لماذا الرهان على موعد 24 آذار؟

جليل الهاشم

لم تسفر جولة المفاوضات الأخيرة بين الإيرانيين والأميركيين والتي إختتمت في جنيف في 23 شباط الماضي عن تقدم حاسم يسمح بالقول أن موعد الرابع والعشرين من آذار سيتم الإلتزام به كمحطة حاسمة في وضع الإتفاق بشأن الملف النووي الإيراني على سكة التنفيذ.

إستعان الطرفان بكل ثقلهما، تمثيل سياسي على أعلى مستوى وتمثيل تقني من الوزن نفسه لكن الجانبان كانا محكومين بسقفين بدى أنه من الصعب تخطيهما فالأمام علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية وضع حدوداً وشروط لأي إتفاق مقبل مدخله الأول رفع كافة العقوبات فوراً عن إيران.

وفي المقلب الآخر، كان الكونغرس الأميركي المشكك في جدوى إتفاق مع طهران يصعد مواجهته مع الرئيس أوباما، فيتخذ مواقف ضد الإتفاق المطروح ويستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في صدام مباشر مع البيت الأبيض وضد رغبته والهدف من تلك الاستضافة أن يشرح نتنياهو لأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأميركيين ما يراه خطراً تاريخياً على أمن إسرائيل وأمن المنطقة في حال تم توقيع الإتفاق المفترض بين المجموعة الدولية وإيران.

ضمن هذين السقفين يتحرك المفاوضون النوويون لكن سقفا آخر ترسمه إيران على الأرض يثير قلق المنطقة وأركانها فهي إذ تقود معركة تثبيت حلفائها في حكم العراق قبل داعش وبعدها وبوجودها، تتقدم إلى واجهة قيادة الأعمال الحربية في سوريا دفاعاً عن النظام الرئيس السوري بشار الأسد وفي البلدين تدفع بميليشياتها القادمة من إيران ولبنان وحتى أفغانستان في جيش أممي مذهبي دفاعاً عن المصالح الإيرانية.

iran

وبعيداً إلى الجنوب تنسف عبر الحوثيين التسوية الخليجية المطروحة في اليمن وتدفع بهؤلاء في مواجهة لا رجعة فيها مع بقية اليمنيين، مناطق وقبائل وأحزاب، وتقرر لدعمهم تسيير 28 رحلة جوية مباشرة بين طهران وصنعاء.

لا يمكن إغفال هذه الوقائع في الحوار الدولي مع إيران وحتى ولو أراد الأميركيون والإيرانيون إغفالها فإن الأصدقاء العرب لأميركا وللغرب لكن يكونوا مرتاحين أو مطمئنين إلى تسويات تسلب من تحتهم الأرض وتغير صورتها.

هذا ما يعرفه الأميركيون تماماً وما حاولوا القيام به من طمأنة للقيادة السعودية الجديدة عبر إنتقال أوباما والوفد الكبير إلى السعودية للتعزية بالملك عبدالله وتهنئة الملك سلمان بن عبد العزيز بتوليه المسؤولية إضافة إلى زيارتهم الأخرى المستمرة إلى الرياض.

لقد كان الرئيس نبيه بري محقاً عندما دعا إلى إنتظار موعد 24 آذار لمعرفة إتجاه الريح لكن الإنتظار لحل أبسط المشاكل اللبنانية العالقة لم يعد مفيداً، والمطلوب مبادرات داخلية تبدأ بتسهيل انتخاب رئيس للدولة لأن الاكتفاء بالانتظار لن يخدم إعادة البلد إلى سكة المؤسسات.