جنبلاط: الخلافات البيزنطية تعرقل انتخاب رئيس لبنان… لم يعد في سوريا إلا اللون الإيراني

 انتقد رئيس «اللقاء الديمقراطي» اللبناني النائب وليد جنبلاط «الخلافات البيزنطية» التي تمنع انتخاب رئيس للبنان حتى اليوم، مستبعدا أن يتمكن الأقطاب المسيحيون من الوصول إلى اتفاق. ولكنه في الوقت نفسه يصر على «مرشح» تسوية يكون من خارج دائرة الأقطاب الأربعة، أي رئيس تكتل التغيير العماد ميشال عون ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل والنائب سليمان فرنجية. وأن لا ظروف إقليمية تسمح بالوصول إلى تسوية في ظل تمسك إيران بترشيح العماد عون.

وانتقد جنبلاط أيضا في حواره مع «الشرق الأوسط» التهويل بهجوم «داعش» و«النصرة» على لبنان، بينما رأى أنه لولا دعم إيران للنظام السوري، لما بقي هذا النظام، معتبرا أن سوريا لم يعد فيها لون عربي، بل لون إيراني. وفيما يلي نص الحوار:

* ما صحة الشائعات عن أنك ستستقيل وتسلم ابنك تيمور؟

– لن أتحدث عن هذا الموضوع في الوقت الحاضر، كل شيء يُبحث في الوقت المناسب.

* كيف ترى الوضع اللبناني؟

– الخلافات البيزنطية الداخلية تجعلنا عاجزين عن انتخاب رئيس. لكن في نفس الوقت لا ننسى أن هناك صراعا أساسيا، فحزب الله وقوى سياسية كبيرة لن يتخلى عن ترشيحه للعماد عون، وصعب على الأقطاب المسيحيين أن يتفقوا على مرشح تسوية، ونحن في دوامة. وعندما نقول الأقطاب، يعني العماد عون ولا أنكر على أحدهم حيثية تمثيلية معينة، لا على عون ولا على جعجع ولا على فرنجية ولا على أمين الجميل. بعضهم جُرّب أو أحدهم كان رئيسا، وأنا لست هنا لأقيم تجربة رئاسته، ولكن هذا الخلاف يجعلنا في مأزق، وفي الوقت الحاضر لا يبدو أن هناك انتخابا قريبا للرئيس.

* أين تكمن المشكلة في عدم انتخاب الرئيس، هل هي محلية أم إقليمية؟

– هناك شيء محلي، وشيء إقليمي أيضا. الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر «حزب الله» لها حليف أساسي هو العماد ميشال عون وهذا ليس سرّا، ولا أرى ظروفا عربية – إيرانية تستطيع أن تأتي بتسوية كما حدث عندما انتخبنا الرئيس ميشال سليمان وكانت آنذاك قطر العراب الذي توسط مع الإيرانيين ومع السوريين وقوى أخرى، وكانت تسوية انتخاب الرئيس سليمان.

* ما العامل الأقوى المحلي أم الإقليمي؟

كلاهما يلعب دورا، وإذا وافقت الأقطاب الأربعة على تسوية، تحل محليا، بمعنى أن يتم ترشيح أحد بتسوية، ولكن كما أراهم من بعيد لن يوافقوا، وإذا كان هناك تقارب ما في مكان ما عربي – إيراني وبصراحة أكثر سعودي – إيراني قد ينتج هذا الأمر في لبنان تسوية.

* حتى ذلك الحين هل تسير الأمور بالتي هي أحسن؟

– نعم، حتى ذلك الحين تسير الأمور بالتي هي أحسن، لكن علينا أن نعطي الرئيس سلام حقه، لقد قام بعمل سياسي بارع بإدارة سياسية بارعة في أصعب الظروف وتحت الضربات الأمنية وغير الأمنية، ولا بد من تسهيل مهمة الرئيس سلام.

* ما الذي تراه صائبا في مسألة التصويت في مجلس الوزراء؟

– ليس من اختصاصي الفقه الدستوري، لكن سمعت رأيا يقول إنه إذا ما دخلنا في التصويت، طعنا في صلاحيات الرئيس هكذا يُقال. نستطيع إيجاد فتوى للحفاظ على الطائف وهذا أهم شيء، إلى أن يٌنتخب رئيس وتسهل أمور هذه الحكومة برئاسة سلام. هناك رأي يقول إن خلق آلية جديدة لمجلس الوزراء يطعن في جوهر رئاسة الجمهورية، يعني قد يكون لبنان في حالة إعلان دستوري ونحن بالغنى عن إعلان دستوري على الطريقة الحوثية.

* على الصعيد الداخلي هناك الآن حوارات على الضفتين الإسلامية والمسيحية ما رأيك في هذه الحوارات الدائرة اليوم؟

– لست على اطلاع على الحوار المسيحي – المسيحي، لكن بالطبع هذا أمر مفيد وأنا من الدعاة الأوائل للحوار. والحوار الإسلامي أيضا مفيد جدا وقد فهمت أنهم سيناقشون أمورا غير خلافية حادة، وتنقية العلاقات الإسلامية الإسلامية، وإزالة الصور، بخطاب هادئ. وكلٌ في خطاباته، السيد حسن نصر الله والرئيس الحريري، سجل نقاطا معينة، لكن الأهم أن نستطيع أن نخفف من ربط المسارات.

* وماذا عن الوضع الأمني؟

– لست من الذين يشاركون الرأي القائل بأن «داعش» و«النصرة» ستهاجمان لبنان. لا أعلم لماذا خرج فجأة هذا الإعلان أو هذا الشعار ولكن لست من الذين يعتقدون بذلك. علينا أن نقوم بالحفاظ على حدودنا وندافع عنها، لكن لا أرى في الوقت الحاضر هذا الخطر المحدق.

* رغم الهجمات التي حصلت، والتفجيرات؟!

– لكن يروج في بعض الصحف أن هجوما شاملا ستقوم به «داعش» على لبنان، أنا لا أرى أن «داعش» اليوم بإمكانه أن يقوم بهجوم شامل، وهناك جبهات متعددة مفتوحة في مواجهة «داعش»، إلا إذا كانت بالفعل تلك القوى التي القوة الهائلة التي تتحدى الطيران والجيوش و60 دولة، عندها لكل حادث حديث، عندها نكون أمام ظاهرة عجيبة، ظاهرة كونية.

الأجهزة الأمنية منذ سنتين تنسق فيما بينها من أجل مواجهة ما يسمى الإرهاب. نعم كانت هناك أعمال تخريبية وسيارات مفخخة في الضاحية وجانب السفارة الإيرانية وطبعا هذه أعمال إرهابية، لكن لن أعتبر وأسمي «جبهة النصرة» إرهابية طالما أن فيها شخصا سوريا فهي ليست إرهابية ويجب أن نخلص من هذا الجدل.

* إلى أي مدى يقدر لبنان على تحمل تبعات هذا المحور؟

– كانت الحكمة في الحوار لمقاربة تيار «المستقبل» وسعد الحريري، إنهم سيتركون جانبا المواضيع الخلافية، فالتدخل في سوريا لا أحد يتكلم فيه، تدخل «حزب الله» في سوريا والعكس، وموضوع المحكمة سائر. يجب معالجة المواضيع الخلافية على الأرض ومنها موضوع سرايا المقاومة، وهذا أمر مهم، ونحن نقدر للمقاومة جهوزيتها للدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل، لكن سرايا المقاومة هنا أو هناك، كما في البقاع الغربي وإقليم الخروب وغيرها، لا أجد ضرورة لها.

* ما رأيك في عودة الحريري وهل يمكن أن تثمر حلحلة داخلية ما في مسألة الانتخابات؟

– طبعا، الحوار بين حزب الله والمستقبل مفيد جدا، قد ينتج كما سبق وذكرت، محليا إمكانية الوصول إلى رئيس تسوية. أشدد وأكرر أنني من دعاة رئيس تسوية لأن مرشحنا هو رئيس تسوية، أما إذا اختاروا رئيسا لا يكون من الخانة التي سميتها تسوية، فهذا شأنهم ولن يكون اللقاء الديمقراطي المؤلف من 11 نائبا عقبة أمام توافق ما. 11 صوتا لا تقدم ولا تؤخر بالمعادلة.

* ما مواصفات رئيس التسوية؟ هل لا بد أن يكون من غير الأقطاب؟

– هذا هو رأيي نعم، وأشدد على أنني لا أشكك في تمثيل الأقطاب وكل وفق حجمه.

* وهل تشجع الحريري على العودة وترؤس حكومة؟

– طبعا، هذا شأن الحريري الذي يملك حيثية وطنية معروفة، لكن يأتي هذا الأمر بعد انتخاب رئيس، فلا نستطيع أن نغير الوزارة من دون رئيس، آخذين بعين الاعتبار العمل الجبار بالظروف القاهرة التي قام بها تمام سلام.

* تجربتك الوسطية في كل الفترة الماضية، كيف تقيمها؟

– حاولت، وبقيت وحدي، صحيح أنه كان معنا ميشال سليمان وميقاتي لكن ميقاتي يلقي محاضرات بين هارفرد وأكسفورد، فيبدو أن الوسطية تمشي هناك. الرئيس سليمان أنشأ تكتلا جديدا. لا أدري إن كان بالإمكان تسميته «تكتل وسطي» أو «غير وسطي» وأنا باق وحدي في الوسطية، لا بد من وسيط.

* بالشأن السوري، أنت تحدثت سابقا عن جبهة تمتد من بيروت إلى طهران كيف يؤثر هذا التداخل؟

– لولا دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للنظام السوري، لما بقي هذا النظام، الدعم المالي والبشري والعسكري، وهناك دعم روسيا لكن الدعم الإيراني هو الأساس. برأيي أن البعد العربي يضمحل في سوريا، لأن أساسية مركزية عربية خرجت، وإلى أن تعود لا بد من وقت، إلى أن تعود مصر لا بد من وقت طويل، وسوريا لم يعد فيها لون عربي، بل هناك لون إيراني في سوريا، ولولا إيران وروسيا لما بقي النظام، وأقول هذا كمراقب وأنا لست هنا لانتقد.

* هل التسوية لا تزال ممكنة في سوريا؟

– كان ممكنا الوصول إلى تسوية منذ أمد بعيد على الموضوع السوري، لكن اليوم حتى إيران وصلت إلى أفق مسدود إلا إذا كانت مثل الطريقة العراقية، أي بدلا من أن تتعاطى مع دولة موحدة نريد أن تتعاطى مع دولة مفككة.

ما بقي من سوريا اليوم؟ حتى لو استطاع أن يسيطر بشار الأسد على حلب، وهذه فرضية صعبة، بالنهاية هجر 10 ملايين مواطن من شعبه، خارج سوريا وداخل سوريا، ولن يعيدهم إلا على طريقته ربما بطوق أمني أو طوق عسكري وبتنقيتهم طائفيا. يرسم النظام عندها خارطة جديدة لسوريا ولن يسمح بعودة المهجرين إلا على طريقته بعد خطة عمرانية جديدة تطوق فيها الأكثرية. تركيبة الشام السابقة حتى اليوم مطوقة، حمص كانت مطوقة، وحلب إلى حد ما، وهذه الأكثرية السنية لن تعود كما كانت في سوريا، ولم يكن وضعها مريحا جدا من قبل. هل هذا لصالح إيران؟ لا أدري لكن يبدو ذلك.

ماذا حدث للطائفة العلوية، يبدو وكأن الدعم الهائل النظام جعل من هذه الطائفة أسيرة لهذا النظام إلى أن يقضى الأمر، لكن خسائر تلك الطائفة هائلة، وبالمقابل الائتلاف والمعارضة لم تتوجه بشكل إيجابي إلى العلويين كعلويين، فهم في مأزق لأن النظام يستخدمهم كدروع بشرية في كل مكان، وبنفس الوقت ليس لهم مفر. قيل لي بأن الميسورين منهم يغادرون كباقي الميسورين والمعتدلين من الطبقات المتوسطة من السوريين.

* هل تخشى على وحدة سوريا؟

– نعم أخشى على وحدة سوريا، لم تبق سوريا التي نعرفها شيء على أي حال، دمرها النظام بشكل كامل، مدن وقرى بأسرها دمرت، واليوم هناك تقرير في «الشرق الأوسط» أن عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها النظام حتى الآن أكثر من 5 آلاف برميل متفجر، عدا عن الصواريخ التي يجب أن تكون صواريخ باليستية تطال إسرائيل، إلا أن هذه الصواريخ تطلق من حي في دمشق إلى حي آخر. من جبل قاسيون على جوبر، أو على دوما إذا لم نقل إنها تطلق على حلب لأنها طويلة المدى.

* كيف ترى الخروج من النفق السوري؟

– لا أرى أي خروج من النفق السوري طالما أن الإيراني مصر على دعم النظام، وفي أي لحظة يتخلى فيها إيران وروسيا عن دعم النظام سوف تتغير المعادلة، لكن هناك حسابات داخل فيها النووي وغير النووي، وهي حسابات لا أستطيع أن أشخصها لكن أعلم أن الحدود السابقة سوف تتغير والكيان الجديد الظاهر بوضوح بالوقت الحاضر هو كيان كردي التابع لمسعود برزاني الذي كان عاقلا وجريئا وشجاعا، فعندما قاموا بعملية التعريب إن في سوريا أو العراق، ولا يمكن أن تعرّب الكردي، فهويته كردية، مسحوا تلك الهوية بالثقافة والنار والدبابات والطائرات، والآن له الحق في أن تكون له هوية.

* ماذا عن مصير بقية الأقليات في سوريا ألا يوجد خطر عليها؟

– هناك خطر كبير على مسيحيي الشرق بعد الأحداث التي حصلت ليس فقط من أعمال «داعش» لكن علينا أن نذكر أن قبل سقوط صدام كان هناك مليون مسيحي عراقي، وبعد سقوط صدام جرت اعتداءات كبيرة جدا أيام المالكي وحصلت تفجيرات على الكنائس والمعابد المسيحية، ثم أتت كارثة الموصل. مسلسل التهجير المسيحي في العراق مستمر، أما في سوريا، أرمن حلب الفقراء صامدون، والأغنياء أو الطبقة الوسطى هربت عبر تركيا إلى أرمينيا والأغنياء ذهبوا ربما إلى لوس أنجليس، والمسيحيون في مأزق بين نارين، نار النظام الذي يستخدمهم ونار الثوار.

* ماذا عن الدروز؟

الدروز أيضا في مأزق، لأنهم ساندوا النظام، ليس في غالبيتهم لكن فريقا كبيرا تكبد خسائر فادحة. دعوتهم أكثر من مرة وماذا أستطيع أن أفعل أكثر، وأعتقد أن هذه الدعوة ستلقى يوما ما صدى إيجابيا، لأنهم أيضا استخدموا كوقود لمدافع النظام. حاولت أن يكون للدروز موقع متقدم بالثورة لكن فشلت، وعلى الأقل أن يكون طلبي بالحياد كي لا يتم استخدامهم من قبل النظام، كما حصل في الصيف الماضي وتكبدوا خسائر فادحة في غزوة قاموا بها على «جبهة النصرة». وأجدد ندائي إلى العرب الدروز في سوريا بأن محيطهم هو المحيط العربي وبالتحديد العربي السني، وعليهم أن يتعايشوا مع هذا المحيط، هذا هو قدرهم وتاريخهم وهذا هو إرثهم ومصيرهم ومستقبلهم.

* ما تعريفك للتعايش؟

– أن نعود إلى الثورة السورية، خرجت الثورة السورية دون تقسيم سوريا أيام الجنرال غورو، عندما أراد تقسيم سوريا إلى دولة حلب ودولة الشام والدوائر الدرزية ودولة العلويين، وخرج وقتها الدروز.. سلطان باشا الأطرش الدرزي وإبراهيم هنانو الكردي وصالح العلي العلوي والتقوا مع الوطنيين السوريين العروبيين، ضد الذين يتعاملون مع الاستعمار.

* فشلت ولكن هل استسلمت؟

– كلا، لم أستسلم وسأواصل جهدي لأن تراث العرب الدروز هو تاريخ مجيد.

* ماذا حصل بشأن دروز إدلب؟

عولج الأمر من خلال عقلاء في إدلب، لأنه عندما كان النظام بفتك بمنطقة إدلب احتمى الكثير من أهل إدلب في القرى الدرزية وقاموا بواجبهم في الحماية والاستضافة ثم أرسلنا رسلا إلى تركيا وإلى الذين نعرفهم للقيام بالاتصالات مع جبهة النصرة وحتى الآن الأمور إيجابية.

* كأنك تغازل جبهة النصرة..

لا أغازل جبهة النصرة لكن هناك سوري لم يُترك له مجال إلا أن يذهب إلى جبهة النصرة، ووجد في جبهة النصرة، نصرة على إرهاب النظام السوري، فماذا أقول لهذا؟ إنه إرهابي؟ لن أقول إنه إرهابي خلافا لكل التصنيفات العربية والدولية هو ليس بإرهابي.

* من أين تنطلق بهذا التصنيف؟

– أنظر إلى المنظر العربي اليوم، دولة قطر تساند الإخوان المسلمين وتركيا تساند الإخوان المسلمين ودخلنا مجددا بعد أن فشلت محاولة التسوية نتيجة وفاة الملك عبد الله بن العزيز، الفارس العربي الكبير، تسوية بين مصر وبين قطر. وآمل أن تنجح في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز لأننا لا نستطيع أن نعرض الأمن القومي العربي وبالتحديد مصر للخطر.

ومصر بخطر الفوضى إلى جانبها في ليبيا وخطر الفوضى في سيناء، ودعا الرئيس السيسي بالأمس بتشكيل قوى عربية مشتركة لمحاربة الإرهاب ومعالجة الوضع الليبي، لم تستجب معه الدول المجاورة، كتونس والجزائر برأيي أن هذا خطأ، لا بد من مساعدة مصر، وهل المطلوب تدمير مصر؟ بعد أن دمّرت جيوش كبيرة كالجيش العراقي الجيش السوري، هل أتى أيضا دور الجيش والمجتمع المصري؟

* كيف هو المخرج لمصر؟

– أنا لا أريد أن أتدخل بالشأن المصري الداخلي، ولا بد من وجود طريق أو طرق حوار تخرج مصر من دائرة المحاكمات. ولا بد من التفريق بين عناصر الإخوان المسلمين التي وضعت في الأولوية انتماءها للإخوان قبل انتمائها المصري، ولا بد من أن يكون هناك من جماعة الإخوان من يرى أن مصلحة مصر القومية أهم من العصبية الإخوانجية.

* ما رأيك بما يحدث في ليبيا؟

– فوضى، لكن هنا تكمن أهمية وإمكانية التنسيق المصري السعودي التركي الجزائري بالموضوع الليبي، وإن ظنت هذه الدول المحيطة أن الفوضى الليبية لن تصيبهم، فهي سوف تصيب الجميع، لا يوجد شيء اسمه كيان ليبي، هناك صحراء وشعب يتخبط ومجموعات مسلحة وكميات من السلاح هائلة ومنتشرة، وصلت إلى أفريقيا.

* الحركات التي نشاهدها في المنطقة والتي تؤثر على الإسلام وكأننا رجعنا مباشرة إلى ما بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

– نعم رجعنا مباشرة إلى ما بعد أحداث 11 سبتمبر وعلى أسوأ، لأن 11 سبتمبر كان محصورا في أفغانستان، و«القاعدة» في أفغانستان، إنما اليوم هناك ظواهر جديدة لما يسمى «القاعدة»، إنما على مستوى أكبر، «داعش» على مستوى أكبر، على الأرض العربية اليوم.

* تُصر على حفظ خط رفيع بينك وبين هذه التنظيمات؟

– لست مرجعا فقهيا ولا أفهم بهذا الموضوع، لا بد من إعادة قراءة تراث جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وتراث الإصلاحيين الكبار مثل بورقيبة. وأنا شخصيا من مدرسة تنتمي للقومية العربية وزعيمها الكبير جمال عبد الناصر.

* والحاضر ماذا يقول؟

– الأمر يحتاج مقاربة فكرية. عندما يقال لنا إن عشرات الآلاف من الشباب المسلم العربي وغير العربي يذهبون للقتال في سوريا، إذن لماذا هؤلاء عندهم فراغ فكري ونفسي؟ ظاهرة مخيفة وغريبة. في العالم العربي هناك أمتان إسلاميتان، شيعية وسنية تتقاتلان على أرض عربية وتدمر تراثا وشعبا وحضارة.

* هل ترى أن المنطقة يعاد تقسيمها؟

– بالضبط كما قال مسعود برزاني إن المنطقة يُعاد تقسيمها بالدم، آنذاك بحرب الـ100 عام سنة 1914 صار هناك الحرب العالمية الأولى وأعادوا تشكيلها بالدم. اليوم هناك الدم العربي والكردي ودماء التناحر الطائفي، آنذاك لم يكن هناك تناحر طائفي أما اليوم هناك تناحر طائفي.

* هذا المخاض كيف يمكن أن يكون؟

– لا أملك أي جواب، ولا أعتقد أن أحدا يملك جوابا اليوم، أو لديه مسطرة مثل مسطرة، مستر سايكس أو مستر بيكو، لكن واحدا فقط نجح ويرقص فرحا في قبره وهو لورد بلفور، لأن أرض فلسطين كل يوم تتآكل وتتهوّد، ومشروع الدولتين انتهى، وبالوقت المناسب قد يهدم المسجد الأقصى ويقام المعبد الثالث بهذا الجنون المتصاعد لليمين الإسرائيلي.. كل شيء وارد.

التدمير المنهجي لمدن وقرى وبنى تحتية من سيدفع ثمنه إلا العرب، وحتى القنابل التي يرميها التحالف كلها يدفع ثمنها العرب، وعلى حساب التنمية المستدامة وتوزيع الثورة العربية الحلم العربي الكبير بأن يكون هذا المال النفطي وغير النفطي من أجل البحث العلمي وتطوير الزراعة. وأين ستبقى النخب العلمية؟ يا لها من صحراء قادمة.