اوباما ونتنياهو وخطورة الملف النووي “الاسرائيلي”

د. ناصر زيدان

يؤكد الرئيس الاميركي باراك اوباما، ان اعتراضه على خطاب رئيس الوزراء “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو امام الكونغرس في 3/3/2015، ليس عداء “لإسرائيل” او تراجُعاً عن مساندتها الدائمة، ولكن الموقف ناتج عن تقليد اميركي قديم، يقضي بعدم استقبال اي مسؤول اجنبي في الايام التي تسبق الانتخابات، كي لا يُعتبر الامر تدخُلاً في الشؤون الداخلية، او مًساندةً لطرفٍ ضد طرفٍ آخر.

هذا في التفسير الرسمي، او الدبلوماسي، إلاَّ ان واقع الحال هذه المرة يبدو شيئاً آخر. فأوباما مُمتعضٌ من دعوة رئيس الاغلبية الجمهورية ورئيس الكونغرس جون بايتر لنتنياهو لإلقاء الخطاب من دون التنسيق مع البيت الابيض، لا سيما في هذا التوقيت بالذات، حيث التجاذبات كبيرة بين الاغلبية الجمهورية للبرلمان وبين الرئيس الديمقراطي، خصوصا حول المفاوضات التي تجري بين الادارة الاميركية وايران فيما يتعلَّق بالملف النووي، وقضايا أُخرى. ويعتبر اوباما ان زيارة ناتانياهو تخدم اخصامه، بصرف النظر عن ارتداداتها على الانتخابات التشريعية “الاسرائيلية” في 17 آذار/ مارس 2015.

الخلاف الحاصل لا يثير اي شكوك حول الدعم الثابت الذي تُقدمه الادارة الاميركية للعدوانية “الاسرائيلية” وقد يكون الامر على الوتيرة الثابتة، سواء مع ادارة يسيطر عليها الديمقراطيون- كما هو عليه الحال اليوم- ام مع ادارة جمهورية. والتجربة ذاتها اثبتت ان سياسة الولايات المُتحدة في الشرق الاوسط تتقرر وفقاً للآجندة “الاسرائيلية” لاسيما بعد الانكفاءة الغريبة لإدارة اوباما عن المنطقة، والتي ساعدت على خلق الاضطراب والفوضى، واجهضت كل الأمال التي عُلِقت على خطاب اوباما في القاهرة عام 2009، والذي كان غنياً بالوعود التي لم يتحقق منها ايُ شيء.

Obama-Netanyahu

على اي حال، وبصرف النظر عن الصراع القائم بين اوباما وجون بايتر، او بين نتنياهو وتسيبي ليفني، ومهما كانت نتائج المُنازلة بين التوازنات الاميركية، او بين اجنحة التطرُّف والارهاب ” الاسرائيلية” المُتنوعة، فإن بعض الخدوش اصابت ميدان التسابق بين افرقاء الازمة، ومن نتائج هذا الكِباش القائم، توضيح صورة النوايا الخفية عند الادارة الاميركية، وفي اقبية العدوانية “الاسرائيلية” لا سيما في المجال النووي.

قد يكون من ابرز نتائج الكباش الذي سببته زيارة نتنياهو الى واشنطن، القرار الذي اتخذه الرئيس اوباما في إماطة اللثام عن تقرير سري اعدته المخابرات الاميركية في العام 1987، وهو يتحدث بالتفصيل عن البرنامج النووي “الاسرائيلي” ويقع في 386 صفحة.

ربما تكون اهداف اوباما من وراء تسريب التقرير الى الاعلام، الالتفاف على المعارضة التي تُستهدف محادثاته مع طهران حول برنامجها النووي، ومن الاهداف ايضاً مُحاصرة نتائج زيارة نتنياهو الاستفزازية. ولكن هذا الهدف او ذاك لا يُقلِّل من شأن وخطورة المعلومات التي كشفها التقرير.

الاشعاعات المُتفلِّته من جراء المناوشات بين اوباما ونتنياهو، اكدت خطورة النوايا العدوانية “الاسرائيلية” واثبتت رسمياً المعلومات التي كانت مُتداولة حول مخاطر البرنامج النووي” الاسرائيلي” كما انها فضحت الانتهاكات التي ارتكبتها الادارة الاميركية في دعمها للبرنامج العدواني “الاسرائيلي” رغم ان القوانين الفيدرالية الاميركية، والمُعاهدات الدولية التي وقَّعت عليها واشنطن، تمنع تقديم اي مساعدة تؤدي الى انتشار الاسلحة النووية، لاسيما في المناطق التي تشهد توترات امنية وسياسية مثل الشرق الاوسط.

التقرير يُشير الى المرتبة المُتقدِّمة للبرنامج النووي “الاسرائيلي” ويعترف بالتشابُه بين هذا البرنامج والمشروع النووي الاميركي، رُغم اختلاف الجغرافيا، وتمايُز الامكانات بين كُلٍ من الفريقين. ويعترف التقرير ان خطة الرئيس دوايت ايزنهاور التي اطلقها عام 1955 للإستفادة من الطاقة النووية لأغراض سلمية تمَّ استغلالها، ومُفاعل “ناحال سوريك” الذي اقامته الولايات المُتحدة جنوب تل ابيب عام 1960، أستخدم لأهداف عسكرية، كما ان المُساعدات التي تُقدمها واشنطن للبرنامج النووي “الاسرائيلي” استمرَّت بعد هذا التاريخ.

واهمية المعلومات التي كشفها التقرير انها تؤكد التسريبات الاعلامية التي سبقته، والتي تتناول تقدُّم البرنامج النووي “الاسرائيلي” وحجم مخاطره، والنوايا العدوانية لقادة الكيان الصهيوني عبر السنوات الماضية، ولعلَّ من ابرز هذه المعلومات، تأكيد الاخبار التي تداولتها وسائل الاعلام عام 1973، في ان رئيسة الوزراء “الاسرائيلية” غولدا مائير هددت بضرب مصر وسوريا بالقنابل النووية اذا لم يتوقف زحف الجيشين المصري والسوري نحو الاراضي الفلسطينية المُحتلة.

اما حجم البرنامج النووي “الاسرائيلي” فهو يفوق كل التوقعات، والتقديرات تُشير الى امتلاك “اسرائيل” اكثر من 200 قنبلة نووية بقوة 20 كيلوطن، وعشرات القنابل الهيدروجينية، ولديها وسائل اطلاق هذه القنابل كما عند الدول الكبرى، اي بواسطة الطائرات، ومن البحر بواسطة الغواصات الالمانية المتطورة” دلفين” وعبر الصواريخ الارضية التي يتجاوز مداها الـ5000 كلم. “اسرائيل” خطرٌ داهم، واميركا تقف الى جانب المُعتدي.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان

قبل أن يسقط الهيكل

عن الصراعات المُخيفة بين سواحل البحر الاسود وشواطىء البحر المتوسط الشرقية

تحوُّل كبير في السياسة الصينية نحو الشرق الاوسط

مصاعب سياسية وإقتصادية تواجه روسيا

مؤشرات على إندفاعة جديدة لجامعة الدول العربية

كلفة اقتصادية خيالية لإسقاط “السوخوي” الروسية من قبل المقاتلات التركية

تحديات التنمية العربية لما بعد العام 2015

هل تُهدِّد الاضطرابات الأمنية التغلغُل الصيني الواسع في أفريقيا؟

الحكومة الأفغانية عالقة بين طالبان وداعش والافيون والسياسة الاميركية

التواطؤ الأميركي وإنتفاضة القُدس الثالثة

تغييرات كبيرة في نسق العلاقات الدولية على وقع المآسي الانسانية

عن مخاطر الحسابات الروسية الجديدة في سوريا!

عودة هادي إلى عدن وتقلُّص الإنفلاش الإيراني

تحولات كبيرة في الموقف الروسي تجاه الأزمة السورية

معالم تراجع في أخلاقيات النظام الدولي!

هل يلاحق القضاء البريطاني نتنياهو اثناء زيارته الى لندن؟

عن المسؤولية الجنائية لقادة العدو الإسرائيلي في إحراق الطفل دواشنة

ايران: مصلحة الدولة ومصلحة النظام

عن تآمر “إسرائيل” والنظام السوري على العرب الدروز!

سِباق بين عصا البشير والمحكمة الدولية من جنوب افريقيا الى السودان