أي أبعاد لهجوم الجيش اللبناني في جرود “رأس بعلبك”؟

فيما يخوض الجيش اللبناني أشرس المعارك في جرود “رأس بعلبك”، لا تزال حالة المراوحة والانتظار مستمرة من دون أي أفاق تدل على أن حل أزمة تعطيل جلسة مجلس الوزراء قد باتت وشيكة، خصوصا أن المعلومات المتداولة في كواليس الأروقة السياسية لا تدل أبدا على ان مشاورات الساعات الأخيرة قد حملت أي جديد على خط هذه الأزمة التي على ما يبدو ستبقى بسبب المزايدات والمساجلات العبثية مستمرة حتى اشعار آخر وهذا أمر سينعكس بطبيعة الحال بسلبياته على شؤون البلاد والعباد.

إلى ذلك، تمكن الجيش اللبناني وعبر عملية خاطفة الخميس، شارك فيها الفوج الرابع بمؤازرة الفوج المجوقل من السيطرة على تلة «جراش» الاستراتيجية في جرود رأس بعلبك، مستحدثا مركزين جديدين في صدر «الجراش» وحرف «الجراش» الموازيين لتلة الحمرا على الحدود اللبنانية السورية شرق شمال رأس بعلبك واقام الجيش تحصينات وسواتر ترابية، وقام بتفكيك 22 عبوة ناسفة كانت مهيأة ومعدة للتفجير وصادر كماً من الاسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخائر وعتادا عسكريا، فيما قام المسلحون بسحب قتلاهم وجرحاهم الى العمق السوري والى المستشفيات الميدانية في مار طيبا في القلمون ووادي حميد في جرود عرسال.وفرض الجيش اللبناني سيطرته على خطوط امداد وتحركات المسلحين من جديد في المنطقة وعمق القلمون واطرافه.

وسقط للجيش اللبناني 5 جرحى بينهم ضابط نقل الى بيروت لاصابته البليغة. اما العسكريون فنقلوا الى مستشفى الهرمل الحكومي واصاباتهم طفيفة فيما شهدت فترة بعد الظهر مناوشات استهدف الجيش المراكز الجديدة للمسلحين على تلتي «النجاصة» والخيرمية» على السلسلة الشرقية، علما ان تلة «الجراش» كان قد انطلق منها المسلحون في صمودهم الاخير على الجيش اللبناني اثناء تقدمهم باتجاه تلة الحمرا، واحتلالها لبعض الوقت قبل ان يستردها الجيش

وبحسب أوساط متابعة وعد أن رصد تحركات مريبة للمسلحين على محور جرود رأس بعلبك، شن الجيش فجر الخميس عملية عسكرية سيطر خلالها على تلال استراتيجية ابرزها مرتفعا صدر الجرش وحرف الجرش تسمح له بمراقبة تحركات المسلحين واستكمل خطة الدفاع من جبل الصليب في القاع الى تلة ام خالد في جرد بعلبك، بعد معارك عنيفة قصف خلالها الجيش محاور تلتي الحمرا وام خالد وجرود عرسال بالاسلحة الثقيلة واستخدم الطيران المروحي والاستطلاعي.

واعلنت قيادة الجيش “ان وحداتها نفذت العملية العسكرية في اطار تأمين الحيطة الامنية للقرى والبلدات المتاخمة للحدود الشرقية، منعا لتسلل الجماعات الارهابية والاعتداء على المواطنين”وبحسب الأوساط عينها ما زالت المعارك على أشدّها بين الجيش اللبناني والمسلحين في جرود رأس بعلبك وأصوات القصف المدفعي والصاروخي وسلاح الطيران تُسمع في محيط المنطقة. وتمكّن الجيش من السيطرة بشكل كامل على تلة جراش ومحيطها في جرود رأس بعلبك، على السلسلة الشرقية، وصادر كميات من الاسلحة والذخائر كانت بحوذة المسلحين.

وقد عمل الجيش على تفكيك 12 عبوة ناسفة عثر عليها في تلال جراش بعدما استحدث موقعين عسكريين معززا انتشار فوج المجوقل في جرود المنطقة. وأشارت الوكالة الوطنية للإعلام إلى أنّ الجيش تمكن تحت غطاء ناري ومدفعي كثيف بمشاركة سلاحي الطيران المروحي والاستطلاعي، من صد هجوم للمسلحين على مواقعه في تلة الحمرا، والتقدم باتجاه مراكز عسكرية ونقاط جديدة في تلال جراش الاستراتيجية التي كان يحتلها المسلحون في رأس بعلبك.

كما استقدم الجيش الى مواقعه الجديدة مزيدا من التعزيزات العسكرية لفوج المجوقل، بعد ان كان صد 3 محاولات تسلل على مواقعه في تلال الحمرا وأم خالد في جرود راس بعلبك الموازيتين لعرسال. وأشارت مصادر عسكرية الى ان ما قامت به وحدات الجيش في جرود راس بعلبك امس هو عملية استباقية لاي محاولة قد تقوم بها المجموعات الارهابية المسلحة للهجوم على مراكز الجيش.

واوضحت المصادر ان العملية جاءت بعد حصول الجيش على معلومات عبر اطر مختلفة تفيد بأن هناك تحضيرات يعدها المسلحون للهجوم على بعض مراكز الجيش وربما التقدم نحو مناطق اخرى هناك، والدليل على هذه التحضيرات ما ضبطه الجيش في تلال جراش والمخيرمية من احزمة ناسفة ومتفجرات وغير ذلك من اسلحة.ولاحظت المصادر ان العملية التي قام بها الجيش نجحت في تحقيق اهدافها وهي:

1- اقفال كل ابواب التسلل التي كان يستخدمها المسلحون هناك.

2- حماية مراكز الجيش في جرود راس بعلبك بحيث اصبحت المنطقة المقابلة مكشوفة امام الوحدات العسكرية.

وفي هذا السياق، وجَّه قائد الجيش العماد جان قهوجي “تحية لكل العسكريين المنتشرين على طول الحدود”، وخصَّ بالذكر “الوحدات العسكرية التي حققت انجازًا نوعيًّا كبيرًا، في جرود رأس بعلبك”. وقال في حديث صحفي “إن جيشنا هو جيش الشرف والتضحية والفداء، وهذه العملية (في جرود رأس بعلبك) تشكل انجازًا جديدًا يضاف إلى سجل العسكريين البواسل، فقد أثبت جيشنا أنه قادر على تحقيق انتصارات وخوض معارك قلما تمكنت أقوى جيوش العالم من القيام بها، وها هو، بالمتوفر له من سلاح وبلحمه الحي، يخوض أشرس معركة ضد الإرهاب”. وشدَّد قهوجي على “جهوزية الجيش في مواجهة الاحتمالات كافة”.

وأضاف: “لن نترك الإرهاب التكفيري يهزمنا، ومعركتنا مفتوحة معه، ولبنان لن يسقط ما دام الجيش يتقدم بخطى واثقة ويقف بحزم للدفاع عنها ويقدم التضحيات تلو التضحيات”.وأكد ان “لبنان يواجه الإرهاب والتكفير، والجيش هو الضامن لاستقرار البلد ورد الخطر عنه، وكما سبق وقلت لكل الناس إن لبنان لن يكون بيئة للإرهاب، والجيش لن يبقى الجيش الرادع فقط، بل السيف القاطع”.

على الصعيد الحكومي، شهدت السراي حركة وزارية نيابية تمحورت حول البحث في كيفية الوصول الى قواسم مشتركة ازاء آلية العمل فالرئيس تمام سلام يتمسك بموقفه القاضي بأن التوافق المنصوص عنه في المادة 65 من الدستور لا يعني الاجماع وحق الفيتو الذي يتسلح به فريق من الوزراء، ويجد ان الطريقة المثلى لادارة السلطة الاجرائية تكمن في القراءة الواقعية للنص الدستوري وعدم اعتبار التوافق اجماعا، في حين يمضي فريق من الوزراء في قرار السير بالآلية الحالية ما دام رأس الدولة غير موجود.

وزار السراي في اطار التشاور في الوضع الحكومي نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل ووضع سلام في اجواء اجتماع اللقاء التشاوري في منزل الرئيس امين الجميل.

كما التقى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الذي اعلن الموافقة على طرح سلام “لاننا ضد مبدأ التعطيل واعتقد انه في جو افكار جديدة للتعاطي داخل الحكومة ومع اي جلسة لمجلس الوزراء تعقد مستقبلا”. وقال: ما يفكر به الرئيس سلام هو المناسب ونحن نؤيده لان من غير الممكن ان تستمر الحكومة وفق النمط الذي اتبعته سابقا، وما قبل القطيعة ليس كما بعدها. من جهته تحدث النائب اغوب بقرادونيان بعد زيارة السراي عن بوادر خير في الاتجاه الحكومي مع الحفاظ على اهمية التوافق في مجلس الوزراء.

رئاسيا، ومع دخول الشغور شهره العاشر تبدو ظروف انجاز الاستحقاق غير ناضجة نسبة للظروف الداخلية والخارجية المحيطة به واستمرار استخدام بعض الاطراف هذه الورقة في مدار الكباش والتجاذب والضغط في المفاوضات الدولية. وفي وقت دعت اوساط دبلوماسية اللبنانيين الى تجاوز الارتباطات الخارجية والتحرك سريعا في اتجاه التوافق على رئيس من خارج نادي القادة المرشحين بعدما تعذر حصولهم على التوافق السياسي، استغربت مصادر نيابية في قوى 14 اذار منطق 8 اذار، باعتبار انه انجز المهمة المنوطة به وسمى مرشحه الرئاسي العماد عون في حين ما زال فريق 14 اذار مربكا ولم يحدد مرشحه.

وقالت لـ”المركزية” ان فريقنا سمى الدكتور سمير جعجع مرشحا منذ اعلان ترشحه في حين لم يعلن “حزب الله” تبني ترشح عون حتى الامس القريب ودعت الحزب عوض المبارزات الكلامية وتوجيه التهم الى التخلي عن سلاح مقاطعة جلسات الانتخاب وارسال نوابه الى المجلس لممارسة العملية الانتخابية ديموقراطيا وفق النصوص الدستورية.

______________

(*) – إعداد: هشام يحيى