سوريا…أين أصبحت مبادرة تجميد القتال في بعض المناطق؟

بعيدا عن التصريحات وتضارب المواقف لا يزال الإعلان عن التزام الولايات المتحدة الأميركية بتدريب المعارضة السورية المعتدلة مجرد إعلان نطري يعيق تطبيقه على أرض الواقع جملة أسباب تصب في خانة تخاذل المجتمع الدولي عن تقديم الدعم الجدي والفعلي لإنقاذ سوريا وشعبها من المآساة المتمادية التي بدورها تنتظر مبادرة تجميد القتال في بعض المناطق السورية للتخفيف من هول وقع  تلك المآساة .

 إلا أنه وبحسب اوساط متابعة لا تزال هذه المبادرة عالقة على خط المباحثات التي يجريها المبعوث الأممي دي ميستورا من دون أن يرشح اي تقدم في هذه المباحثات التي لا تزال تحتاج إلى جهود إضافية  لإحراز أي تقدم جدي، خصوصا أن هناك الكثير من المعطيات المرتبطة بهذه المبادرة تدل على أن فرص نجاحها لا تزال ضئيلة وذلك استنادا إلى واقع الأحداث الميدانية التي لا توحي عملياتها سوى على أنها مستمرة بكل قساوتها في جميع المناطق السورية حتى اشعار آخر.

وفي هذا الإطار،أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة خالد الخوجة أن موقف الائتلاف تجاه مبادرة دي ميستورا يتلخص بإصراره على أن يشمل تجميد القتال مناطق سورية عدة بالإضافة إلى مدينة حلب. وعلى هامش اجتماع ممثلي مدينة حلب من سياسيين وعسكريين وقوى ثورية في مدينة كلس التركية، قال الخوجة في تصريح إنه أبلغ دي مستورا في لقائه الأخير مع رئاسة وأعضاء الائتلاف أن تجميد القتال يجب أن يشمل مناطق أخرى بالإضافة الى حلب كغوطة دمشق مثلاً التي تعاني من الحصار منذ أكثر من سنتين بالإضافة إلى القصف الذي لم يتوقف حتى أثناء وجود دي ميستورا في دمشق.

ولفت إلى أن المبادرة الحالية تشمل فقط أجزاء من مدينة حلب كحيي صلاح الدين وجزء من حي سيف الدولة وليس جميع مناطق حلب، وتابع “يبدو أن دي مستورا يريد أن يبدأ بتطبيق مبادرته من المناطق الساخنة بين الجيش الحر وقوات النظام”.كما أكد الخوجة أن مبادرة المبعوث الأممي وخطة تجميد القتال في حلب تختلف عن مطالب الائتلاف في توفير منطقة آمنة لحماية المدنيين في شمال سوريا. وأشار إلى أن النظام سيسقط في اختبار تجميد القتال كما سقط في الاختبارات السابقة، ولا سيما في الهدنات التي عقدها مع الثوار بدمشق وحمص.

من جهته أكد عضو الائتلاف سمير نشار أن جميع القوى العسكرية والسياسية يريدون وقف القتل الهمجي بحق الشعب السوري من قبل النظام السوري، ولفت إلى أن مطالب القوى السياسية والعسكرية في حلب بتوسيع مبادرة دي ميستورا لتشمل مناطق سورية عدة بالإضافة لمدينة حلب إنما تعكس موقفاً وطنياً يعبر عن وحدة القوى السياسية والعسكرية حول الحل السياسي في سوريا.وأشار إلى أن النظام لم يلتزم يوماً بأية مبادرة لإنهاء معاناة السوريين، وتابع “لو كان لديه نية للحل لتوقف عن قصف المدنيين والمناطق السورية ولاسيما مدينة حلب التي استخدم البراميل المتفجرة بكثافة في قصفها”. وأضاف أن المنظمات المتطرفة غير موجودة في مدينة حلب كما يدعي النظام ومع ذلك حلب تدمر وسط سكوت المجتمع الدولي. وقال نشار إن “ثوار حلب يتعاملون بإيجابية مع كل المبادرات، لكن على المجتمع الدولي اختبار مصداقية بشار الأسد لأن الشعب السوري اختبر النظام ولديه قناعة أن الذي ارتكب كل هذه الجرائم لا يمكن أن يكون صادقاً في أي حل سياسي لأنه لا يملك غير لغة الحرب”.

إلى ذلك، اختتم ممثلو مدينة حلب من عسكريين وسياسيين السبت اليوم الأول من اجتماعهم الخاص بدراسة مبادرة دي مستورا والرد عليها بتشكيل لجنة مختصة في التعامل سياسياً وإعلامياً مع المبادرة. وتتكون اللجنة من 7 أعضاء بينهم مختصون وخبراء في القانون الدولي والسياسة الدولية، وستتابع هذه اللجنة الأحد اجتماعاتها لتعلن في ختامها رؤيتها السياسية والموقف النهائي من مبادرة دي ميستورا.

كذلك تم تشكيل لجنة استشارية من 15 عضواً وذلك لتقديم الدعم الفني والسياسي والقانوني للجنة المفوضة بمتابعة مبادرة دي ميستورا.كما تم تشكيل لجنة للتشاور والتواصل مع القوى والمؤسسات الثورية في حلب من أجل صياغة مسودة نظام داخلي تمهيداً لتشكيل هيئة قوى الثورة في حلب التي ستكون بمثابة المظلة السياسية والعسكرية لجميع القوى في كامل محافظة حلب.

من جهة أخرى، إلى ذلك،أعلنت وزارة الدفاع الاميركية، الجمعة، ان “تدريب مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة سيبدأ في غضون اربعة الى ستة أسابيع”.وقال المتحدث باسم البنتاغون، الاميرال جون كيربي، انه “بحسب تقديراتنا يفترض ان نكون جاهزين لبدء التدريب فعليا في غضون اربعة الى ستة اسابيع”.وبعد اشهر من النقاشات الشاقة، وقعت واشنطن وانقرة، في 19 شباط، اتفاقا لتدريب عناصر سورية معارضة معتدلة في قاعدة تركية وتزويدها معدات عسكرية.

وكانت الخارجية التركية اعلنت الجمعة ان “برنامج تدريب وتجهيز المعارضين المعتدلين للنظام السوري سينطلق الاحد في الاول من آذار”.ولكن الاميرال كيربي اوضح ان “عملية غربلة العناصر الذين سينخرطون في برنامج التدريب لم تكتمل بعد اذ لم يجتز مرحلة التصفية حتى الآن الا حوالى مئة عنصر في حين ان برنامج التدريب يستلزم مشاركة ما بين 200 و300 عنصر في كل دفعة”.

ولفت المتحدث باسم البنتاغون الى ان “عملية انتقاء هؤلاء العناصر تتم بعناية منعا لتسلل عناصر معادية الى برنامج التدريب.”وتركز الخلاف بين واشنطن وأنقرة حول هذا البرنامج على تحديد العدو الذي يتعين على هؤلاء المقاتلين السوريين التركيز على قتالهم، ففي حين تريد واشنطن تدريب هؤلاء المعارضين في اطار مكافحتها تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي، فان انقرة، التي تعتبر الرئيس السوري بشار الاسد عدوها اللدود، تريدهم ان يقاتلوا القوات النظامية السورية والجهاديين بنفس الحدة.

ومن المقرر ان ينتشر في تركيا والسعودية وقطر ما مجموعه الف جندي اميركي للمساعدة في تدريب مقاتلين من المعارضة السورية المعتدلة لارسالهم لاحقا الى سوريا لقتال تنظيم الدولة الاسلامية. ووصل الى المنطقة حتى الآن حوالى 100 مدرب اميركي للقيام بهذه المهمة.وتقوم الاستراتيجية الاميركية ضد جهاديي الدولة الاسلامية على هزيمة هذا التنظيم في العراق اولا. اما في سوريا فتقول واشنطن ان الامر يتطلب على الارجح سنوات عدة قبل ان يتمكن مقاتلو المعارضة المعتدلة من احراز تقدم ضد الجهاديين.

_______________

إعداد: هشام يحيى