جنبلاط في موقفه الاسبوعي لـ”الأنباء”: فلسطين ستفتقد رولو

أدلى رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” جاء فيه:

برحيل الكاتب والصحافي والديبلوماسي الفرنسي إيريك رولو فقدت القضايا العربية وفلسطين نصيراً كبيراً لها، وهو الذي سعى طوال مراحل حياته النضالية رفع لواء الحقوق العربية. لقد عرفتُ الراحل الكبير جيداً وكان صديقاً للعائلة ولوالدتي الراحلة.

عاصر رولو الأحداث العربية في الحقبات الصعبة والمعقدة وشكلت مقابلاته الصحافية مفصلاً سياسياً بارزاً لعل أبرزها مع مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا ومع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعدد من القيادات السياسية الكبيرة في الشرق الأوسط.

أنصح بقراءة مذكراته السياسية الشهيرة والغنية بالمعلومات والأحداث والخفايا: “في كواليس الشرق الأوسط”، فهي تلخص حقبة مليئة بالتحولات السياسية والعسكرية إذ أنه عاصر الحروب العربية الإسرائيلية وكتب عنها محللاً تفاصيلها وتطوراتها.

عمل في السلك الديبلوماسي ممثلاً فرنسا في عدد من العواصم العربية وسعى الى توثيق العلاقات العربية الفرنسية. تمكن بفضل ثقافته السياسية الواسعة وخلفيته العلمية العميقة أن يشكل فهماً للأحداث يرتكز الى المعرفة والدقة. أكد دوماً على انتمائه الانساني الذي وضعه فوق كل الاعتبارات القومية والحزبية والعقائدية. إرتبط بمصر وقيادتها وشعبها ارتباطاً عميقاً وواكب أثناء وجوده فيها حرب 1967 ولاحقاً الحرب الأردنية – الفلسطينية سنة 1970 وصولاً الى وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في أيلول 1970.

لم يكن إيريك رولو الوحيد الذي دمج في حياته بين العمل الديبلوماسي والعمل الصحافي ولكنه إستطاع من خلال هذين الموقعين أن يكون مميزاً في قراءته للأحداث ومن توقعاته لمسارات تغييرها وللإتجاهات التي كانت ستسلكها.

لم تكن علاقته بفلسطين علاقة تقليدية. فأصوله اليهودية لم تدفعه للذهاب الى إسرائيل والذوبان فيها، بل على العكس كان مناضلاً عنيداً في سبيل الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة حتى أنه رفض المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة العربية في بيروت سنة 2002.

كم ستفتقد فلسطين والمنطقة العربية إيريك رولو الكاتب والباحث والصحافي والديبلوماسي.

من ناحية أخرى، فقد الوسط السياسي والحقوقي اللبناني والعربي علماً بارزاً من أعلامه ومناضلا شرساً في سبيل الحق والحرية والديمقراطية. لقد شارك بشير هلال بنضاله السياسي في مرحلة مفصلية في لبنان والمنطقة العربية عبر فيها عن إنحيازه المطلق للتحرر الذي هو حق من حقوق الشعوب.

على إثر إندلاع الثورة السورية ساهم بدعم نشاطات المعارضة السورية في أوروبا حتى تاريخ وفاته. وكان يمتلك الروح الثورية ويسعى بكل قدراته أن يدعم الشعب السوري في معركته لنيل الحرية والكرامة. كرس الكثير من وقته وإهتمامه وجهده لقراءة ومتابعة وتحليل تطورات هذه الثورة وعكست تعليقاته سواء المقتضبة أم المعمقة تعلقه الشديد بالحرية للسوريين في مواجهة القمع والديكتاتورية.

لقد ترك بشير هلال خلفه تراثاً سياسياً وأدبياً وحقوقياً هاماً عكس فيه وجهة نظره حيال العديد من القضايا الدولية والعربية واللبنانية والتي كانت بأكملها تفسر فهمه العميق للقيم الاخلاقية والسياسية والإنسانية التي رأى أهمية أن تسقط كل القيود والحواجز المصطنعة التي تقف في طريقها. لقد كان  الراحل عاشقاً كبيراً للحرية والإنسانية.

كان أنيق الطلة والمظهر. إمتاز بدماثة الأخلاق وإحترام الرأي الآخر وحظي بتقدير كل من عرفه. عيناه الزرقاون عكستا نظرته الثاقبة للأمور، وسلوكياته الإجتماعية بينّت رقيّه وترفّعه عن الصغائر.

سأفتقدك يا بشير كثيراً.