منظمة اليونيسكو العالمية: 2015 عام مئوية فريد الأطرش

محمود الاحمدية

“ليس بين الفنون الجميلة ما يضاهي الموسيقى تأثيرًا في العواطف”. (نابوليون)

2015 عام مئوية فريد الأطرش، أديت بياف وفرانك سيناترا في المجال الفنّي بالبعد العالمي… وهذا الإعلان يعني دعوة دول العالم لتكريم هؤلاء الكبار الذين عملوا ببعد إنساني شامل يتخطّى النّظرة الضيّقة ويحاول أن يطلع من الشرنقة التي تجمِّد الفكر والعقل والمبادىء والمثل إلى رحاب الإنسانية حيث يرتقي التراث المحلّي ليصبغَ العالم بلمساته العملاقة… هكذا فعل نجيب محفوظ على الصعيد العربي حيث نال جائزة نوبل، وهكذا فعل فريد الأطرش عندما استطاع وحسب تعليل التكريم الصادر من منظّمة اليونيسكو العالمية بالحرف الواحد “لأنّه استطاع إيصال الموسيقى الشّرقيّة إلى رحاب العالمية، وترك تراثًا موسيقيًّا ضخمًا تستفيد منه الأجيال الحاليّة والقادمة”…

يحضرني كلام للكاتب المصري الكبير إحسان عبد القدوس وفي لحظة تجلٍّ: “فريد الأطرش ظُلم في المرئي والمقروء والمسموع وكذلك المتنبّي في كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني… ولكنّ المتنبي بقي أميرًا للشعراء ولم يتأثّر وفريد الأطرش بقي أمير الفنّ الخالد”… الذي يصدمنا والذي يصعب علينا تصديقه أنّنا أصبحنا في الشّهر الثّاني من عام 2015 ولم نسمع بكلمة واحدة عن هذا الخبر الأسطوري الذي يرفع شأن العرب فينا بين كافّة الأمم… والّذي يزيد الطّين بلّة أنّ هذا العام 2015 هو العام الأربعون لذكرى رحيل الموسيقار الخالد، وكأنّه لم يكن ولم يسمع أحد بشيء اللّهمّ إلاّ التكريم الذي نقدّر ونضعه تاجًا على رأس الفنّ، التّكريم الذي أقيم للأسطورة أم كلثوم بمناسبة مرور أربعين عاماً على رحيلها… وكانت المناسبة حديث العالم العربي كلّه… أمّا فريد الأطرش فقد عومل وكأنّه آتٍ من كواكب أخرى أو كأنّه لا علاقة له بعالمه العربي وبأمّته العربيّة… ويكفي للدلالة فقط ولسبب من مئات الأسباب الّتي جعلت اليونسكو يعلن 2015 عام مئويّة فريد الأطرش هو تفرّده بهذه العالمية فالقليلون يعلمون أنّ حوالي أربعين أغنية ومقطوعة موسيقيّة اجتازت الحدود العربيّة وغُنِّيت بثماني لغات عالميّة… قليلون يعلمون ما قاله فرانك بورسيل الموسيقار الفرنسي الذي يتفوّق على المعجزة الإيطاليّة هنري مانشيني والذي قاد أكبر أوركسترا في أوروبا ومؤلّفة من ماية وخمسين عازفاً وقدّم أربع مقطوعات لفريد الأطرش”زمرّدة”، “حبيب العمر”، “ليلى” و”نجوم الليل”: “فريد الأطرش من الطاقات الشّرقيّة النّادرة الّتي توزّع موسيقاهم أوركستراليًّا”…

فريد الاطرش

في زيارته الأخيرة إلى القاهرة عام 2003، وأمام مؤتمر صحافي عالمي، قال الفنّان الفرنسي الكبير شارل أزنافور: عبد الوهّاب صديقي وأم كلثوم صديقتي وأنا الذي فتحت للمطربة الكبيرة طريق الأوليمبيا، ولكنّ اسمحوا لي أن أقول: أنا أعشق موسيقى وعبقريّة فريد الأطرش.

ثلاثة أسماء نالوا جائزة وسام الخلود الفنّي الفرنسي: فريد الأطرش، بيتهوفن وشوبان!! ألا يكفي كلّ هذا التّاريخ حتى تتحرّك الضّمائر وتقام حفلات التّكريم لموسيقار خالد توّج الفنّ العربي والفنّ الشّرقي وارتقى به إلى مصاف الأمم العظيمة في الموسيقى… قليلاً من العدل يا سادة !!

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة