل تنفيذه يتم بالقوة العسكرية إذا لزم الأمر.

وكانت روسيا قدمت عام 2004 اقتراحاً لمكافحة الارهاب وافق عليه مجلس الامن يدعو الدول الى التعاون في مكافحة الارهاب، خصوصاً تلك التي تمارس فيها الأعمال الارهابية. ونصّ الاقتراح على انشاء مجموعة عمل مؤلفة من أعضاء المجلس تبحث في اجراءات عملية ضد اشخاص لهم صلة بنشاطات ارهابية، وتم تحديد 90 يوماً لوضع هذه الاجراءات لمكافحة الارهاب بمبلغ 5 مليارات دولار للتدريب وبناء القدرات والتعاون مع الدول التي تحارب الارهاب.

والسؤال هو: كيف أمكن المنظمات الارهابية مثل “داعش” وأخواتها أن تكبر وتصبح قادرة على تهديد أمن دول المنطقة بل أمن دول العالم ولم يتم القضاء عليها في مهدها وقبل أن تكبر؟