هكذا دُمر متحف الموصل الأشوري!

ليال البيطار – الأنباء

تعرَف على البلد من حضارته، تاريخه وآثاره، مقولة تتعرض اليوم للاسقاط من خلال المجموعات الإرهابية التي ولدت قاعدة تقول تعرف على البلد من حقده وعنصريته وإجرامه. لم تكتف تلك المجموعات بالقضاء على البشر بل إمتدت يدها الغادرة إلى الحجر والتاريخ والآثار. كما لم تكتف بتخريب الحاضر بل أرادت أن يكون للماضٍ حصة، فنبشت قبور الماضي ودخلت المعالم التاريخية والأثرية في عدة بلدان عربية، وقامت بتدميرها، وأبرزها المتحف الاشوري في الموصل، حيث لم يجرؤ العدو والمحتل على العبث بها.

ففي العام 2003 أغلق المتحف الاشوري بعد الغزو الاميركي نظرا للظروف التي مرت بها البلاد. ولم يتم فتحه إلا عام 2012 ليستقبل الزوار من مدارس وكليات مختلفة. فهذا المتحف هو ثاني أكبر المتاحف العراقية بعد المتحف في العاصمة بغداد. تأسس عام 1952، وفي العام 1972 تم بناء متحف جديد لكي يتسع لآثار محافظة نينوى.

Mosul4

من هم الاشوريون، ولماذا قام “داعش” بتدمير متاحفهم؟

الاشوريون هي مجموعة عرقية تسكن في شمال ما بين النهرين في العراق وسوريا وتركيا وباعداد أقل في إيران. ينتمي أفراد هذه المجموعة إلى كنائس مسيحية سريانية متعددة ككنيسة السريان الارثوذكس والكاثوليك والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق. هم يعتبرون من أقدم الشعوب التي إعتنقت المسيحية ابتداء من القرن الأول الميلادي.

من أين أتت تسمية أشوريون؟

إن أصل الكلمة يعود إلى تسمية الإله أشور الذي كان يعبد في المدينة.

ماذا يتضمن المتحف الاشوري الذي قام “داعش” بهدم محتوياته؟

Mosul6

 إن متحف الموصل يتألف من ثلاث قاعات، الآشورية والحضرية، والإسلامية، ويتضمن تماثيل ضخمة من بينها تماثيل لألهة تعود إلى حضارات بلاد الرافدين، تشمل قطعًا أصلية، وأخرى أعيد بناؤها من قطع صغيرة، إضافة إلى نسخ عن قطع أصلية موجودة في متاحف أخرى. كما أن هناك تمثال للثور المجنح يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد، فهو تمثال ضخم يبلغ طوله 4.42 مترا، ويزن أكثر من 30 طنا بجسم ثور وجناحي نسر ورأس انسان.

وقد بث تنظيم “داعش” فيديو يظهر فيه عناصر ملتحية تقوم بهدم التماثيل والمنحوتات من العصر الاشوري بإستخدام مطارق وأدوات حفر. التماثيل متفاوتة الأحجام بعضها وضع على قاعدة وأخرى معلقة على الجدران، فقاموا بانزالها وهدمها بالمطارق كما إستخدموا أدوات الحفر الكهربائية لتدمير التمثال الأهم وهو الثور المجنح.

Mosul7

وقال أحد عناصر داعش “إن هذه الآثار التي ورائي إنما هي أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تعبد من دون الله عز وجل، إنما ما يسمى بالآشوريين والكلدانيين وغيرهم كانوا يتخذون آلهة للمطر وآلهة للزرع وآلهة للحرب، يشركون بالله عز وجل ويتقربون إليها بشتى أنواع القرابين”.

وما لم يعرف حتى اللحظة ما هو مصير آثار القاعة الإسلامية. وهذه ليست المرة الأولى التي يعبث الإرهاب بالتاريخ والحضارة فلداعش وغيرها من التنظيمات تاريخ حافل.

فمنذ دخول “داعش” العراق ومدينة الموصل قام بتفجير بعض الأجزاء من “سور نينوى” التاريخي الذي يعود للحضارة الآشورية بعد أن فخخه منذ أكثر من شهر. ويعتبر “سور نينوى” من الآثار المميزة في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة، وشاهدا على عظمة الحضارة الآشورية وقوتها منذ آلاف السنين، كما دمروا مكتبة قديمة واحرقوا محتوياتها.

Mosul9

ولحركة “طالبان” الأفغانية حصة في افغانستان عام 2001 حيث قامت بتدمير تمثالين عملاقين لبوذا في منطقة باميان، الأمر الذي دفع “اليونيسكو” لطلب عقد إجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي ردا على تدمير آثار الموصل ودفن الحضارة.

الأكيد أن الخسارة التراثية لا تقدر بأثمان نقدية وما حصل في الموصل قد لا يكون نهاية المطاف!