أميركا وايران والمنطقة: مفاوضات خارج المفاوضات

رفيق خوري (الانوار)

الكبار يعرفون صعوبة الإمساك بكل الخيوط في اللعبة الكبيرة والخطيرة الدائرة في الشرق الأوسط. وحدهم الصغار يتوهّم بعضهم انه يمسك بالقوي من الخيوط ويدير المهم من الخطوط في الصراع الجيوسياسي. وبينهم من يتصور انه يرى الصورة النهائية للأحداث الدراماتيكية في سوريا والعراق واليمن وليبيا وانعكاساتها على لبنان والأردن ودول الخليج. لكن الواقع، برغم الانشغال بما يدور على الأرض، هو انه لا شيء يتقدم في الاهتمامات الاقليمية والدولية على متابعة المفاوضات المتسارعة حول الملف النووي الايراني. ولا أحد يجهل دلالات التركيز على التفاوض الثنائي بين أميركا وايران، مع ان الطرف الآخر مقابل ايران هو مجموعة ٥١.

 ذلك ان الاتفاق بين واشنطن وطهران، اذا حصل، هو أهم تطور استراتيجي منذ عقود في اللعبة الجيوسياسية في المنطقة. وبقدر ما يفتح الاتفاق آفاقاً جديدة أمام التعاون بين العاصمتين، بقدر ما يثير مخاوف حلفاء أميركا العرب والأتراك والاسرائيليين. واذا كان أكثر ما يخيف اسرائيل النووية هو ان تصبح ايران نووية، فان أكثر ما يخيف العرب والأتراك هو النفوذ الايراني المتعاظم في المنطقة ضمن محور اقليمي لديه مشروع جدّي. ولهذا تحدى نتنياهو الرئيس باراك أوباما في واشنطن بإلقاء ما سمّي خطاب عمره أمام الكونغرس مطالباً برفض الاتفاق، ولهذا أيضاً طار وزير الخارجية الاميركي جون كيري من سويسرا بعد جولة مفاوضات مثمرة مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف الى الرياض ليطمئن الملك سلمان ومعاونيه الى ان الهواجس والاهتمامات مأخوذة في الحسابات الاميركية.

ومن هنا حرص وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل على اعلان دعم المملكة لمفاوضات الدول الست مع ايران على الملف النووي، ثم تسليط الاضواء على دعم ايران لانقلاب الحوثيين في اليمن واحتلالها للعراق ودعمها للارهاب ودورها في سوريا ولبنان. ومن هنا ايضا، ركز الوزير كيري على تمسك واشنطن بالشراكة مع دول الخليج، والتذكير بأن ايران راعية للارهاب وان النووي الايراني يهدد الخليج.

ومن الطبيعي ان يقرأ كيري جيداً معنى ان يستقبل الملك سلمان خلال ايام، الملك الاردني عبدالله الثاني، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف. واذا كان ما دار في المحادثات لا يزال من اسرار الآلهة، لا بالنسبة الى كيري بالطبع، فان الانطباع السائد هو ترتيب محور قوي للتوازن مع المحور الايراني المتوسع. والكل يعرف ان كلا من كيري وظريف يضع في حساباته غائبين. وراء ظريف في طهران محافظون يرفضون التخلي عن شعار الموت لأميركا. وخلف كيري في كونغرس جمهوري وحلفاء قلقون.

لكن الخائف من سيناريو الاتفاق مرتبك حيال سيناريو اللااتفاق.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الانوار)

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

الصعب والمستحيل في أزمة مفتوحة

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

لا مشروع بل ممانعة للمشروع الاقليمي الايراني

فرصة المخرج الفرنسي وتحديات المدخل اللبناني

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

أي ادارة ومعيار لتنظيم الخلاف؟

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

ماذا بعد الاقتراب من المدار الروسي؟

أبعد من خلاف المتفقين على عودة النازحين

ليس بالقانون وحده يحيا التمثيل الصحيح

عناصر القوة والضعف في محاربة داعش

العودة الى جنيف من طريق استانا

محاربة الارهاب الداعشي ومواجهة الفقه الداعشي

قمة البحر الميت: تحدّي إحياء العروبة

منبر لتوجيه رسائل لا مركز للقرار

موسكو حامية النظام وراعية المنشقين عنه

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

مسؤوليات ما بعد نجاح الزيارة الرئاسية

أي ابتعاد للبنان عن الصراعات الخارجية؟